قال العالم النفساني إبراهام ماسلو:

«أهم الدوافع للإنسان هو دافع البقاء».

فدافع البقاء هو الذي يجبر الإنسان على إشباع حاجاته الأساسية مثل الطعام والماء والهواء، بحيث أنه لو كان هناك أي نقص في أي من حاجاته الأساسية فهناك دافع أساسي داخل الإنسان يقوم بتنبيه الجهاز العصبي في المخ بخصوص هذا النقص، ومع سرعة تحرك الخلايا العصبية ينشط الإنسان جسمانياً ليصبح عنده الدافع للقيام بعمل ما يلزم لإشباع هذا النقص، وعند تحقيق ذلك يعود الجسم لحالته الطبيعية.

هناك مثال لتوضيح ذلك، ففي الغابات توجد صفة مشتركة بين الأسد والغزال، فمع بداية اليوم في الصباح يأخذ كل منهما في الجري بسرعة، فالأسد يعلم أنه يجب عليه أن يجري اسرع من أبطأ غزالة وإلا فإنه سيموت جوعاً، والغزالة تعلم أنه يجب عليها أن تجري بسرعة أكبر من أسرع أسد وإلا فإنها ستكون فريسة له، وحتى إذا لم يكن لديهما الرغبة في الجري فلابد من الجري بسرعة محافظة على البقاء.

دعني أسألك، لو أنك أثناء عبورك لأحد الطرق السريعة لمحت فجأة إحدى سيارات النقل تتجه نحوك بسرعة فماذا سيكون تصرفك؟ طبعاً ستجري بأقصى سرعة، أليس كذلك؟

ولو أنك عدت لمنزلك بعد يوم عمل مرهق، ولم يكن لديك طاقة للقيام بأي شيء، وقررت الاسترخاء أمام شاشة التلفاز، ولكن فجأة سمعت أحداً يصرخ قائلاً «حريق.. حريق» فماذا سيكون تصرفك؟ طبعاً ستغادر المكان بأسرع ما يمكن!!! ولكن من أين جئت بهذه الطاقة التي كانت منعدمة؟

الرد أنها أصبحت متيقظة وقوية.

وقد حدث أن كنتُ مرة في ولاية لويزيانا بأمريكا ألقي محاضرة عن «الدوافع النفسية» وكان الحماس يملأ القاعة والجميع يستمتعون بالموضوع، وفجأة انطلق جرس إنذار الحريق واندفع الجميع خارج القاعة للنجاة بحياتهم، وبعد دقائق قليلة سمعنا صوت أحد المسؤولين عبر مكبرات الصوت يعتذر عن انطلاق جرس الإنذار عن طريق الخطأ، وعاد الحاضرون مرة أخرى والابتسامة على وجوههم.

وفي عام 1975 في طريقنا إلى كندا أنا وزوجتي آمال، وكان معنا 2000 دولار، وعندما هبطت الطائرة في أوروبا كانت أمامنا خمس ساعات انتظار فتجولنا في المحلات واشتريت ساعتين لي ولزوجتي وكانت قيمتها 1800 دولار وقالت لي زوجتي «لماذا هذا التهور؟ كيف سنعيش بـ 200 دولار فقط؟» فقلت لها «طبعاً هذا مستحيل ولذلك لابد من الحصول على عمل وبسرعة». وبما أننا كنا متلهفين على النجاح بدافع البقاء وجدنا عمل في أقل من أربعة أيام.

وفي إحدى محاضراتي عن الطاقة سألني أحد الحاضرين «لو أن شخصاً مريضاً خرج لتوه من المسشفى فهل تظن أن دافع البقاء سيكون له أي تاثير عليه؟».. وكان ردي عليه «طبعاً بالتأكيد فمثلاً عند خروجه من المستشفى لو جرى وراءه كلب مسعور سيجري هذا المريض أسرع من أي بطل من أبطال الجري»!!! وبناءً على ذلك فكيفما كانت طريقة حياتك وأصبح بقائك مهدداً فستصبح يقظاً وسيكون حماسك أقوى لإنقاذ نفسك. ولك أن تتخيل لو كان عندك هذا النوع من الحماس دائماً كيف ستكون قوتك وكم من النتائج المتميزة ستحقق بناءاً على ذلك.







المرجع: المفاتيح العشرة للنجاح
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 1999
رقم الصفحة: 29-32
كلمات مفتاحية: دافع البقاء – الطاقة الداخلية – المارد الداخلي
ارسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=316