لا تقتصر المرجعيات على تجاربك الفعلية, بل إن خيالك نفسه هو مصدر للمرجعيات وقد تذكر رو جر بانيستر الذي تحدثنا عنه من قبل وعن قطعة مسافة ميل خلال أربع دقائق لم يكن هنالك من يعتقد بأن الإنسان قادر بدنيا على ركض مسافة الميل في أقل من أربع دقاق, ومع ذلك فقد خلق هو قناعته الواثقة عن طريق مرجعيات متخيلة وأخذ يتصور بوضوح مرة بعد مرة كيف أنه سيكسر رقم الميل في أربع دقائق, ويتخيل ويسمع ويشعر بنفسه وهو يحطم ذلك العائق إلى أن أصبحت لديه في غضون فترة قصيرة أرجل مرجعيات عدة بحيث أصبح على ثقة بأنه سينجح, تماما كما كان الآخرون على ثقة بأن هذا الأمر مستحيل علينا أن نتذكر أن خيالنا أكثر قدرة إرادتنا بعشرة أضعاف ونظرا لأن بانيستر تمكن من استخدام خياله كأرجل تدعم سطح الطاولة التي تمثل يقينه فقد تمكن من تحقيق نتيجة لم يسبق لها مثيل في التاريخ فالخيال إذا تم إطلاق زمامه يمكنه أن يوفر لنا حسا باليقين والرؤية البعيدة تتجاوز حدود ما رأيناه في الماضي.

أرسل لي السيد أكيوموريتا مؤخرا كتابه الذي يحمل عنوان (صنع في اليابان) والسيد موريتا هو أحد مؤسسي شركة سوني, وهو إنسان خارق الذكاء ولقد كان قدر سوني – شأن مصير أي فرد – ناتجا عن سلسلة من القرارات ويكتشف السيد موريتا في كتابه أن أحد أصعب وأهم القرارات التي اتخذها في حياته كان رفض عرض من شركة بولوفا لشراء 100000 من أجهزة الراديو الترانزيستور التي ابتدعها, في الوقت الذي لم تكن فيه الشركة تنتج أكثر من 100000 جهاز في الشهر الواحد وكان المبلغ الذي عرض عليه عشرة أضعاف قيمة شركته حينذاك, ولكنه مع ذلك, وبعد إمعان التفكير رفض ذلك العرض لماذا؟

لسبب بسيط وهو أن شركة بولوفا أرادت أن تضع اسمها على جهاز الراديو ولقد أدرك أنه, وان كانت شركته ستقفز قفزة كبيرة على المدى القصير إذا قال نعم, غير أنه بذلك انما يبني اسم بولوفا بدلا من اسم سوني لم يصدق المدراء التنفيذيين في بوبوفا أنه سيرفض عرضهم ولكنه قال لهم: في غضون خمسين سنة سيكون اسم شركتي كبيرا كاسم شركتكم, وأنا أعرف أن جهاز الراديو الذي ابتدعناه سيساعدنا على تطوير ذلك الاسم.

ظن كل شركاء موريتانيا بالطبع أنه مجنون كيف له أن يخلق كل هذا الاحساس باليقين بحيث يتمكن من رفض مثل هذا العرض المغري والمريح؟ لقد تصور تصورا شفافا مستقبل شركته وخلق مرجعيات لم تكن موجودة كما وجه تركيزه وتخيل أهدافه بوضوح تام, ومن ثم ساندها بالإيمان المطلق النشط وشركة سوني ليست الآن من الشركات القيادية في مضمار الصناعات الإلكترونية فحسب, حيث تنتج مبلغا يصل إلى 27 بليون دولار سنويا, بل إنها شعبت نشاطاتها لتصل إلى حد إنتاج الأفلام السينمائية (اذ اشترت شركتي كولومبيا وتراي ستار), والموسيقى (اذ اشتركت سي بي أس للتسجيلات وكولومبيا هاوس), وهي معروفة بصناعاتها ذات النوعية الممتازة في أنحاء المعمورة.

بالإيمان يمكنك أن تتمسك بالرؤية التي تؤمن بها لتقاوم الفشل الظاهري ماذا لو استسلم توماس اديسون مثلا بعد محاولته الأولى الفاشلة لاختراع المصباح الكهربائي؟ أو حتى بعد محاولته المائة؟ لقد تابع لحسن حظنا إلى ما يتجاوز آلاف محاولة كان يمكنه أن يأخذ كل حالة على أنها مرجعية تسند قناعته بأن اختراعه غير ممكن التحقيق, ولكنه بدلا من ذلك اختار أن يستخدم كل محاولة فاشلة كمرجعية للقناعة بأنه يقترب أكثر فأكثر من الحل تذكر بألا تسير في كنف الماضي وأنت تستخدم مرآتك الخلفية كدليل لك. انك تريد أن تتعلم من ماضيك, لا أن تعيش فيه. ركز على الأمور التي تمنحك القوة.









المرجع: أيقظ قواك الخفية
اسم الكاتب: انتوني روبنز
دار النشر: مكتبة جرير
سنةالنشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة:431-432
كلمات مفتاحية: مرجعية – خيال – إبداع – قناعة – معتقدات – سلوك – واعي لاواعي – رؤية – استرتيجيات النجاح
أرسل بواسطة: أحمد الخطيب
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=263