لكل البشر مجموعة من القيم والمعتقدات تحدد أنماط سلوكهم. وقد يبدو لك سلوك شخص آخر وكأنه تحدٍ لك، إذا صممت على تغييره للشكل الذي تريده أنت، أو ما هو أسوأ من ذلك بكثير، قد ينتهي بك الأمر إلى أن تُصدم بثبات وعدم تزحزح الناس عن قيمهم ومعتقداتهم. فإذا نجحت في إحداث تغيير طفيف، قد يرجع ذلك إلى الخوف ويكون بدون جدوى، وسرعان ما يعود الحال إلى ما كان عليه باسترجع الشخص لسلوكه القديم.

مثلاً.. لي صديق من المولعين بكرة السلة، كان يطلب باستمرار من زوجته أن تحضر معه المباريات، إلا أن تلك اللعبة لم تكن تجذبها على الإطلاق، ولم يكن يكتفي أبداً بالقدر البسيط من الاهتمام الذي كانت توليه لهذه اللعبة. ومن الصعب التصديق أن هذا الخلاف البسيط اتسع وتضخم إلى شيء غير متوقع.. ألا وهو التفكير في الطلاق.

وبعد فترة قصيرة من هذا الحدث، اتفقنا نحن الثلاثة على أن نجتمع، وفوراً بدأ صديقي في مهاجمة زوجته متهماً إياها بعدم اهتمامها المطلق بحياته.. مع أنه كان من المفروض عليه أن يعي حقيقة أساسية وجوهرية، ألا وهي أنهما فردين متميزين ومختلفين تماماً، يحبان أشياء مختلفة. وكان هو يشعر أنها لم تعد تحبه. فانفعلت زوجته وبكت قائلة:

«كل ما يريده هو أن أصبح صورة طبق الأصل منه - ماذا لو لم أحب مشاهدة التلفاز؟ أين المشكلة الخطيرة في ذلك؟» والمفروض بالفعل ألا تتواجد أية مشكلة خطيرة.

وفجأة طرحت السؤال التالي: «لماذا أنتما متزوجان؟» وبعدها أضفت: «فكِّرا في هذا لمدة دقيقة واحدة». فتطلع كل منهما إلى الآخر، وقالت هي: «لأننا نحب بعضنا وكنا نرغب في العيش معاً ونؤسس أسرة ونعيش حياة سعيدة». وبامتنان وافق هو الآخر على هذه النقطة.

ومع ذلك.. لم يتطرق تفكير الزوج إلى شيء واضح وجلي كان غافلاً عنه تماماً، أقصد بذلك الشيء أن كل منّا مختلف تماماً عن الآخرين. وكان هذا الموقف يترك الزوجة وأطفالها الثلاثة عاجزين وضعفاء - فقالت معبرة عن شكرها: «رغم هذا كله، أمامنا هدف رئيسي واحد ألا وهو الحب والأسرة - لو لم يكن يبالغ ويغالي في كل شيء، لما واجهتنا المشاكل التي تواجهنا الآن». لم يفكر الزوج في سخافة جعل الآخرين يشبهونه تماماً أثناء اجتهاده المضلل لتغييرها.. وبقليل من الإثارة، سرعان ما لمس أنه كان يجب عليه أن يتقبل أوجه الاختلاف عندها بدلاً من أن يتعمد تغييرها بأي ثمن.

فاتفق الزوجان على أن يتشاركا اهتماماتهما بقدر المستطاع. وقبلت هي قراءة كتاب بالجلوس إلى جانبه بينما يشاهد هو مباراة لكرة السلة. ووعدها هو أن يزداد تفهماً وقبولاً لاهتماماتها بالقراءة والأدب. إن مثل تلك الأحداث هي شيء عادي، وتطبيق ذلك الحل أنقذ زواجهما من الفشل. قالت «مارج بيرس»: «إن الحياة هي الهبة الأولى، والحب هو الثانية، والتفاهم الثالثة». لذا فاجعل من ذلك قاعدة لحياتك، أقدم على محبة وتفهم الآخرين وسوف تعيش حياة أسعد.









المرجع: فن الاتصال اللامحدود
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 2001
رقم الصفحة: 20-22
كلمات مفتاحية: احترام الآخرين وتفهمهم - التواصل – التأثير – القيم – المعتقدات - سلوك
أرسل بواسطة: عماد الشيخ حسين
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=277