حينما يتاح لشخص، الدخول إلى كل من النصف الأيمن للمخ ذي الخصائص الحدسية، والإبداعية والبصرية، وإلى النصف الأيسر منه ذي الخصائص المنطقية واللفظية فإن المخ يعمل عندئذ بكامله، وفي كلمات أخرى فإن هناك تكاتفاً نفسياً يتم داخل رؤوسنا، وهذه الأداة هي أفضل ما يكون لحقيقة ماهية الحياة، لأن الحياة ليست منطقية فقط بل إنها وجدانية أيضاً.

كنت في يوم اضطلع بإدارة ندوة أطلقت عليها اسم "قم بالإدارة باليسار، وتولي القيادة باليمين وذلك بتكليف من شركة في أورلاندو بولاية فلوريدا، وأثناء فترة الاستراحة، جاءني رئيس الشركة قائلاً: "ستيفن، إن الأمر ملتبس عليّ. غير أنني كنت أفكر في مدى تطبيق موضوع الندوة على حياتي الزوجية أكثر من مجال عملي. إنني وزوجتي نعاني من مشكلة حقيقية في التخاطب. فهل يمكنك تناول الغداء معنا ثم راقب فقط كيف يتحدث كل منا إلى الآخر؟!".

أجبت: "على الرحب والسعة".
وحينما اجتمعنا سوياً، تبادلنا بعض الطرف، ثم مال هذا الرجل ناحية زوجته وقال: "والآن يا عزيزتي، لقد دعوت ستيفن ليتناول الغداء معنا ولينظر إن كان بوسعه مساعدتنا في أمر التخاطب بيننا. أعرف أنك تشعرين أنني يجب أن أكون زوجاً على قدر أكبر من الحساسية والتقدير، فهل لك أن تعطيني مثلاً تلك الأجزاء الخاصة بالحقائق، والأرقام والأمور المحددة.

قالت: "حسنا، كما قلت لك من قبل، ليس هناك أمر محدد، ولكنه اقرب إلى شعور عام لديّ بشان الأولويات؟ لقد كان ذلك المخ الأيمن المسيطر الذي يتعامل مع الأحاسيس ومع الكليات "الجشالت" مع المجموع، مع العلاقة بين الأجزاء.

"ما الذي تعنينه. أهو شعور عام بشأن الأولويات؟ ما الذي تريدين مني أن أفعله؟ أعطيني شيئاً محدداً يمكن أن اقبض عليه بكلتا يدي".
حسنا، إنه مجرد شعور – كان النصف الأيمن من مخها يتعامل مع الصور، ومع المشاعر الحدسية –" إنني لا أظن أن زواجنا هو بالأهمية بالنسبة لك كما تقول لي؟"
"حسناً ما الذي يمكن لي أن أفعله لأجله أكثر أهمية؟ اعطني شيئاً ملموساً ومحدداً لأسير على هداه".
"من الصعب أن أضعه في كلمات".
عند ذاك، أدار الزوج عينيه ونظر إلىّ كأنما يقول: "ستيفن هل تستطيع تحمل هذا النوع من الغباء في حياتك الزوجية؟"
"عزيزتي، إنها مشكلتك أنت، وهي مشكلة أمك أيضاً، وفي الواقع إنها مشكلة كل امرأة عرفتها قط".
وعقب ذلك بدأ في استجوابها كما لو أنها تدلي بشهادتها في محكمة.
"هل تقطنين حيث ترغبين أن تقطني؟"
قالت وهي تطلق زفرة من صدرها، "ليس هذا الأمر، إنه ليس كذلك مطلقاً.
قال وهو يكظم غيظه، "إني اعرف، ولكن بما أنك لا تريدين إخباري تحديداً ما هو، فإنني أرى أن أفضل وسيلة لاكتشاف ما هو أن نكشف ما ليس هو. هل تقطنين حيث ترغبين أن تقطني؟"
" أظن ذلك"
"عزيزتي، إن ستيفن معنا هنا لحظات قليلة في محاولة لمساعدتنا. أرجو أن تكون إجابتك سريعة بنعم أو لا. هل تقطنين حيث ترغبين أن تقطني؟"

"نعم"
"حسنا، هذا أمر انتهينا منه، هل تحصلين على الأشياء التي ترغبين في الحصول عليها؟"
"نعم"
"جيد جدا، هل تفعلين الأشياء التي ترغبين في فعلها؟"
ومضى الأمر على هذه الوتيرة بعضاً من الوقت، وأدركت أنني لم أقدم أي مساعدة البتة، وهكذا تدخلت قائلاً: "هل هذا هو النمط الذي تمضيان إليه في علاقتكما؟"
أجاب الزوج: "كل يوم، ستيفن".
وقالت منتهدة: "إنها قصة زواجنا".
نظرت إلى كليهما، وبرق في خاطري أنهما شخصان من ذوي أنصاف الأمخاخ يعيشان معاً. وسألتهما: "هل لديكما أبناء؟".
"نعم، اثنان"
تساءلت في شك "حقا؟.. كيف فعلتماها؟".
"ماذا تعني بكيف فعلناها؟"
"لقد كنتما متكاتفين!.. إن واحد زائد واحد يساوي عادة اثنتين، وإلا أنكما جعلتما واحداً زائد واحد يساوي أربعة. وهذا هو التعاضد. إن الكل أكبر من مجموع الأجزاء. إذن كيف فعلتماها؟"
أجاب الزوج، أنت تعرف كيف فعلناها"
قلت متعجباً: "لابد أنك قد قيمت الاختلافات".










المرجع: العادات السبع للناس الأكثر فعالية
اسم الكاتب: ستيفن ر. كوفي
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2004
رقم الطبعة: السادسة
رقم الصفحة: 394-397
كلمات مفتاحية: الصورة الذهنية – تقييم الاختلافات – زيادة مساحة الادراك – احترام ادراك وتصورات الآخرين - التكاتف مع الآخرين – التكاتف في عمل الدماغ – التكاتف السلبي
ارسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=170