دخلت الولايات المتحدة الأميركية الحرب العالمية الأولى بعد انتهاء مدرسته، فعمل راي كروك في بيع حبوب القهوة من منزل إلى آخر. كان متأكداً من أنه سينجح في حياته من دون أن يعود إلى المدرسة أو يأخذ شهادة. كان يريد أن يساهم خلال الحرب ولكن أهله عارضوه بشدة، فنجح في إقناعهم بالعمل في الصليب الأحمر وزور عمره ليستطيع أن يقود سيارة الإسعاف. وكان معه في الموقع نفسه شخص آخـر زور عمـره وكان صديقاً له وهو "والت ديزني" الشهير.تم توقيع معاهدة صلح قبل ذهابه إلى فرنسا، فترك الصليب الأحمر وعاد إلى البيت لا يعرف ماذا يفعل. أقنعه أهله بالعودة إلى المدرسة ولكنه لم يصمد أكثر من فصل واحد. عن ذلك يقول: "لم تتغير مادة الرياضيات كثيراً منذ أن تركتها". أراد أن يعزف الموسيقى مقابل المال، وهذا ما فعله.بحث راي كروك منذ صغره عن طرق لتحسين وضعه ومعيشته. وعن ذلك يقول راي: "عندما كنت طفلاً، رأيت والدي يكافح ويجهد ويتعب ليحصل على راتب متواضع. لذا قررت أن أكسب المال، وكنت أعلم أن الطريقة الوحيدة لذلك هي إيجاد الفرصة المناسبة. ولتحصل على الفرصة المناسبة يجب أن تقتنص أية فرصة تأتي إليك، وهذا ما فعلته دائماً".

تزوج راي كروك وهو في العشرين من عمره، فترك العزف على البيانو ليعمل بائعاً في شركة ليلي ـ توليب للأكواب. ولم تمض فترة طويلة حتى عاد إلى الموسيقا وأصبح المدير الموسيقي لراديو شهير في شيكاغو اسمه WGES. كان يلعب البيانو، وينسق الأغاني، ويرافق المغنين ويؤمن الموسيقيين. ومن أهم ابتكاراته فريق يقدم أغاني كوميدية تحت اسم سام وهاري والذي اشتهر في ما بعد تحت اسم "اموس واندي". بعد حوالي العام ونصف العام من بدء عمله في الإذاعة، ترك راي كروك عمله ليبحث عن فرصة جديدة في بيع العقارات في فلوريدا، حيث عمل في أوج نهضة بيع الأراضي عام 1920.

لكن عندما انهارت هذه النهضة عام 1926 انتهى الأمر براي كروك مفلساً ومعدماً، فاضطر مجدداً للعمل في نايت كلوب ليكسب بعض المال ليستطيع أن يرسل زوجته إلى شيكاغو في القطار. وبعد ذلك بفترة عاد هو إلى شيكاغو في سيارة فورد موديل "ت".

عن تلك الفترة السوداء في حياته يقول راي كروك: "كنت مفلساً تماماً، ولم يكن لدي معطف ولا جاكيت ولا حتى قفازات قدت السيارة إلى شيكاغو على أرض جليدية. ولما وصلت إلى المنزل كنت متجمداً من البرد ومحطماً نفسياً" . على الرغم من هذه الأيام الصعبة، كان لديه حلم بأنه سيكون له شان كبير في المستقبل. لم يكن يعلم بالضبط كيف ومتى وأين سيحصل هذا، ولكنه كان واثقاً، وكل ما كان يفعله هو البحث عن الفرصة التي ستوصله إلى ما يصبو إليه.

عاد راي كروك بعد فشله في بيع العقارات إلى عمله القديم في شركة ليل ـ تواليب، وبعد فترة قصيرة أصبح مدير المبيعات. وفي العام 1937، وكان عمره 35 عاماً شاهد اختراعاً جديداً وهو عبارة عن آلة خلاط اسمها Prince Castle Multimixer وهي تخلط خمسة أنواع من الميلك شايك في قوت واحد. قال في نفسه حينها "هذه هي الفرصة"، واستغلها.

وبعد حوالي 17 عاماً من عمله في بيع الأكواب وتسلقه إلى قمة سلم المبيعات في الشركة، أحس راي كروك بأن الوقت قد حان ليكون لوحده ويكون مدير نفسه. لذلك استقال من عمله وأبرم صفقة مع مخترع الخلاط وأقنعه بأن يكون موزعه الأوحد في الولايات المتحدة. ويقول راي كروك عن هذه الحقبة: "لم يكن من السهل أن أتخلى عن وظيفة تعطيني الأمان والاستقرار المادي لأبدأ عملاً حراً غير مضمون النتائج. لقد صعقت زوجتي عندما علمت بقراري وشككت به قابلة: "ربما كان الخلاط جيداً ولكن ما الذي يضمن استمراره، ربما كان موضة أو بدعة وستنتهي". وكان جوابي مقتضباً: يجب أن تثقي بحدسي وأنا واثق تماماً بأن هذا المشروع سينجح.

انغمس راي كروك لمدة 20 سنة يطوف جميع أنحاء البلاد ليبيع خلاطه ويقنع العالم به. وعلى الرغم من أن ذلك أكسبه بعض المال، لكنه اكتشف أنها ليست الفرصة التي كان ينتظرها.

كانت مغامرة جيدة بالنسبة إليه ولم يحس باليأس أبداً، وكان يقول دائماً: " طالما أنت أخضر فذلك يعني أنك تكبر، أما إذا كنت ناضجاً جداً فإنك ستبدأ بالزوال. لذلك كنت أحس بأنني دائم الاخضرار". كما كان يقول دائماً: "أنت جيد بقدر جودة الأشخاص الذين يعملون معك".








المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 271 - 274
كلمات مفتاحية:إصرار – اقناع – البحث عن فرص – المرونة – التغيير – الأمل - عد م اليأس
أرسل بواسطة: أحمد الخطيب
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=522