إن القوة الدافعة التي كانت تقف وراء تصرفات الثري الأمريكي المعروف دونالد ترمب هي نفس القوة الدافعة التي تقف وراء أفعال الأم تيريزا قد تظنني قد فقدت عقلي حين أقول هذا الكلام, اذ لابد أن تكون القوة الدافعة للأول معاكسة تماما لدوافع الأم تيريزا فقيمهما متعاكسة تماما دون شك, غير أن ما يدفع كليهما هما دافعي الألم والمتعة. فقد تشكلت حياة كل منهما على أساس ما تعلم كل منهما أنه يجلب له المتعة وما يخلق له الألم فأهم درس نتلقاه في حياتنا هو ما يخلق لنا الألم والمتعة, وهذا الدرس يختلف بالنسبة لكل منا, مما يؤدي بالتالي إلى الاختلاف في سلوكنا ماهي القوة الدافعة التي سيطرت على الثري الأمريكي دونالد طيلة حياته؟

لقد تعلم أن يحقق لنفسه المتعة بأن يمتلك أكبر وأثمن يخت, وأكثر المباني فخامة وأن يعقد أكثر الصفقات حذقا – باختصار بأن يجمع أكبر وأفضل قدر ممكن من الألعاب وماذا تعلم أن يقرن الألم به؟ كشفت أقواله في المقابلات التي أجريت معه أن أكثر ما يسبب له أقصى الألم في الحياة هو أن يشعر بأن هناك شخصا يتفوق عليه في أي ميدان من الميادين – وهو يعتبر هذا معادلا للفشل والدافع الأكثر قوة للانجاز بالنسبة له هو هذه القوة الاجبارية – التي تستهدف تجنبه هذا الألم, وهذا حافز أقوى في الواقع من رغبته في تحقيق المتعة ولقد شعر الكثيرون من منافسيه بمتعة كبرى للألم الذي عانى منه ترمب نتيجة لانهيار قسم كبير من امبراطوريته الاقتصادية غير أنه من الأفضل في هذه الحالة أن يفهم الدافع الذي يحفزه بدلا من اصدار الأحكام عليه – أو على أي أحد آخر بمن فيهم أنت ذاتك – أن نتعاطف معه لما عاناه من ألم واضح ، أما إذا نظرنا للأم تيريزا فان أمرها على العكس من ذلك تماما فها نحن أمام امرأة تتعاطف تعاطفا عميقا حين ترى الآخرين يتألمون لدرجة أنها تقاسي من الألم هي نفسها وكان يجرحها أن ترى الظلم الناتج عن نظام التمييز الطبقي وقد تبين لها أنها حين تقوم بمساعدة هؤلاء الناس فان ألمهم يختفي كما يختفي ألمها كان معنى الحياة بالنسبة للأم تيريزا يمكن أن يوجد في أحد أفقر قطاعات مدينة كالكوتا, مدينة المرح, التي تمتلئ إلى حد الانفجار بالملايين من اللاجئين الذين يتضورون جوعا ويعانون من الأمراض بالنسبة لها ربما كانت المتعة تعني الخوض حتى الركبتين في الوحل والأوساخ ومياه المجاري حتى تصل إلى كوخ قذر

لكي تمد يد العون للأطفال الذين يعيشون فيه والذين تفتك بأجسامهم أمراض شتى بما فيها الكوليرا والديزونتاريا وكان يدفعها بقوة ذلك الاحساس بأن مساعدة الآخرين على التغلب على بؤسهم يساعدها على التخفيف من آلامها, وأنها بمساعدتها لهم لتحقيق حياة أفضل – أي بتوفير المتعة لهم – فأنها هي نفسها ستشعر بالمتعة تعلمت أن أسمي ما في الحياة هو أن تضع نفسك في خدمة الآخرين, إذ إن هذا يعطيها احساسا بأن لحياتها معنى حقيقيا وعلى الرغم من أنه يبدو لمعظمنا بأن تشبيه تواضع الأم تيريزا السامي بمادية دونالد ترمب هو أمر يتجاوز الحدود, غير أن من المهم أن تتذكر أن هذين الشخصين شكلا مصائرهما على أساس ما يقرنانه بالألم والمتعة وعلى الرغم من أن خلفية ومحيط كل منهما كان له دوره في خياره, غير أن كليهما اتخذا في النهاية قرارا واعيا حول ما يعتبرانه مكافأة أو عقوبة لهما.









المرجع: أيقظ قواك الخفية
اسم الكاتب: انتوني روبنز
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 46-47
كلمات مفتاحية: السلوك – البيئة – الدوافع – الحاجات – الألم – المتعة – البرامج العليا – القيم
أرسل بواسطة: رامي حوالي
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=215