هل رأيت مشاهدي أفلام الأشباح والرعب الجالسين أمام شاشة التلفاز في وقت متأخر من الليل. أثناء انقطاع متعمد واحد على الأقل في البرنامج التلفزيوني للإعلان والدعاية، تجدهم يذهبون إلى الحمام، ومعظمهم ينظرون حولهم في رعب.. وما هو أسوأ، لا يجرؤن على النظر في المرآة خوفاً من ظهور شبح أو وحش ما يتقدم من ورائهم. ومن أجل إبعاد تخيلاتهم الوهمية المخيفة، يتركون أنوار منازلهم مضاءة طوال الليل في جميع الغرف. وعلى صعيد آخر يضحك أشخاص آخرون ويسخرون من تفاهة ورخص الفيلم، دون الشعور بأي فزع أو رعب.

شاهدت مع عائلتي فيلم «تيتانك». كانت ابنتي التوأم «نرمين» تبكي وأختها «نانسي» تضحك. قد تتساءل عن سبب ردود الفعل المتباعدة تلك؟ فقد ارتبطت نرمين ذهنياً بالفيلم وشاركت فيه بكل انفعالاتها، كما لو كانت طرفاً في القصة، تعيش كل ثانية منه بكل مشاعرها ووجدانها.. ومن ناحية أخرى، ظلت نانسي منفصلة كلية عن أحداث الفيلم، وسخرت من أختها مما تسبب في حدوث نقاش بسيط بينها. واتهمت نرمين نانسي بأنها مجردة من العواطف بينما وجدت نانسي أختها سخيفة لأنها بكت وتورطت بإسراف في أحداث الفيلم.. إحداهما ارتبطت وعاشت التجربة بأكملها، والأخرى انفصلت وظلت انفعالاتها محايدة.

تزيد مشاهد الأفلام السينمائية توريط للناس في الأحداث - بسبب حجم الصوت العالي والنظارات الثلاثية الاتجاهات، وعليه فإن أحداث الأفلام مهيأة لتسبب ردود فعل ملحوظة لدى المشاهدين.










المرجع: فن الاتصال اللامحدود
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنةالنشر: 2001
رقم الصفحة: 142-143
كلمات مفتاحية: الاتصال – الانفصال – الواعي واللاواعي – اتحاد
أرسل بواسطة: أحمد الخطيب
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=284