يوجد نوعان من تحويل المناط: النوع الأول يتصل بالقرينة التي تصاحب السلوك، والنوع الثاني يتصل بمضمون السلوك. فالسلوك قد يكون إيجابياً تحت ظروف معينة، ويكون سلبياً تحت ظروف أخرى.

وإذا أتتك مـــذمتي من نــاقص...............................فهي الشهادة لي بأنـــي كــامل

الذم شيء سيئ، ولكنه إذا صدر عن شخص معروف بسوئه فيكون هذا الذم مدحا. فهو إذن يعتمد على القرينة. كان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت. وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء فاعتصب بها علم الناس أن سيقاتل. فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه، وجعل يتبختر بين الصفين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة: "إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الوطن". فالتبختر مذموم ويبغضه الله لأنه علامة على الكبر، ولكن تبختر أبي دجانة في ذلك الموطن، وهو موطن الحرب والقتال (وهي القرينة) لم يعد مذموماً.

أما تحويل المناط الذي يتصل بالموضوع، فإن السلوك نفسه قد يحمل على معنيين متباينين. كقول الشاعر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة...................................ول� �ن عين السخط تبدي المساويا

فسلوك الشخص بجملته هو هو، ولكن النظر إليه يتغير، فإذا كانت عين الرضى تنظر إليه فهو سلوك( أو شخص ) جيد، أما عين السخط فتنظر إليه على أنه سيئ. وفي القرآن الكريم(وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى لأن تحبوا شيئاً وهو شر لكم).(البقرة:216) فالشيء نفسه يكرهه الإنسان وينظر إليه على أنه سيئ، ولكن الله تعالى يقول بأن الشيء قد يكون خيرا. نقول السلاح العلم سلاح ذو حدين. فالعلم أمر جيد بما أنتجه من منافع للناس، وهو سيئ بما أنتجه من آلات الدمار ووسائل الخراب. (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) (الحديد:25).










المرجع: آفاق بلا حدود
اسم الكاتب: محمد التكريتي
دار النشر: الملتقى للنشر والتوزيع
سنة النشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 142-144
كلمات مفتاحية: تحويل المناط – القرينة - المضمون - السلوك – الموضوع.
أرسل بواسطة: أجمد الخطيب
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=202