الهمة العالية مطلب عظيم يتمناه أصحاب النفوس الكبيرة التي تتوق إلى المعالي، وقوة الإرادة هي حافز هذه الهمة العالية فبدون هذا الحافز لن يكون هناك إلا الفشل الذريع ولا سواه!! جاري محمد الذي يسكن بالقرب مني والذي لم يكمل حتى المرحلة الابتدائية بسبب الظروف المزرية المادية التي كانت تعاني منها أسرته الفقيرة مما دفعه إلى ترك الدراسة والاتجاه إلى الاعمال الجسدية المرهقة (حمًال) أو بما يسمى في بعض البلدان العربية (عتّال) بحيث يقوم بحمل المتاع أو اكياس المواد الغذاية في الدكاكين أو المحلات التجارية رغم سنه الصغير الذي فارقته بعدها متجهاً للعاصمة للعمل وكان عمره حينها حوالي 13 سنة.

انقطعت أخبار محمد عني لاني كنت منشغلاً ومنهمكاً في عملي واشغالي ومرت الايام والشهور والسنوات التي بلغت ثمان سنوات وعند زيارتي الغير دائمة لمسقط رأسي في مدينتي الصغير الشبيهه بقرية نائية وعند نزولي من السيارة التي سافرت بها من العاصمة إلى القرية لحوالي 6 ساعات متواصلة وجدت في مكان تجمع السيارات ما يسمى (بالفرزة) لمحت شخصاً كنت أعرفه قبل ثمان سنوات وعندما اقتربت منه وإذا به جاري محمد الشاب الذي تركته صغيراً وعمره 13 عاماً وإصبح الان في 21 عاماً باضافة السنوات الثمان التي مرت ولم ألتقي به، لمحته وهو تحت مظلة كبيرة وراء طاولة تمتلئ بخزانات الشاي والأكواب المرصوصة أمامه والزبائن المزدحمين حوله يطلبون أكواباً من الشاي.

رآني محمد وابتسم ابتسامة الفرح عندما رآني وترك الزبائن واتجه يحتضنني مرحباً بعودتي بسلامة الله وكان في رأسي الف سؤال وسؤال لكن مع زحمة الزبائن والارهاق الذي اشعر به من السفر أجلت سؤال محمد عن احواله. حانت فرصة لقاء محمد والتقيت به في مكان عمله الذي يقوم به واخبرني بكل التفاصيل والدراما اللذان مرا بهما وعن وفاة والده وتحمله مسئولية والدته واخواته الصغار بنتين وثلاثة ابناء صغار السن واخبرني كيف انتقل من عمل مرهق الى عمل ارهق واشد حتى استقر في عمله الحالي في بيع الشاهي في مكان تواجد سائقي سيارات النقل وسائق الدراجات النارية وكيف كسب من هذا العمل وجعله يقوم بالنفقات على اسرته وايضاً على بناء منزل يمتلكه يعيش به مع اسرته بعد ان كانوا في بيت ايجار ويستعد الان للزواج.

خلاصة القصة: شخصية محمد قد تتكرر في كل مكان لكن ما فعله محمد قد لا يتكرر في اي مكان بس قادر كل شخص بأن يعمل ما عمله محمد، ويكفيني فخراً بأن محمد رغم سنه قام بتطبيق ما اقوم انا وغيري بتدريبه للاخرين في مجال التنمية البشرية من قوة الارادة والتغيير من السلبي الى الايجابي والفرق بيني وبين محمد بأني امتلك المعلومة النظرية بينما هو يمتلك المعلومة التطبيقية.








المصدر: من الحياة الواقعية
الكلمات المفتاحية: إصرار، إرادة، تحدي،مواجهة العقبات، الصبر.
أرسل بواسطة: كمال الأحمر
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=746