ما أن تتعرف على كيفية طرح أسئلة تمنحك القوة فانك لن تساعد نفسك فحسب, بل الاخرين أيضا اذ يمكنك أن تمنح هذه الأسئلة كهدية للناس الآخرين ولقد قابلت في مدينة نيويورك في إحدى المرات صديقا يشاركني العمل حيث تناولنا طعام الغذاء معا هذا الصديق هو محام مرموق وقد كنت معجبا به نظرا لحذقه في مجال الأعمال وللخبرة التي جمعها منذ أن كان شابا صغير السن ولكنه كان قد تلقى ما أعتبره ضربة مدمرة, اذ أن شريكه قد ترك شركته مخلفا له ديونا ادارية هائلة دون أن تكون لديه أدنى فكرة حول كيفية التغلب على هذا الوضع وتحويل الأمور لصالحه، تذكر أن ما كنت تركز عليه انما كان يقرر معنى هذا الموقف ففي كل وضعية يمكنك أن تركز على الأمور التي تسلبك القوة, أوتلك التي تمنحك القوة, وما تبحث عنه هو في الواقع ما تجده. المشكلة أنه كان يطرح الأسئلة الخطأ: (كيف يمكن لشريكي أن يتركني بهذه الطريقة؟ ألا يهمه أمري؟ ألا يدرك أنه بهذا يدمر حياتي؟ ألا يعرف بأنني لا أستطيع الاستمرار في العمل بدونه؟ كيف يمكنني أن أحافظ على عملي بعد أن تركني ؟ كل هذه الأسئلة محشوة بالافتراضات المسبقة حول كيفية وصول حياته إلى درجة الدمار كانت هنالك سبل عدة يمكنني أن أتدخل بها ولكنني قررت أنني قد أكتفي بطرح بعض الأسئلة عليه, فقلت له:

(لقد ابتدعت مؤخرا هذه التكنولوجيا من الأسئلة البسيطة, وحين طبقت هذه التكنولوجيا على نفسي تبين لي أن لها تأثيرا لا يصدق حيث انتزعني من مواقف صعبة. أتسمح لي بأن أطرح عليك بعض الأسئلة لكي ترى أن كانت ستنجح بالنسبة لك أيضا؟ قال: (حسنا ولكنني لا أعتقد بأن هنالك أي شيء يمكن له أن يساعدني في الوقت الحاضر ولذا بدأت بتوجيه أسئلة الصباح ثم أسئلة حول المشكلات التي تواجهه، بدأت بالسؤال: ما هو الأمر الذي يسعدك الآن؟ أعرف أن هذا يبدو سخيفا ومضحكا ومفرطا في التفاؤل, ولكن فكر, ما هو الذي يسعدك؟ وكان جوابه المبدئي هو: (لا شيء ولذلك قلت له: (ما الذي يمكنه أن يسعدك في هذا الوقت بالذات آن كنت تريد أن تكون سعيدا؟ قال: (أنا سعيد فعلا لعلاقتي الحميمة مع زوجتي) قلت له (كيف تشعر حين تفكر في علاقتك الحميمة مع زوجتك ؟ أجاب ( هذه إحدى الهبات التي لا تصدق في حياتي ( قلت (انها سيدة استثنائية, أليس كذلك؟ وبذا بدأ يركز عليها ويشعر شعورا استثنائيا.

قد تقول بأنني كنت أكتفي بصرف ذهنه عما يشغله لا, بل كنت أساعده لكي ينتقل إلى وضعية أفضل, وحين تكون في وضعية أفضل يمكنك أن تتوصل لأساليب أفضل في التعامل مع التحديات كان علينا أولا أن نكسر النمط وأن نضعه في بيئة عاطفية ايجابية، سألته من جديد ما الذي كان يسعده أيضا في ذلك الحين وهنا بدأ يتحدث حول ما يجب أن يسعده لأنه ساعد لتوه كاتبا على توقيع عقد لأول كتاب له وأن الكاتب كان سعيدا بذلك وقال انه كان يجب أن يشعر بالفخر ولكنه لم يكن كذلك قلت له: إذا شعرت بالفخر فكيف يكون شعورك في هذه الحالة؟

حينذاك أخذ يفكر كيف يمكن لهذا الأمر أن يكون عظيما وأخذت وضعيته تتغير على الفور قلت: (ما الذي تشعر بأنك فخور به؟ أجاب (انني فخور فعلا بأبنائي, فهم أبناء متميزون, اذ انهم ليسوا ناجحين في أعمالهم فحسب, بل انهم يهتمون بالناس أيضا. انني فخور بما حققوه كرجال ونساء وبأنهم أبنائي انهم جزء من ثروتي) قلت (كيف تشعر حين تدرك بأنك حققت مثل هذا التأثير؟ وفجأة عاد إلى الحياة ذلك الإنسان الذي كان مقتنعا قبل ذلك بأن حياته قد انتهت استفسرت منه ما الذي يدفعه للشعور بالامتنان فأجاب:

بأنه يشعر بالامتنان فعلا لأنه استطاع أن يتجاوز أوقاتا صعبة حين كان محاميا شابا يجاهد لتحقيق طموحاته وأنه بنى لعمله مسارا من القاع إلى القمة وأنه يعيش حلمه ثم سألته (ما الذي تشعر بأنه أثار فيك الحماس؟ قال: إن ما يثيرني في الواقع هو أن أمامي فرصة لتغيير الأمور في هذه اللحظة وكانت هذه هي المرة الأولى التي أخذ يفكر فيها بهذا الأمر, وكان هذا ناتجا عن تغييره لوضعيته بشكل جذري سألته (من تحب, ومن يحبك؟ وهنا أخذ يتحدث عن عائلته وعن العلاقات الحميمة التي تربطهم ببعضهم البعض.

ولذا سألته: (ما هو الأمر العظيم في أن شريكك سيتركك؟ فأجاب: أتعلم أن العظيم في هذا الأمر هو أنني أكره المجيء إلى مدينة نيويورك انني أحب أن أبقى في بيتي في ولاية كونيكتيكيت) وتابع, وهنا بدأ يتحدث عن سلسلة من الاحتمالات وقرر بكل حزم أن ينشئ مكتبا في كونيكتيكيت لا يبعد أكثر من مسافة خمس دقائق عن بيته, وأن يأخذ ابنه ليعمل معه, وأن يضع جهازا يرد المكالمات في نيويورك أخذ يشعر بالاثارة بحيث انه قرر أن يذهب على الفور ويبحث عن مكتب جديد.

وفي غضون دقائق كانت قوة الأسئلة قد أخذت تفعل مفعولها وكأنها السحر لقد كان دائما يملك الموارد التي تمكنه من التعامل مع هذا الأمر, غير أن الأسئلة التي تسلبه القوة والتي طرحها جعلت قوته صعبة المنال, وجعلته يرى نفسه وكأنه أصبح رجلا عجوزا فقد كل ما بناه. لقد منحته الحياة في الواقع هبة هائلة غير أن الحقيقة ظلت غائمة إلى أن بدأ يطرح على نفسه أسئلة من نوعية تمنحه القوة.








المرجع: أيقظ قواك الخفية
اسم الكاتب: انتوني روبنز
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 207-209
كلمات مفتاحية: التغلب على المشكلات – أسئلة القوة – كسر الأنماط – تغيير إطار الإدراك
أرسل بواسطة: عماد الشيخ حسين
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=241