مدربون معتمدون
المدربون المعتمدون
- معدل تقييم المستوى
- 35
شركة جونسون آند جونسون وأزمة التايلانول -2
لقد كان دواء التايلانول يتمتع بسمعة عالية جدا كخافض للحرارة ومزيل للصداع بحصة سوقية بلغت 35% ويباع في محلات السوبر ماركت والصيدليات دون وصفة طبية. لقد كان التايلانول دواء واسع الانتشار يتناوله الجميع كبارا وصغارا لمعالجة أي حالة بسيطة من حالات الصداع أو ارتفاع الحرارة أو حتى عدم الشعور بالراحة لكونه دواء أمنا يخلو من التسبب في أعراض جانبية لمن يتناوله. كانت الجهات الأمنية في مدينة شيكاغو قد حددت بالضبط مصدر الأدوية المسممة. وبعد التدقيق في المصنع تبين أن هذه الإرسالية قد صدرت عن المصنع سليمة تماما وإن عملية استبدال الأدوية قد تمت في مدينة شيكاغو. وعاد السيد كولنز ومرافقوه إلى المصنع إلى مكاتب الشركة في نيوجرسي، وتم إبلاغهم بأن مزيدا من الأشخاص قد توفوا نتيجة لتناولهم التايلانول المسمم.
لقد أصبح مؤكدا الآن أن مصدر التسمم خارجي وأن الأحداث أصبحت خارج مسؤولية الشركة ومن مسؤولية الشرطة والأجهزة الأمنية في شيكاغو. وأصبحت المشكلة الآن تتلخص في أن سمعة الشركة تخوض في وحول الأزمة وأن شيئا ما لابد من عمله لوقف ذلك. كان التعامل مع وسائل الإعلام كابوسا رهيبا تتعامل معه الشركة، ففي اليومين الأولين من الأزمة كان هنالك 80 ألف قصة إخبارية في وسائل الإعلام المختلفة عن الموضوع، وكان الخبر يغطى على مدار الساعة من محطات التلفزة المحلية والقومية وفي كل محطات الإذاعة العاملة في الولايات المتحدة، وكانت هذه المحطات لا تتوقف عن الحديث عن هذا الموضوع إلا لتبث الإعلانات التجارية. أما المكالمات الهاتفية فقد كانت بالآلاف من مواطنين يطلبون المزيد من المعلومات عن الوضع، فبعضهم تناول التايلانول ليلة أمس والبعض الآخر قبل يومين والبعض الآخر قبل عدة ساعات. لقد انتابت المجتمع الأمريكي حالة من الهستيريا والهلع المبرر، فالدواء واسع الانتشار ووسائل الإعلام لاتكف لحظة واحدة عن بث الأخبار التي تثير الهلع. كانت التقارير تصب في مكتب المدير العام ومكتب كولنز، مدير الأزمة، على مدار الدقيقة وأجهزة الرأي العام التابعة للشركة تقول إن 90% على الأقل من المواطنين الأمريكيين يعلمون بخبر التسمم وإن حالة مريعة من الهلع تجتاح المجتمع، وقد وصف أحد كتاب الأعمدة الأحداث بأنها الأكثر تغطية إخبارية منذ حرب الفيتنام.
كان السيد فوستر نائب المدير العام للعلاقات العامة يتولى قيادة تعامل الشركة مع وسائل الإعلام في تلك الأزمة. وقد سأله أحد المراسلين فيما إذا كانت مادة السايانايد تدخل في عملية تصنيع التايلانول في أي من مراحلها المختلفة، ولكون السيد فوستر غير متخصص فنيا بالإنتاج فقد أجاب بكلا، وأخذ يكرر ذلك في عشرات المؤتمرات الصحفية التي عقدها ذلك اليوم. وفي مساء ذلك اليوم اتصل مراسل وكالة الأسوشيتد برس مع السيد فوستر ليبلغه بأن معلوماته تقول إن مادة السايانايد تدخل فعلا في إحدى مراحل عملية إنتاج دواء التايلانول، وقال المراسل بأنه ينتظر جوابا على هذا السؤال اليوم.
صعق السيد فوستر لهذا الخبر واتصل على الفور بمدير الإنتاج في المصنع مستفسرا عن مدى صحة ذلك، وكان الجواب نعم السايانايد يدخل في عملية التصنيع وبالتحديد في مرحلة اختبار الجودة قبل إرسال المنتج إلى السوق. وأضاف مدير الإنتاج إن احتمالية أن التسمم قد حدث بسبب ذلك غير واردة على الإطلاق، فإجراءات التعامل مع مادة السايانايد لا تدع مجالا لأن يحدث ذلك. اقتنع السيد فوستر بتأكيدات مدير الإنتاج، إلا أن المشكلة إن العالم كان قد اقتنع من السيد فوستر أن مادة السايانايد لا تدخل في أي مرحلة من مراحل الملية الإنتاجية.
كانت شبكة اسوشيتد برس قد وضعت اللمسات الأخيرة على نشرتها الإخبارية التي ستبث صباح اليوم التالي، وبقي الخبر الرئيسي: إجابة فوستر على السؤال الخطير: هل يدخل السايانايد في عملية تصنيع التايلانول أم لا؟ وهنا أصبح وضع الشركة في مهب الريح... وكان السيد فوستر حزينا فهو لم يعمد أثناء حياته المهنية الطويلة أن يحاول إخفاء أي حقيقة تتعلق بسلامة أدوية الشركة التي يعمل بها عن زبائنها.
فاتصل على الفور بالمراسل وأبلغه على الفور بأن السايانايد يدخل فعلا في إحدى مراحل الإنتاج وشرح له بالتفصيل ما سمعه بالتو من مدير الإنتاج، وأضاف أن الناس سوف يفهمون هذا الموضوع بصورة خاطئة بالتأكيد، وإن حالة من الفوضى ستدب في المجتمع بكل شرائحه إذا ما تم نشر الخبر في هذا الوقت بالتحديد. وافق المراسل بعد إجراء اتصالات مع إدارته العليا على أن المصلحة الوطنية تتطلب عدم نشر الخبر في هذه الأوقات العصيبة بشرط ألا ينقل الخبر من قبل أي وكالة أخرى وأن يقوم السيد فوستر بإبلاغ المراسل في حالة أن مراسلين آخرين قد عرفوا به.
وبعد فترة وجيزة اتصل مراسل وكالة إخبارية أخرى يقول إن لديه معلومات أن مادة السايانايد تستخدم في عملية إنتاج الدواء. وقام السيد فوستر بإبلاغه بما يعرف، موافقا أيضا أن نشر الخبر سيؤدي إلى توتير حالة الرعب التي يعيشها المجتمع بسبب الأزمة. وبعد قليل اتصل مراسل ثالث من وكالة إخبارية ثالثة يطلب جوابا على الموضوع نفسه. عندها أدرك السيد فوستر أن الخبر لا يمكن إخفاؤه.
واتصل على الفور بمراسل الأسوشيتد برس والمراسل الآخر وأبلغهم أن كثيرا من المراسلين يسألون عن الموضوع ذاته وأنه في حل من التزامهم بعدم نشر الخبر وفي الأعداد الصباحية من الصحف الثلاث نشر الخبر في الصفحات الداخلية بحيث أن أعدادا محدودة جدا من القراء علموا به على أن احتمالية أن يكون سبب التسمم داخلي غير واردة بناء على تأكيدات السيد فوستر. واستطاعت الشركة الإفلات من أزمتها بسبب الثقة التي تتمتع بها لدى المؤسسات والمجتمع الأمريكي.
التوثيق: مجلة قضايا إدارية، السنة الثانية، العدد (31)، تاريخ 5 آب 2006، مركز الدراسات التسويقية والإدارية، صـ2.
الكلمات المفتاحية: إعلام- صحافة- الرأي العام- الجودة- مصداقية المنتج- تحديد أسباب المشكلة- علاقات عامة- قيادة الأزمة- المحافظة على ثقة المستهلك- أخبار.
أرسل بواسطة: شادي علوش
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=669
التعديل الأخير تم بواسطة شادي علوش ; 05-Mar-2009 الساعة 06:57 PM
المفضلات