سبعة أبعاد لصورة الذات الإيجابية

1- التفكير الإيجابي:


كن واعياً بأن كل شيء جيِّد كما هو عليه.


هذه الجملة هي اختبار حقيقي للتفكير المنسجم. وكل اعتراض (حتى ولكن) يشير إلى انعدام الانسجام والتناغم في التفكير.
الأمر لا يدور مطلقاً حول التفكير بأن كل شيء جميل، وكنس المشاكل إلى ما تحت البساط، بل حول التعرف على الواقع من وراء المظاهر.
إنّ مظهر إنسان آخر قد يكون كئيباً وقبيحاً وعدوانياً وشريراً. يبدو أنّ التفكير الإيجابي لن يقبل بهذا المظهر بل يذهب إلى الأعماق، ويتعرف على (الطيبة والخير) وراء المظهر المشوه على هذا النحو: لأن كل شيء سوف يفيدني ويساعدني فقط.
وينتمي إلى ذلك أيضاً السير عبر الحياة بانتباه وإصرار، وبثقة تامة وبروح من الفكاهة، وفعل كل ما يجب فعله بطمأنينة، وبشعور من الامتنان للتعرف على الواقع الكامن خلف الظاهر الزائف، والعيش في سكينة الوجود المليء المفعم بالوفرة.
هذا ولا يجوز أن يساء فهم (الخير) كواقع وراء الظاهر، واعتباره (مقولة أخلاقية). ففي اللحظة التي أدركت فيها (الخير) في كل شيء (بمعنى المفيد، والمعقول، والمتحد، والدافع إلى الأمام)، تعرفت على جوهره خلف المظاهر.
التفكير الإيجابي إذن هو في الواقع ذلك التفكير الذي يخرق الظاهر ويذهب إلى العمق. إنّه يعفينا من قسر الحكم على كل شيء والاضطرار لإدانته بسلبية.
وهذا التفكير مرتبط دائماً بالحبّ أيضاً؛ لأن كل شيء هو الحب، إعلان حب الحياة لنا نحن البشر. التفكير الإيجابي الصادق يكتشف الحب في كل شيء.

2- الإحساس الإيجابي:
التفكير الإيجابي والصحة العقلية يقودان أيضاً إلى الإحساس الإيجابي: قبول البشر بانفتاح وبتوازن، وتقبل ما هم عليه، فجميع البشر هم مخلوقات الإله الواحد. فلا أحد من البشر أفضل أو أسوأ. ولكل فرد وظيفة أخرى ويقف في مكان آخر.
لابدّ من الإيجابية إزاء المشاعر والأحاسيس: أن يقف الإنسان إزاء مشاعره مفعماً بالثقة واليقين، ويكون لديه إحساس بأنّه يستحق أن يعيش الحياة بملئها. ويكتفي بمراقبتها، وليس تقييمها، ويدع الأمر الصائب السديد يحدث بكل محبة.
وينتمي إلى الإحساس الإيجابي، الصور الإيجابية؛ لأنّها أحاسيس مصاغة مقولبة. وإن صورنا وأحاسيسنا الداخلية تحدد بنسبة 95% كياننا؛ ولذا فمن الأهمية البالغة صياغة عالم المشاعر والصور الداخلية بإيجابية بواسطة قوة التخيل. انتبه دائماً إلى ما يلي: أيّة أحاسيس مرتبطة مع أيّة صور، وأيّة صور داخلية مع أية أحاسيس..؟ فمثلاً عندما تشعر بإحساس العبثية أيّة صورة تربطها بذلك؟

3- الإرادة الإيجابية:
الإرادة هي أداة إبداع مفعمة بالقوة، وطاقة مركزة على نقطة: توحيد النية الواضحة والإيمان الذي لا يتزعزع وطاقة الفعل المجمعة.
والإرادة الإيجابية تهتم باستبعاد الإرادة الخاصة المركزة على الأنا، التي تريد أن تضع الذات في الصدارة فقط. الإرادة الإيجابية كأداة إبداع تعمل بانسجام وبأخلاقية إلى أبعد الحدود: إنها لا تسعى لفرض الإرادة الخاصة، بل ترغب فيما هو جيِّد للآخرين أيضاً، الإرادة الإيجابية تعني بالمغزى المفهوم تماماً: "ليس مشيئتي، بل لتكن مشيئتك" وليست هذه دعوة إلى السلبية، بل إن إرادتي هي إرادتك. وضمن إرادتي أنقل إرادتك نحو الإبداع.

4- الكلام الإيجابي:
يتكلم كثير من البشر باستمرار دون أن يقولوا شيئاً. ثمّ يتكلمون عن البشر الآخرين أو يستخدمون المستمعين كسطل نفسي للقاذورات.
الكلام الإيجابي يعني تعلم التعبير بوضوح وإيقاف التضخم في الكلام، وعدم تقديم نصيحة لم يطلبها أحد، وتعلم الصمت.
وأن يكون الإنسان صادقاً في الكلمة والفعل ويقدم هدايا بالكلمات ويعمل على التشجيع وبذل العزاء ولا يستخدم الكلمات إلا في سبيل المساعدة والشكر والبركة.
وينتمي إلى الكلام الإيجابي الإصغاء الإيجابي والاستماع إلى ما يقوله الآخر والاستجابة له. إنّ الكثيرين يغلقون أسماعهم فقط – بالمغزى الحقيقي – إنّهم يغلقون أفواههم وآذانهم، ليأخذوا استراحة من كلامهم الخاص، ويستعدوا لسيل الكلام المقبل، وبهذا الانغلاق لا يستجيبون لشيء مما قاله الآخر.
ولدينا أيضاً كلام داخلي، وهو هذه الثرثرة المستمرة. ومن الأهمية بمكان إسكات هذا الكلام الداخلي، (كمقدم للنصيحة غير مطلوب) ومحاولة ضبط نغماته، إيجابياً، وليس هذا فحسب بل جعله يصمت بقدر الإمكان. الحياة موجودة أيضاً حيث يخيم الصمت، فالصمت والهدوء هما نغمات الروح. وفي الصمت تتواصل القلوب معاً.

5- الفعل الإيجابي:
الفعل الإيجابي يحوِّل كل ما يقال إلى فعل. والفعل الإيجابي محك الاختبار فيما إذا كانت الإيجابية معاشة حقاً.
وينتمي إلى الفعل الإيجابي، إمعان الفكر، والإحساس المرهف، والفعل المتسامح، وأن يكون المرء محباً، وبنّاءً ومعيّناً، وملتزماً بوعوده، وأن يبقى جديراً بالثقة ومراعياً وثابتاً مثابراً، بغض النظر عن توقعات الآخرين. وأن أكون واعياً بمسؤولياتي وذاتي في كل شيء أفعله.
وأن أتعلم الأخذ والعطاء، وأن أفعل الصواب في اللحظة الصائبة.
إنطلاقاً من (القيادة الداخلية). وأن أتناول من الطعام المناسب باعتدال ووعي أيضاً. وأحترم بقلب منشرح ومتحرر، حرِّية الآخرين.
الفعل الإيجابي هو الحركة: أن يحرك المرء نفسه والآخرين ويتحرك بشكل مختلف.

6- الوعي الإيجابي:
ليس مصدر الوعي الإيجابي بالتأكيد نشرات الأخبار اليومية.
فالمنبع والمصدر هو في الداخل. وحتى لا نكتفي بالتفكير الإيجابي. وإنما نمتلك (بالمعنى المتكامل) وعياً إيجابياً، يجب علينا الذهاب بانتظام إلى الصمت ونأخذ لأنفسنا وقتاً من أجل التأمل والصلاة.
وهذا ما يؤدي إلى أن يصبح الإنسان – من خلال معرفته للحقيقة والواقع – منسجماً ومطمئناً وغير ذاتي، وكل شيء موجّه لتوسيع الوعي والوصول إلى الوعي الأعلى.
وأخيراً يعني الوعي الإيجابي التعرف على الذات نفسها كوعي – ومن يدرك، ذلك، فلن يخرج من ابتسامته الداخلية بعد ذلك.
هذه المعرفة العميقة للذات تكتب على وجهه.

7- الحياة الإيجابية:
الحياة الإيجابية تعني أن يعيش المرء فعلاً، وليس فقط المحافظة على حياته. بل أن يقودها ويشكلها، وأن يكون مبدع حياته الخاصة وظروف حياته الخاصة، وينتمي إلى ذلك قبل كل شيء – مراعاة القوانين الفكرية، والسير عبر الحياة باطمئنان وبلا قلق، من خلال معرفة أن كل شيء (غير ذي شأن). وأن يُراعي العلاقات المنسجمة، ويسعد أيضاً بالأشياء الصغيرة. وأن يحب الحياة، ولكن أن يكون مستعداً للذهاب منها في أي وقت، ولكن مادمت أحيا، فلأعش بصحة جيِّدة وبتعقل وبمثالية. وأن أوجّه وجودي إلى الإله الأعلى، وأن أرى آيات وجوده في كل شيء.
واملأ كل لحظة بوعي وامتنان. وأن أعيش حاضر الذهن ومتعقلا.

* للتذكر:
* لا تحدد الحياة في تكاملها من الصور الإفرادية، وإنما من صورة الذات المتكاملة.
* بغية تحقق سيرة الإمنيات (كتكليف مستمر للحياة) ينبغي تثبيتها وإرساؤها كصورة مثالية للذات.
* إنّ صورتنا الذاتية الداخلية غير الواعية إلى حد بعيد تعبِّر عن نفسها بالشكل الأكثر وضوحاً في صورة ظروفنا الحياتية: وعندما تكون صورتنا الذاتية هي الشريحة الزجاجية الداخلية المصورة، فسوف تكون حياتنا المتحققة عبارة عن إسقاط على شاشة الظروف الحياتية.
والصورة المسقطة هي "انعكاس صادق" للشريحة الزجاجية الداخلية المصورة (السلايد).
* لابدّ من النظر إلى الصورة الذاتية المثالية في أبعادها الإيجابية السبعة: التفكير الإيجابي، والإحساس الإيجابي، والإرادة الإيجابية، والكلام الإيجابي، والفعل الإيجابي، والوعي الإيجابي والحياة الإيجابية.