القادة هم الأفراد الذين يعيشون بموجب قناعات تمنحهم القوة ويعلمون الآخرين كيف يستخلصون كل إمكانياتهم, بالتحول عن القناعات التي تحد من هذه الإمكانيات وأحد القادة الذين تركوا تأثيرا دائما في هي معلمة اسمها مارفا كولينز والتي تم إنتاج فيلم سينمائي عن تجربتها, كما ظهرت في البرنامج التليفزيوني المشهور (ستون دقيقة) فقبل ثلاثين سنة استخدمت مارفا قوتها الشخصية وقررت أن تترك بصمتها على المستقبل بأن تحدث تغييرا لا يستهان به في حياة الأطفال أما التحدي الذي واجهها فقد جاء مع أول وظيفة تعليمية عينت فيها في منطقة تعتبرها منطقة معزولة تسكنها أقليات اجتماعية مقهورة في مدينة شيكاغو الأمريكية كان تلامذتها من تلامذة الصف الثاني الابتدائي الذين كانوا قد قرروا بأنهم لا يريدون أن يتعلموا أي شيء غير أن رسالة مارفا كانت هي أن تؤثر في هؤلاء الأطفال لم تكن لديها مجرد قناعة بأنها تستطيع أن تؤثر عليهم (بل كانت لديها قناعة راسخة وقوة مندفعة بأنها ستؤثر عليهم تأثيرا يرافقهم طيلة حياتهم).
ولم تكن هنالك حدود أمام ما كانت مستعدة للقيام به كان أطفالها ممن يصنفون على أنهم يعانون من صعوبات اضطراب القدرة على القراءة, بالاضافة لاضطرابات متنوعة أخرى في التعلم والسلوك غير أنها قررت أن المشكلة لا تكمن في هؤلاء الأطفال, بل في الطريقة التي تتبع في تعليمهم إذ أن هؤلاء الأطفال لم يكونوا يواجهون قدرا كافيا من التحدي ونتيجة لذلك فانهم لم يكونوا يملكون قناعات تخلق لديهم الثقة في أنفسهم لم تكن لديهم أي مرجعيات تم من خلالها دفعهم للقيام بأفعال فريدة بحيث تتبين من خلالها شخصياتهم والقدرات الكامنة لديهم فنبؤ البشر يتجاوبون مع التحدي, وقد آمنت مارفا بأن هؤلاء الأطفال بحاجة للتحدي أكثر من أي شيء آخر.

ولذلك ألقت جانبا كل الكتب المقررة لمثل من هم في مثل هذا العمر وأخذت تدرسهم شكسبير وسوفوكليس وتولستوي. وقد احتج جميع المعلمين الآخرين قائلين: آن هذا لا يمكنه أن يحدث ولا توجد طريقة تمكن الأطفال من فهم هذه الكتب, بل آن بعضهم, كما قد توقع, أخذوا يهاجمون مارفا بكل عنف قائلين بأنها ستدمر حياة هؤلاء الأطفال ولكن تلامذة مارفا لم يفهموا المادة المقدمة لهم فقط, بل أظهروا نجاحا باهرا فيها لماذا؟ لأنها كانت مقتنعة بكل حماس بأن لكل طفل روحه الفريدة كما أمنت بقدرة كل طفل على تعلم أي شيء يتلقاه وقد تواصلت مع الأطفال بكل كفاءة وحب بحيث إنها حملتهم فعليا على الأيمان بأنفسهم. وكان هذا يحدث للبعض منهم لأول مرة في حياتهم التي ما تزال في بدايتها كما كانت النتائج التي حققتها باستمرار على مدى عقود نتائج استثنائية.

التقيت بمارفا وأجريت مقابلة معها لأول مرة في المدرسة الابتدائية الخاصة التي أسستها في مدينة شيكاغو وهي مدرسة ( ويست سايد ولقد قررت إجراء مقابلات بعد ذلك مع بعض تلامذتها وكان أول من قابلته طفل في الرابعة من عمره له ابتسامة آسرة وبعد أن صافحته قدمت له نفسي قائلا: مرحبا أنا انتوني روبنز
فأجاب: أهلا سيد روبنز اسمي تالمادج جريفين عمري أربع سنوات ماذا تحب أن تعرف؟
حسنا أخبرني يا تالمادج عما تدرسه حاليا
إنني أدرس أشياء كثيرة سيد روبنز
حسنا ما هي الكتب التي قرأتها مؤخرا؟
لقد أنهيت لتوي رجال وفئران, لجون شتاينبك)
من الطبيعي أن هذا أدهشني. سألته عما يتحدث هذا الكتاب وأنا أظن بأنه سيقول انه يتحدث عن شخصين هما جورج وليني.
قال: حسنا, البطل الرئيسي في الرواية هو..
حينذاك أخذت أؤمن بما أسمع * ثم سألته ماذا تعلم من الكتاب
لم أتعلم من الكتاب فقط يا سيد روبنز, بل انه نفذ إلى روحي
بدأت أضحك وسألته: ماذا تعني كلمة ينفذ؟
قال: أن ينتشر ويتخلل وما لبث أن أعطاني تعريفا أشمل مما قد أعطيه لكم
ما الذي مس مشاعرك أكثر من أي شيء آخر يا تالمادج؟
لاحظت في القصة سيد روبنز أن الأطفال لا يحكمون على أي شخص على الإطلاق بناء على لون جلده البالغون فقط يفعلون ذلك وما تعلمته من ذلك هو أنني, وان كنت سأصبح بالغا في يوم من الأيام, فإنني لن أنسى الدروس التي تعلمتها كطفل كادت الدموع تتدفق من عيني لأنني أيقنت أن مارفا كولينز كانت تزود هذا الفتى والكثيرين من أمثاله بالقناعات القوية التي ستظل تكون قراراته طيلة حياته, وليس الآن فقط آن مارفا تعزز نوعية حياة تلامذتها باستخدام مبادئ التنظيم الثلاثة التي تحدثت عنها في بداية هذا الكتاب:
  • إنها تجعلهم يرتفعون بمقاييسهم إلى مستويات أعلn.
  • وهي تساعدهم على تبني قناعات جديدة تمنحهم القوة بحيث يتمكنون من تجاوز العقبات التي كانت تقف في وجههم من قبل.
  • وهي تعزز كل ذلك بالمهارات والاستراتيجيات الضرورية لتحقيق النجاح طيلة حياتهم والنتائج.

لا يصبح تلامذتها واثقين من أنفسهم فحسب بل يتمتعون بكفاءة مذهلة والنتائج الفورية فيما يتعلق بتحصيلهم الدراسي المتميز هي نتائج باهرة, والآثار الناجمة عن ذلك في حياتهم اليومية عميقة جدا سألت تالمادج في النهاية: ما هو أهم شيء تعلمتموه من السيدة كولينز؟

أهم ما علمتني إياه السيدة كولينز هو أن المجتمع قد يتنبأ , إلا أنني أنا نفسي سأقرر مصيري
ربما كنا نحتاج جميعا لتذكر الدروس التي تعلمناها كأطفال وبالقناعات التي عبر عنها تالمادج بتلك الطريقة الجميلة فإنني أضمن أنه وكل الأطفال الآخرين في صفة سيحظون بفرصة كبرى لتفسير حياتهم باستمرار بالطريقة التي تمكنهم من تحقيق المستقبل الذي يتوقون لتحقيقه, وليس ذلك المستقبل الذي يخشاه معظم الناس.










المرجع: أيقظ قواك الخفية
اسم الكاتب: انتوني روبنز
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 101-104
كلمات مفتاحية: قيادة – قناعات – تأثير – تواصل- تحفيز – أطفال – الثقة بالنفس – معتقدات .
أرسل بواسطة: داري قدور
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=231