عندما نوجد الارتباط بين ماذا ولماذا يبقى الانطلاق إلى كيف. إن عملية اختيار الكيفية موجودة عميقاً في منطقة بين ما نسميه بنمطي التحكم والانطلاق في الفكر والريادة. فلو كان النمط هو نمط التحكم لكان معنى ذلك أن الفرد يجب أن يكون تحت الإشراف الدقيق حتى يمكنه الإنتاج وتحقيق المطلوب. والعكس فإذا كان النمط هو الانطلاق فإن الأساس أن الحرية تجعل المرء يعمل ويقدم أفضل ما بداخله ويحقق المعجزات. إن الطريقة التي نرى بها إرادة الغير بشكل تحكم وانطلاق تنعكس أيضاً على الطريقة التي نرى بها أنفسنا. فمن منظور التحكم، نحن نريد من أنفسنا الالتزام، متى أردنا تحقيق هدف ما. أما إذا كنا نرى الذات من منظور الانطلاق فإننا نرى أن المهم هو إيجاد الظروف التي تسمح بانطلاق الذات والطاقات الكامنة، على عكس التركيز على الملكة الخاصة بالإدارة المستقلة لكي تتحكم في الذات، وتنفيذ المطلوب مهما كانت الظروف فهذه علامة على أن منهجنا هو منهج التحكم.

يستكملRoger حديثه عن الأب الذي يحب ابنه ويود أن يساعده:
سألت الأب: الآن، كيف ستبين حبك لابنك؟
أجاب: لا أدري، سأحاول اغتنام الفرصة لذلك.
سألت وغير ذلك؟
أجاب: سأخصص له بعض الوقت.
سألت ثم ماذا؟
أجاب: لا أدري، حقيقة إنني خائف. لقد حاولت من قبل ولم أنجح. وكلما حاولت جاهداً في هذا الاتجاه كلما فشلت في تحقيق المطلوب. بعد ذلك تحدثنا عن بعض المبادئ التي يمكن تطبيقها في العلاقة بينه وبين ابنه. مثال ذلك: الثقة المتبادلة، فلكي تحصل على ثقة ابنك لابد أن تثبت له أنك محل لهذه الثقة. اقطع العهد وحافظ عليه. أظهر احترامك وتعاطفك حتى مع غير الموجودين أمامك. هناك أيضاً الفكر المتبادل، أي حاول فهم من أمامك، وأعطه الاحترام.

بدأ الأب يتحقق من كل ذلك. لقد تحقق من أنه مهما كانت المحاولة فلن تكون فعالة طالما بنيت العلاقة على رغبته في التحكم في ابنه مهما كانت نواياه صادقة، بدلاً من حقيقة تركه منطلقاً بقيادة قائمة على المبادئ والحب.

كثيراً ما نجد في مواقف حلقات الدرس، المشاركون يطرحون حالة تحتوي دوراً من أدوار العمل، بدلاً من دور من أدوار الأسرة. ومن زاوية ماذا نجدهم يذكرون أهدافاً مثل:
  • زيادة المبيعات بنسبة5% هذا الشهر.
  • خفض تكلفة العمليات3% بنهاية ربع السنة الحالي.
  • رفع معنويات العمل في الإدارة التي أعمل فيها.

ولكن عندما ننتقل إلى سؤال لماذا؟ نجد أن الدوافع لدى هؤلاء هي غالباً دوافع سلبية، اقتصادية، خارجية عن الذات، طارئة. مثال ذلك:
• لو لم أحقق ذلك لفقدت وظيفتي.
• لو لم أحقق ذلك لفقدت مصداقيتي، وشعرت بالحزن.
• لدينا مشكلة حقيقية ولابد من حلها قبل أن تكبر.

ولكن عندما سألنا عن إجابات أعمق، حصلنا على إجابات من النوع التالي:
• إذا حققت ذلك أكون قد قمت بواجبي واستحققت أجري.
• أشعر أنني أنجزت شيئاً ما وقدمت خدمة أفضل لعملائي.
• إنني من خلال ذلك أجعل هذا العالم مكاناً أفضل.

إن كثيراً من أعمال الشركات مركز حول الأهداف الاقتصادية، أو البعد المادي بشكل لا يجعلها تصل إلى الدوافع العميقة. هذه الشركات تفشل في الوصول إلى الحاجات الاجتماعية، والعقلية، والروحية للعاملين فيها. إنها لا تسمح للأفراد بالاتصال داخلياً بما يعتمل في قلوبهم، أي حاجاتهم إلى الحب والتعلم وإلى أشياء هي فوق الذات.

وهذا الشعور والاتصال هو مصدر الطاقة والإبداع والولاء الذي يسعى إليه العاملون. عندما نتطرق إلى سؤال كيف؟، نجد أن أولئك الذين يتحدثون عن دورهم في العمل، يفكرون عادةً بمنطق التنفيذ، أي مجرد التنفيذ.
مثال ذلك:
يقول لك: كل المطلوب أن أقوم بهذا العمل.
تسأله هل قمت بهذا العمل من قبل؟
فيجيبك: نعم.
فتسأله: هل حققت النتائج المطلوبة؟
فيجيبك: لا.
بعد ذلك نتحدث عن مبادئ الاتجاه إلى "الشمال الحقيقي" التي تحقق الأثر القوي. نتحدث عن مبادئ التعايش، والتفاهم، والأمانة، وحفظ العهود، وبناء العلاقات، والرؤية المشتركة، والمكسب المشترك، وارتباط النظم. عندئذٍ يبدو من الواضح أن معرفة ما نفعله أو ما نريد أن نفعله بحماس لا يكفي. إن الفعل يجب أن ينبني على مبادئ ترفع من جودة الحياة. إن القيام بالمهام المناسبة للسبب المناسب، وبالشكل المناسب، هو مفتاح الجودة الأعلى للحياة، وهذا يتأتى من قوة الوعي الذي يربطنا بالرؤية والرسالة والشمال الحقيقي.










المرجع: إدارة الأولويات
اسم الكاتب: ستيفن ر.كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2000
رقم الطبعة: الأولى
رقم الصفحة: 208-211
كلمات مفتاحية: نمط الانطلاق – نمط التحكم – تأمين الدعم لفريق العمل – الاهتمام بالدوافع العميقة لفريق العمل
أرسل بواسطة: وليد اليوسف
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...il.thtml?id=89