يقال : ” لدي الكثير من العلاقات مع مختلف الناس لكن لست متأكد مما إذا كان الحب المتبادل بيني و بينهم حقيقي , فشعوري بالعزلة و الوحدة كفيل بأن يكون حل لمعادلة صعبة في حياتي . أنا أكره هذا الشعور الذي ينتابني , شعور يتلخص في فكرة أن ” لا أحد يحبني ” . لا أعرف ما يجب القيام به حيال هذا و لا حتى كيف يمكنني أن أكون محبوب … “

قد تراودك من حين لاخر أفكار مشابهة لما ورد أعلاه , لكن يا ترى هل فكرت يوما في الاسباب الكامنة وراء الكم الهائل من المشاعر السلبية و الافكار المزدحمة التي تنتابك ؟


معظم الناس يحبون أو يدعون ذلك متصرفين به و متكلمين عنه كأنه صفقة ..
الحب ليس كذلك يا جماعة ! الحب هو عمل في الداخل . انه ليس كمن يسلم لنا شيئا , فنعقد معه اتفاق او إلتماس ما , يجب رده أو احترام الفصول الذي جاء به .

الحب اكثر من ذلك و أجمل بكثير .


علاوة على ذلك , و نحن نميل الى العتاب , رمي الإتهامات و اللوم على الاخرين لعدم وجود الحب بحياتنا . فلنتفكر فيما يدور من حولنا و بالضبط بأعماقنا .


ففي بعض الاحيان يمكنك أن تتلقى كلمة ” أحبك ” من شخص لا تعرفه فتشعر أنك محبوب للحظة , فيتلاشى هذا الشعور النادر بعذ ذلك ليعود الشعور نفسه مسيطرا مجددا (مشاعر تجعل منك شخص غير موجود).
.
مصدر الحب لا يغفو عنك فهو دائما معك و ليس كما تعتقد أنه خارج من إطارك , الأمر يتعلق بالحب الذي تعطيه و الحب الذي تتلقاه . وجود الحب في داخلك , بشكل مستقل تماما عن وجوده حوله ; مثل غياب شخص كنت تتقاسم معه كل الحب .


الحب ليس علاقة تذكر مع قريب أو حتى شخص اخر . عندما تحب شخص ما فيموت , فإن الحب لا يموت بموته . حتى عندما نفترق عن أحدهم فالحب لا يبتعد بدوره عنا أو عنه … نحن فقط من لنا اليد في منع تدفق الحب .


الحب يوجد على مستوى تلك الروح الصافية المحبة بداخلك ,و هو حالة طبيعية .


الشعور الذي ينتابك و يجعلك تعتقد أنك غير محبوب و أن لا أحد يراك إلا أنت ,هو ناتج عن ذلك الازعاج , السخرية , خيبة الأمل , الغيرة , حب التملك , الخوف و الوحدة التي تتلقاها من وسطك و محيطك .


عندما تعقد حاجبيك اتجاه ما تواجهه في علاقتك مع نفسك , لا يكون هناك تدفق للحب و الفرح في فعل أو ممارسة , الشيء الذي قد لا يساعدننا على تجاوز الأنا , و لا يساعدنا على استعادة الثقة .


إذن الحب لا يقصر فقط على الشريك , و إنما على قائمة يمكن تسميتها ب “قائمة الحب ” اي لائحة من كل شيء تحب ; مثل الذكريات , الناس , الاذواق,الالوان,الافلام,ال تب و (الأهم) جوانب الذات .

فهذه القائمة طريقة من الطرق التي تقرب من مشاعر الحب الذي هو بالفعل في داخلنا . يمكن ضرب المثل بشخص يحب رؤية غروب الشمس , الجلوس في مكان هادئ و يحب التأمل في صمت , فيسمح لوعي حبه أن ينمو , أن يشرع في التعرف على ما يشعر به بالضبط .


كي نشعر بالحب ليس من الضروري التأكيد على الأشخاص , فالشعور الناتج عن الأفكار التي نتبناها عن تصرفات الاخرين أتجاهنا دون استفسار , قد يؤثر سلبا علينا .


و يبقى الحل السهل و الافضل هو محاولة البحث عن الاشياء التي نحبها , عن الاشياء البهيجة و الصغيرة ,مثل مكان وقوف السيارات في ازدحام و حشد من الناس , تلقي ابتسامة من شخص غريب , رؤية زهرة تكبر ….


فالحب هو نحن , هو كل ما يحيط بنا , يجعلنا نقدر كل بسيط .
لذا يجب تجاوز الأنا و الحكم المسبق على أنفسنا ..


إليكم , رتبوا مشاعركم , طوروا و اختاروا الافكار و الكلمات و الافعال التي هي في المحاذاة , تمتعوا بقوة الجمال الذي يحولكم فهو سيمنحكم طاقة من الحب الذي ستمثلونه دون أن تنتظروا مقابل ,و تعلموا أن تتقاسموه مع الناس , لا أن تحصلوا عليه منهم فقط . فالحب , شيء جميل .


من اليوم , إبدأ بمواجهة نفسك أمام المرآة في المرآة الحقيقية كل صباح و مساء . تطلع إلى عينيك ، قل لنفسك ما تريد، عبر عن حبك ، عن اعجابك ، وتقديرك لنفسك، وانهي الاتصال الاني بقول ” أنا أحبك يا أنا ” .


قد يبدو هذا غبيا لبعض منكم، لكنه شيء وإن كان بسيطا , هو قوي بشكل مدهش .
نحن معتادون جدا أن نبحث عن المرايا في كل شيء سطحي لدينا الملابس والشعر والبشرة، أو الوزن مثلا , كونها تنتقد ما نراه . ولكن قليلون هم الذين يرون كل ذلك الحب في أعينهم …


(مواصلة هذا كل يوم يحصل حل محل النقد ، و يصبح اللطف اتجاه الذات معتاد.)


تدني إحترام الذات ليست سمة جذابة ; عند الخروج للقاء أشخاص جدد أو إنشاء علاقات قوية مع أحدهم ، الشعور بالرضا عن نقاط قوتك دائما يضعك في موقف أكثر قوة. إذا كنت لا تحب نفسك، وكلماتك فذلك يبعث بطاقة تسرب هذه الحقيقة لأولئك الأشخاص الذين تحاول جذبهم .


وأنت تنظر إلى عينيك ، سوف تأتي لمعرفة جانب آخر من نفسك، ما وراء الوجود المادي .
وكما يقول المثل: ” العيون ,نافذة تطل على الروح. ” عندما نتحدث إلى أشخاص آخرين، إذا لم يكن هناك اتصال بالعين، نحن غالبا ما نعتقد أن هناك شيئا خطأ، أو أنهم يكذبون علينا , ومع ذلك، نادرا ما يمكننا إقامة هذا النوع من الاتصال الروحي مع أنفسنا.

و بالتالي المكان الذي تبدأ منه العلاقات الصحية مع الذات , المسار الذي يقودنا إلى أنفسنا , و إلى نفوس الناس هو الحب الذي هو أنت , أنا و هم و نحن!