ذهب أحد مديري الإنشاءات إلى موقع من المواقع حيث كان العمال يقومون بتشييد أحد المباني الضخمة في فرنسا واقترب من أحد العمال وسأله ماذا تفعل؟ "... فرد عليه العامل بطريقة عصبية قائلاً أقوم بتكسير الأحجار الصلبة بهذه الآلات البدائية، وأقوم بترتيبها كما قال لي رئيس العمال, وأتصبب عرقا في هذا الحر الشديد، وهذا عمل متعب للغاية ويسبب لي الضيق من الحياة بأكملها ". وتركه مدير الإنشاءات وذهب إلى عامل آخر وسأله نفس السؤال، وكان رد العامل الثاني >أنا أقوم بتشكيل هذه الأحجار إلى قطع يمكن استعمالها، وبعد ذلك تجمع الأحجار حسب تخطيطات المهندس المعماري وهو عمل متعب، وأحياناً يصيبني الملل منه، ولكني أكسب منه قوت عيشي أنا وزوجتي وأولادي، وهذا عندي أفضل من أن أظل بدون عمل". وذهب مدير الإنشاءات إلى عامل ثالث وسأله أيضاً عما يعمله فرد عليه قائلاً وهو يشير إلى أعلى ألا ترى بنفسك أنني أقوم ببناء ناطحة سحاب".

من هذه الإجابات نرى أن العمال الثلاثة رغم أنهم كانوا يقومون بنفس العمل إلا أن نظرتهم تجاهه كانت مختلفة تماماً.

ومثلما قال كليمنت ستون وهو أحد الاقتصاديين الأمريكيين هناك اختلافات بسيطة وأخرى كبيرة بين الناس، فالاختلافات البسيطة هي النظرة تجاه الأشياء أما الاختلافات الكبيرة فهي كونها سلبية أو إيجابية".

والآن دعني أسألك بعض الأسئلة:
  • هل يحب الناس أن يكونوا حولك؟
  • هل تثق بالناس بنفس الدرجة التي تحب أن يثقوا بها هم فيك؟
  • هل تحكم على الآخرين بسرعة؟
  • هل تتحمل مسئولية أخطائك ؟ أو أنك تلوم الآخرين؟
  • هل لديك القدرة على الابتسام بسهولة؟
  • هل لديك القدرة على المزاح وعلى تقبله؟

إن إجاباتك على هذه الأسئلة ستحدد نظرتك تجاه الأشياء.
ولكن ما هو تعريف النظرة تجاه الأشياء ؟... وما هو مصدرها ؟... وهل من الممكن تغييرها ؟

للإجابة على السؤال الأول... فإنه طبقاً لرأي د. شاد هلمستتر مؤلف كتاب (الحل عن طريق التحدث لنفس )

النظرة تجاه الأشياء هي عبارة عن وجهة النظر التي من خلالها نرى الحياة، وهي عبارة عن طريقة تفكير وتصرف وإحساس ".

كان مدربي في لعبة تنس الطاولة دائماً ما يقول لي >ستظن حياتك انعكاساً لنظرتك تجاه الأشياء، فإذا كانت نظرتك تجاه البطولة ضعيفة فستكون بطلاً ضعيفاً، وإذا اخترت أن تكون نظرتك قوية ستكون بطلاً قويا ". وفي الواقع فإن ما قاله لي كان صحيحاً وكانت نظرتي قوية وحافظت على بطولة مصر لسنوات عديدة، وإذا ندرست تاريخ معظم الأشخاص الذين حققوا نجاحاً كبيراً في ال حياة ستجد أن العامل المشترك بينهم هو أن نظرتهم تجاه الأشياء كانتت ممتازة، ولم يركزوا على الفشل، بل كان تركيزهم على النجاح، ولم يبحثوا عن الأسباب بل عن الحلول، وقد قال لي أحد الذين اتخذهم مثلاً أعلى لي >إن نظرتك الإيجابيه تجاه الأشياء هي جواز مرورك إلى مستقبل أفضل، وهي ليست الغاية ولكنها طريقة للحياة ".

نعم... إن النظرة تجاه الأشياء هي غاية في الأهمية، وهي الاختلاف الذي يؤدي إلى التباين في النتائج، وهي مفتاح للسعادة، وهي الوصفة السرية وراء نجاح القادة والعظماء.

وقد قال غاندي >إن الشيء الوحيد الذي يميز بين شخص وآخر هو النظرة السليمة تجاه الأشياء ".

وإذا تناولنا الحديث عن مصدر نظرتنا تجاه الأشياء فإنه طبقاً لرأي د. جيمس ماكونيل مؤلف كتاب فهم سلوك الإنسان >تنبع نظرتنا تجاه الأشياء من اعتقاداتنا ".

إذا تمعنت في هذا القول فستجد أنك إذا كنت مقتنعاً بعملك فكيف ستكون نظرتك تجاهه ؟. وإذا كان العكس صحيحاً فكيف ستكون نظرتك إليه ؟... إن نظرتنا تجاه الأشياء هي أساساً نتيجة اعتقاداتنا وهذا ينقلنا للإجابة عن السؤال الثالث وهو هل من الممكن تغيير نظرتنا تجاه الأشياء ؟... والأجابة هي >نعم ".

وكما قال دنيس واتلي مؤلف كتاب سيكولوجية الفوز:

إن نظرتك تجاه الأشياء هي من اختيارك أنت ".

يمكنك أنت أن تقرر أن تبتسم... يمكن أنت أن تقرر أن تشكر الناس... يمكنك أنت أن تقرر أن تقوم بالعطاء ومساعدة الآخرين... يمكنك أنت أن تكون أكثر تفهماً وتسامحاً.

أنت وأنا، ولدينا القدرة على تغييره ولكن فقط عندما نقرر أن نحرر أنفسنا من سيطرة الذات.

وقد قال ألبرت إينشتين "تقدر القيمة الحقيقية للإنسان بدرجة حريته من سيطرة ذاته ".








المرجع: قوة التحكم بالذات
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 2000
رقم الصفحة: 59-62
كلمات مفتاحية: وجهات نظر الآخرين – احترام رأي الآخرين – التواصل – الاختلافات الايجابية والسلبية – المعتقدات – التواصل مع الداخل – النرة الايجابية للإشياء – التركيز على النجاح
أرسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=296