تخرج سميث في جامعة "يال" حاملاً شهادة في الاقتصاد العام 1966، وانخرط في البحرية واكتسب خبرة لا بأس بها في حرب فيتنام، وزادت هذه التجارب من حبه للمخاطرة والمغامرة، وتزوج مرتين وأنجب سبعة أولاد.من المفارقات أن سميث لم يبدأ المشروع بتقديم خدمة البريد السريع لعامة الناس والشركات، لكن المشروع بدأ عندما فكر بإنشاء شركة لنقل النقد الاحتياطي الفيدرالي من منطقة إلى أخرى، مما يوفر على الحكومة 3 ملايين دولار، تعطي كعهدة نقدية حسب تقدير سميث، وهكذا، فإن اسم شركة فيديرال اكسبرس انبثق من هذا المبدأ.العقد الذي ناقشه سميث مع السلطات الفيدرالية لم يتحقق أبداً لأن المفاوضات فشلت، لكن صاحب الشخصية المخاطرة كان قد اشترى طائرتين من قروض بنكية كبيرة، ودفع كل ما ورثه من والده، ما اعتبره الكثيرون جنوناً، بخاصة أن الحكومة لم تكن قد وافقت على المشروع بعد.

تم الإعلان عن المشروع في 28/6/1971. وكان لدى سميث البالغ من العمر 26 سنة، شركة وطائرات ولكن من دون عقود مع الحكومة. وعن ذلك يقول: "لو أنني نجحت في توقيع عقد نقل النقد الاحتياطي مع الحكومة، أعتقد بأن شركة فيديرال اكسبرس لن تكون على ما هي عليه الآن من حيث النشاط، لأن فكرة تقديم خدمة النقل السريع للعامة لم تراودني إلا عندما فشلت في توقيع العقد مع الحكومة، كان عليّ أن أبتكر لكي أستمر".

كان الاستغراب السائد وقتها أنه بدل أن تبدأ شركة من الصفر في التوصيل السريع، يجب على مؤسسات كالبريد المركزي وخدمات البريد المتحد، والتي كانت موجودة قبل 8 سنوات من إنشاء فيديرال اكسبرس، أن تفكر في هذا النشاط لو كان الأمر بهذه السهولة. وفي الحقيقة أن هذه الشركات سخرت من فكرة سميث، لكنه قرر المضي في تحقيق حلمه الذي بدأ مع البحث الجامعي في جامعة "يال" ، والذي كتب عليه الأستاذ تعليقاً يعطيه كل الأسباب التي تقف عائقاً في تحقيق هذه الفكرة الميتة قبل أن تولد. غير أن سميث كان لديه رأي آخر، ولم يعر رأي أستاذه اهتماماً، وبدأ بالتوصيل عن طريق الدراجة والصرة داخل ممفيس.

يقول سميث إن ما شجعه على تأسيس فيديرال اكسبرس كان التأخير الواضح في تسلم أي شيء يريده الناس عبر الشحن الجوي داخل الولايات المتحدة الأميركية.بدأت المرحلة الفعلية لفيديرال اكسبرس في إبريل (نيسان) 1973، وعانت كثيراً خلال الأعوام الأربعة الأولى، غير أن قرار سميث بعدم الاستسلام، مهما حصل، أثبت صوابيته، وأصبحت فيديرال اكسبرس في العام 1983 أسرع شركة في التاريخ تحقق مدخولاً بلغ مليار دولار.وتعد هذه الشركة من أعظم الشركات في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين.

أمضى سميث أياماً صعبة في الأبحاث، وكان يحاول إقناع المجتمع المالي بصلاحية فكرته وجدواها، ولم يكن أحد يتصور أن تصل هذه الفكرة التي رفضها كل من سمع بها في البداية إلى امبراطورية قبلت الطريقة التي كان يعمل بها الناس إلى الأبد واستقطبت أساطيل الطائرات، مركبات الشحن والسيارات والدراجات النارية. ووجدت وظائف لملايين البشر في جميع أنحاء العالم.









المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 248 - 251
كلمات مفتاحية: الايمان بالفكرة – التصميم – القرار – الاصرار - العزيمة
أرسل بواسطة: علاء الين منلا أحمد
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=511