تحكي أحد الأخوات أن طفلها منذ أن كان في الصف الثالث، أو الرابع كان لا يترك الصلاة مع الجماعة في كل وقت، حتى صلاة الفجر، وكان في ليالي (( الشتاء الباردة )) يلبس الملابس الثقيلة، ويخرج مع أبيه إلى المسجد، وفي إحدى الليالي قال أحد جماعة المسجد لوالده، لا تخرج به في مثل هذا الوقت؛ لبرودة الجو، وعدم تحمل الطفل لها، ولكن الأب استمر على الذهاب بابنه إلى المسجد في كل الأوقات؛ لأنه ليس هناك فرق بين ذهابه إلى المسجد، وموعد المدرسة – أي بين صلاة الفجر وموعد الدراسة – سوى ساعة واحدة تقريباً 0 فلماذا نهتم بأمر الدنيا أكثر من الاهتمام بأمر الله والدار الآخرة ؟ !! واستمر هذا الابن على المحافظة على الصلاة في المسجد، في كل وقت، وقد بلغ قرابة العشرين عاماً وهو مثال في المحافظة على الصلاة في جماعة حتى الفجر، وغيره؛ لأن من شب على شيء شاب عليه 0

يقول الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – : كنا نعيش في بغداد وكان والدي قد توفي ، وكنت أعيش مع أمي ، فإذا كان قبل الفجر أيقظتني أمي ، وسخّنت لي الماء ، ثم توضأت ، وكان عمره آنذاك (( عشر سنين )) !! ، يقول: " وجلسنا نصلي حتى يؤذن الفجر " – هو وأمه رحمهما الله- وعند الأذان تصحبه أمه إلى المسجد، وتنتظره حتى تنتهي الصلاة؛ لأن الأسواق حينئذ مظلمة، ثم يعودان إلى البيت بعد أداء الصلاة، وعندما كبر أرسلته أمه لطلب العلم !! ويقول أحد العلماء: أن لأم الإمام أحمد من الأجر، مثل ما لابنها؛ لأنها هي التي دلته على الخير0

كانت إحدى الأخوات حاملاً، وعند آلام الوضع تذكرت دعاء أم مريم لابنتها مريم – عليها السلام – بعد ولادتها لها وتقول: لقد ألهمني الله أن أدعو بهذا الدعاء بعد ولادتي طفلتي: ( اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) 0 تقول هذه الأخت: لقد رأيت على البنت صفة الهدوء، ولله الحمد، والراحة في تربيتها 0

يذكر أن طفلة في السنة الخامسة الابتدائية، كانت تؤدي سنة الضحى قبل ذهابها إلى المدرسة، وفي اليوم الذي يضيق فيه الوقت، ولا تتمكن من أداء السنة قبل الخروج، تقول أشعر بضيق ينتابني في المدرسة في ذلك اليوم عندما أتذكر أني خرجت قبل أداء هذه السنة !!0

دخل الأب يوماً على المنزل، وقد أحضر معه أنواعاً من الفاكهة، فجلست الطفلة ذات الأربع سنوات تنظر إلى هذه النعم، بينما الأم والأب منشغلان في حديث ما، فإذا الطفلة تقطع حديثيهما قائلة: (( أنا أحب ربي )) !! وعندما سئلت لماذا ؟ قالت: انظروا ماذا أعطانا، تشير إلى الفاكهة، فقد يغفل الوالدان والطفل يُذكرهم بنعم الله عليهم 0

انتهت الأم من الوضوء، وإذا بالطفلة البالغة من العمر ثلاث سنوات، تغسل وجهها، ويديها مقتدية بأمها، وترفع إصبعها السبابة قائلة: لا إله إلا الله، فهذا يدل على أن الطفلة لاحظت من والدتها أن هناك ذكر مخصص يقال بعد الوضوء
0

ذهبت إحدى الأسر للتنزه في البر، وعندما نزلت الأُسرة ذهب الطفل مسرعاً يجري في البر، فرحاً مسروراً، وإذا به يعود مسرعاً سائلاً والدته: ما هو الذكر الذي يقال في هذا المكان ؟! وكما هو معلوم فإن الذكر المقصود، ما ورد عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كما قالت خولة بنت حكيم – رضي الله عنها - : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : (( من نزل منزلاً ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات ، من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من مــنــزلـــه ذلك)) رواه مسلم 0

فتحت الأم الشباك من غرفة منزلهم في الدور الثاني للتهوية، وإذا بطفلها يأتي مسرعاً ويقفل الشباك، وعندما سألته أمه لماذا تصرفت هذا التصرف ؟ قال: إني رأيت الدِّش في أحد سطوح المنازل المجاورة لنا، وأردف قائلاً: إني لا أريد أن أنظر إلى شيء (( لا يحبه ربي )) !!!! 0

ومن طرائف الأطفال، أنه أتى طفل في يوم من الأيام من الروضة، وسأل والدته: ماذا سأكون إذا كبرت ؟ وكان اسم الطفل محمداً، فقالت له والدته: هل تريد أن تكون إماماً لمسجد وتعلم الناس الخير ؟ فأخذ الطفل يفكر قليلاً ثم سأل والدته، هل سيكون في بلدنا – وكان يسكــــن القصيـــم – شيخين اسميهما محمد ؟؟ قالت له : ومن هما ؟ قال: الشيخ محمد بن عثيمين وأنا !!0

ذهب أحد الأطفال، إلى اجتماع عائلي، وجلس يشاهد التلفزيون، بينما كان هذا الجهاز غير موجود بمنزلهم، فمرت والدته بالقرب منه، ولكنها لم تحب الحديث معه حتى يعود إلى المنزل، وعندما عادوا إلى منزلهم سألته قائلة له: ألم أقل لك إنه لا تنبغي مشاهدة التلفزيون في كل وقت ؟ لأنه يعرض فيه المشاهد والأصوات التي لا ترضي الله – تعالى – فقال لها: أنا جلست عنده أنظر إلى صلاة الحرم، وعندما ظهرت المرأة – اللي ما تستحي – أغمضت عيني !! فمن يشاهد هذا الطفل يا ترى ؟ ومن يراقبه إذا لم يغمض عينيه !!؟؟

تقول إحدى ا؟لأمهات : وجدت يوماً بعض الريالات في أحد رفوف المنزل ، فسألت أهل البيت جميعاً لمن هذه الريالات ؟ فالكل قال إنها ليست لي، وكان يوضع عند هذه الأســـرة بعـض الأمانات، فخشيت الأم أن تكون هذه الريالات لأحد غيرهم، وقد نسيتها فأعطتها أحد الأبناء البالغ من العمر سبعة عشر عاماً، وطلبت منه شراء بعض السندوتشات، ويذهب بها إلى أسرة فقيرة، وعندنا انتهى من ذلك عاد وسأل والدته ممن هذه الصدقة التي ذهبت بها هل هي منك ؟ أم من غيرك ؟ وعندما سألته والدته عن سبب استفساره، قال: وجدت في السيارة قطعة من الطماطم فأكلتها، وخشيت أن تكون من مال صدقة وُكلت بها، أما إن كانت من مالك فالأمر لا إشكال فيه0

ومن قصص الأطفال: أن طفلاً ذهب إلى إحدى المدن الترفيهية، وقد أراد أن يلعب في لعبة لم يلعبها من قبل، وكانت كبيرة، وترتفع أثناء اللعب بها ارتفاعاً شديداً بالنسبة للأطفال وعند، وعند تحركها حين ركبها الطفل ومعه أحد الأطفال بجواره، وبدأ عليهما الخوف فقال له: دعنا نقرأ آية الكرسي، هذا الموقف يدل على إدراك الطفل لحفظ الله – تعالى – لهما 0

وطفل آخر أحس بالملل من ذهابه للروضة، وطلب من والدته أن تسمح له بعدم الذهاب، لكن الأم استمرت تشجعه يومياً على الذهاب إليها، والطفل لا يرغب في ذلك، وفي يوم من الأيام دخلت الأم على طفلها في الغرفة، فوجدته رافعاً يديه ويدعوا قائلاً: يا سامع الصوت، أخرجنا من الروضة !! فهنا نلحظ أثر التربية الإيمانية، فقد لجأ هذا الطفل إلى الله في موقف هو محتاج إلى من ينقذه من هذه المشكلة، وبعدها لم ترسله أمه إلى الروضة حتى التحق بالمدرسة 0

أقبلت طفلة على أمها وهي جالسة في استراحة قصيرة من عناء عمل البيت، وتذكر الله بينها وبين نفسها، فسألت الطفلة أمها: لماذا أنت جالسة هكذا، وماذا تفعلين ؟ فأجابت الأم: أني أذكر الله، وشرحت لها معنى هذه الآية { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } 00 فجلست البنت تفعل مثل أمها تذكر الله !!! وتقول في نفسها، هذه رفعت إلى الله، وإذا انصرفت لكلمة من أمور الدنيا قالت: هذه لم ترفع !! وهكذا أحست الطفلة بأهمية العمل الصالح 0

ذهب طفل مع والده إلى المسجد لأداء الصلاة، ثم الصلاة على أحد الأموات من الرجال، وبعد عودة الأب وابنه إلى المنزل، سأل الطفل والده قائلاً: لقد أدينا الصلاة على رجل وامرأة، ولم أكن أعلم بوجود جنازة المرأة، ولم أنوِ الصلاة عليها لعدم علمي بها فماذا عليَّ ؟؟ !! فهذا السؤال يوحي بحرص الطفل على النية قبل العمل، فهل نحن الكبار احتسبنا الأجر من الله، والنية لله، مثل هؤلاء الصغار 0

اشترى أحد الآباء لأبنائه بعض البالونات، وكانوا في سفر، فلما وصلوا إلى مكان إقامتهم في البلد الذي سافروا إليه، وجد أحد الأطفال على أحد البالونات رسماً لبعض الحيوانات، فقال الطفل : الحمد لله أن هذا البيت ليس بيتنا ، ومن ثم لا تدخل الملائكة إليه ، فهذا الموقف من هذا الطفل ، لم يحدث من فراغ ، فقد كان وراءه تربية سليمة 0

وأخيراً 000 ينبغي الانتباه لصلاح الوالدين لأنه سبب لصلاح الأبناء – بإذن الله تعالى – فليبشر المربون الصالحون بأن التوفيق والسداد لهم ‘ذ هم اجتهدوا في تربية أولادهم، وقد بشر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأن الله تعالى وملائكته، وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير، فتعليم الأبناء، وحسن تربيتهم على أمور دينهم، من أعظم الخير ومن العلم الذي ينتفع به 000 يقول أحد العلماء: إذا علمت ابنك الوضوء فوالله، ما يصيب الماء عضواً من أعضائه ‘لا أجرت مثل أجره 0

أقر الله عيوننا بصلاح أبناء المسلمين وبناتهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين له إلى يوم الدين 0