من أعراض التنظيم السيئ كما تشير أدبيات الإدارة، وكما نشاهد في واقع بيئة العمل وجود سلوك إداري يتسم باللامبالاة. وهو أحد الأعراض التي اذا انتشرت فإنها تحتاج الى معالجة تبدأ بالتشخيص لمعرفة الأسباب التي تؤدي الى هذا السلوك، والى غيره من اعراض التنظيم السيئ.
عندما تدخل الى احد الأجهزة ويشدك سلوك العاملين بحماسهم وحسن تعاملهم فإن أول ما يتبادر الى الذهن هو النمط الاداري للمدير المشرف على هؤلاء العاملين فكل موظف ناجح لابد ان خلفه مديراً ناجحاً.
ان ثقافة المنظمة هي احدى الوسائل التي يمكن من خلالها وضع الإطار المرجعي والمنطلقات والأسس التي تسير وتحكم عمل الجميع حيث تكون قيم العمل السائدة واضحة ومفهومة لدى الجميع ويتم ترسيخها على الدوام عن طريق الإعلام، والاجتماعات، والندوات ومناسبات النجاح.
بعض المنظمات على سبيل المثال تتضمن ثقافتها تشجيع الابداع والمبادرات الفردية والأداء المتميز، وكثيراً ما تؤدي هذه المساحة المتاحة للإبداع الى مساعدة المنظمة في تحقيق النجاح والمنافسة بفعالية.
إن وجود مبادئ ومعايير للأداء والسلوك واضحة للعاملين في المنظمة سواء كانت مكتوبة او مجرد تقاليد متوارثة متجددة هي بمثابة الموجه والمراقب والمقيّم للعمل والعاملين سواء من الناحية الفنية او الناحية السلوكية.
وهكذا عندما تتوفر هذه الثقافة فإن السلوك المتسم باللامبالاة الذي بدأنا به هذه المقالة لن يسمح لها بالاستمرار، فإما ان يتم تعديلها او يطلب من صاحبها المغادرة ليبحث عن بيئة عمل لها ثقافة مختلفة ترحب بمثل هذا السلوك!!.
الملاحظ ان بعض المنظمات من حكومية وأهلية تعمل في اطار من الاجتهادات الفردية، والأعمال المنطلقة من كيان صغير مستقل لا يرتبط بحبل تنسيق او تكامل مع الكيانات الأخرى داخل التنظيم وقد يكبر هذا الكيان ويتحول الى ما يشبه الدولة داخل الدولة.
عندما يغيب التنسيق، والثقافة المشتركة، يصبح من الصعب تحقيق مبدأ العمل بروح الفريق، وهذا يقود الى التشتت، والشللية والصراعات وفي هذه الحالة فإن هذه البيئة التي لا تنطلق من ثقافة واحدة سينعكس وضعها الفوضوي هذا على سلوك أفرادها، والمسؤولية بالتأكيد هي مسؤولية الادارة التي تقع في المستوى الأول من الهرم التنظيمي، وهذا يوضح العبارة او الفكرة التي ذكرناها في بداية المقالة وهي ان وراء كل موظف ناجح مديراً ناجحاً.
واذا لم تتفق مع هذه العبارة فعليك بزيارة ميدانية لبعض المؤسسات وسوف يقابلك في بعضها موظف يرحب بقدومك ويبتسم لك ويبادر لخدمتك من خلال اجراءات واضحة ومقننة وفعالة تجعلك تشعر بالارتياح وتخرج بانطباع مؤكد بأن هذه المؤسسة تستحق التقدير وانها تعمل في اطار تنظيمي واضح يستند الى ثقافة يلتزم بها الجميع. وسوف تتساءل عن اسم مدير هذه المؤسسة.
وسوف تصادف في زيارتك الى مؤسسات أخرى ان بيئة العمل المادية غير مريحة، ومظهر العاملين غير لائق، وسوف تجد من يستقبلك بكل برود، وبإجراءات غير واضحة ومعلومات متناقضة، وسلوكيات تسيء الى التنظيم. وسوف يهمك ان تعرف من هو مدير هذا التنظيم.

المصدر : http://www.alriyadh.com/2007/12/12/article14901.html