على الرغم من أن غالبية الناس يعتقدون بأن نشاط شركة "هايونداي" هو تصنيع السيارات، إلا أن "هايونداي" هي كناية عن مجموعة شركات تعتبر أكبر مجموعة في كوريا، ولديها 43 نشاطاً مختلفاً ومتنوعاً، وتعمل جميعها تحت هذا الاسم الكبير.ويقدر حجم المبيعات السنوي للمجموعة بـ 50 مليار دولار أميركي. ومن أهم نشاطاتها: صناعة السيارات، تصنيع السفن والبواخر، بناء المصانع، الهندسة والإعمار، الإلكترونيات والكهربائيات، المواد البتروكيميائية ومصافي البترول، إضافة إلى نشاطات مختلفة في القطاع التجاري والبحري والخدمات. هل تعتقد، عزيز القارئ، بأن هذه النشاطات بدأت بتخطيط منظم ودقيق لعدد من الأدمغة المفكرة والرساميل الضخمة؟

في الحقيقة كل ما تكلمنا عنه بدأه شخص فقير معدم كان يقتات من أجره اليومي كعامل بناء. إنه شونغ جو ـ يونغ، الذي دفع بطموحه وجهده، ومن خلال أعماله، كوريا الجنوبية إلى الواجهة، وكان أول من أسهم في نهضتها الاقتصادية والتجارية.

ولد شونغ جو ـ يونغ العام 1915 من عائلة فقيرة جداً. كان أبوه مزارعاً في قرية نائية في كوريا الجنوبية. ترك قريته خالي الوفاض، ومن دون مال، وتوجه حاملاً أحلامه وأمنياته إلى سيؤول باحثاً عن مهنة يعيش منها. وكانت البداية عامل بناء في الورش والمواقع يحمل فيها الحجارة وينقل الطين تحت أشعة الشمس مرة وتحت الأمطار مرة. عانى شونغ جو ـ يونغ كثيراً، وكانت لقمة عيشه ممزوجة مع عرق جبينه، وأعطته هذه البداية دافعاً ليقوي قدراته الشخصية ويكتسب صبراً وعزيمة على تحسين وضعه المهني والاجتماعي. كان شخصاً إيجابياً إلى أبعد الحدود ونشيطاً، ويأخذ الأمور بمسؤولية وجدية كبيرتين.

وفر شونغ جو ـ يونغ مبلغاً من المال من خلال عمله الشاق، وهو لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد.

بدأت الحرب العالمية الثانية ولم يعد لعمال البناء عمل في ظل حرب مدمرة وشرسة. لم ييأس شونغ جو ـ يونغ، وعمل في ورشة لتصليح السيارات والشاحنات العسكرية، وتعلم هذه الصنعة، واستمر فيها إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. بعد حوالي 5 سنوات من انتهاء الحرب، افتتح شونغ جو ـ يونغ ورشة لتصليح السيارات، وكان ذلك العام 1946، وكان عمره حينها 32 عاماً، وبعدها بسنة، وبسبب طموحه اللامحدود، أسس شركة للهندسة والمقاولات أسماها "هايونداي"، وهي كلمة كورية تعني "الوقت الحاضر".

حققت الشركة نجاحاً كبيراً، بخاصة أنها كانت أول شركة كورية تربح عقوداً خارجية لبناء مشروعات خارج كوريا الجنوبية، ما أعطاها مكانة خاصة بين الشركات الأخرى، وأرسى قواعدها وبنيتها الأساسية. كما أسهمت الشركة في شكل أساسي في عملية البناء والأعمار بعد الحرب بين الكوريتين، والتي يفقد شونغ جو ـ يونغ خلالها الثقة في أن الأمور ستتحسن وتتطور، وأن الوضع القائم هو وضع القائم هو وضع مرحلي وسيزول حتماً.

من ميزات شونغ جو ـ يونغ أنه كان شخصاً مقداماً ومخاطراً من الدرجة الأولى. لذا بلغ حبه للمغامرة درجة المقامرة، وكان سبباً أساسياً للنظر إلى خارج حدود كوريا، والتوجه إلى بلاد لا يعرفها ليسوق أفكاره وخدماته. كان دائم البحث عن الغريب والمميز. لذا ذهب بمشاريعه إلى مناطق محفوفة بالخطر، وفي ظروف طبيعية صعبة للغاية كغابات جنوب شرقي آسيا وإلى مناطق الاسكا. وعلى الرغم من مخاطرته ونظرته الدائمة إلى ما وراء الأفق وزرع مشاريعه فيها، إلا أنه لم ينس بلاده كوريا. ويدين له الكوريون بالكثير، حيث كان له دور مهم في بناء البنية التحتية لكوريا من جسور وطرقات ومصانع للطاقة النووية، وغيرها من المرافق الحياتية الأساسية الهامة.










المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 80 - 82
كلمات مفتاحية: تطوير المهارات الشخصية – الصبر – العزيمة – التحدي – الإيجابية - الرؤية
أرسل بواسطة: