كانت هذه الشركة مسرحاً لخيال اوديرا الذي عرف كيف يدرس السوق وحاجاته واحتياجاته، حتى أنه كان خلال الحروب يدرس كيف يستطيع أن يستفيد وأن يفيد، لذلك دخل مجال الرادارات واللمبات، ولكن كل أحلامه تلاشت بعد الحرب حيث أن القوات التي احتلت اليابان أغلقت 19 مصنعاً لهيتاشي، وضع هذا الأمر الشركة في وضع محرج للغاية، لأن إغلاق المصانع التي ازدهرت وتوسعت خلال الحرب، وأضرار الحرب بشكل عام، إضافة إلى مشكلات العمال، أدخلت الشركة في مخاطر الإفلاس، ولم ينقذها سوى عقود القوات الأميركية خلال الحرب الكورية.

شهدت فترة الخمسينات اختيار هيتاشي موزعاً أساسياً ووحيداً لـ Nippon Telegraph & Telephone (NTT)، وركز اوديرا على ما بعد الحرب بخاصة الفترة التي كانت اليابان تنهض فيها من كبوتها وخسائرها الجسيمة، وبدأ بتصنيع الأدوات الكهربائية، ومنها الهواتف وأجهزة الإذاعة والاتصال. وفي العام 1956 أنشأت هيتاشي شركتين Hitachi Metals & Hitachi Cables واتبعتها العام 1963 بـ Hitachi Chemical.

ساعدت NTT شركة هيتاشي كثيراً واستطاعت إنتاج أول كمبيوتر لها العام 1965، كما أنشأت مصانع في جنوب آسيا خلال الستينات. وفي العام 1974 طرحت جهاز كمبيوتر متوافقاً مع IBM وباعت أجهزتها في أميركا عن طريق شركة ايتل حتى العام 1979، وبعد ذلك عن طريق ناشيونال ادفانس سيستمز.

واجهت هيتاشي هزة أخرى بعد الحرب ولكن هذه المرة عن طريق موظفيها. كان ذلك العام 1982 عندما اكتشفت المخابرات الفيدرالية الأميركية FBI تسويق أسرار برنامج IBM في أجهزتها وكسبت IBM قضية مدنية بلغت قيمة تعويضها العام المقدم من 300 إلى 500 مليون دولار ومبلغاً شهرياً يدفع لمدة 8 سنوات كتعويض عن البرامج بقيمة تبلغ الثلاثة ملايين شهرياً.

مع بداية الثمانينات تأثرت الصادرات بعد صعود الين، ما أجبر الشركات المصنعة، بما فيها هيتاشي، على التركيز على السوق المحلي، الأمر الذي أدى إلى ركود كبير. وتعاقدت الشركة مع Texas instrument وواجهت مشكلات مع Motorola تم حلها العام 1990، وعلى الرغم من مشكلاتها مع IBM بدأت هيتاشي بيع الكمبيوترات المحمولة تحت اسمها في اليابان.

آمنت الشركة كثيراً بالاتحاد مع شركات خارجية لتأمين الحضور العالمي. ومن عقودها الخارجية المهمة تعاملها مع "تاتا" في الهند، التي أعطتها الفرصة للدخول في سوق الهند الكبير. وواجهت هيتاشي بعض المشكلات مع شرطة طوكيو العام 1997 في أمور تتعلق ببعض الفضائح، وتخطتها، لكن أرباحها انخفضت وتأثرت.

بعيداً عن كل الهزات التي تعرضت لها منذ تأسيسها استمرت هيتاشي تلعب دوراً مهماً في خارطة الصناعة العالمية، وذلك كله بدأ بدافع وطني غيور على مصلحة أبناء وطنه، فوجد لهم فرص عمل ساعدتهم على الإنتاج والابتكار. ولا شك في أن الثورة الصناعية والاقتصادية تدين بالكثير لهيتاشي ومؤسسها ناميهاي اوديرا.












المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 64 - 66
كلمات مفتاحية: معرفة احتياجات السوق – مواجهة الأزمات – الابتكار – التطوير
أرسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=443