عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
أعلن استقلالك
أعلن استقلالك
في أي علاقة يصبح فيها الاثنان واحداً, تكون النتيجة النهائية أن تجد تصفين من البشر.
إن مغادرتك للعش النفسي هي إحدى أصعب المهام الحياتية. إن أفعى التبعية والاعتماد على الآخرين تسلل إلى حياتنا بطرق لا حصر لها ويصبح الإجهاز عليها أكثر صعوبة. إن الاستقلال السيكولوجي يعني التحرر الكامل من كل العلاقات القهرية وكذلك غياب السلوك الموجَّه من قبل الآخرين. إنه يعني التحرر من حتمية القيام بشيء لم تكن لتختاره لو لم يكن هناك وجود لهذه العلاقة أصلاً. ومغادرة العش هي مسألة صعبة؛ خصوصاً أن مجتمعنا يعلمنا تلبية آمال معينة في علاقتنا الخاصة؛ والتي تضم الأبوين والأطفال والمسئولين والأحباء.
إن مغادرتك العش تعني أن تصبح مستقبلاً بذاتك وأن تعيش وتختار لنفسك السلوكيات التي ترغب فيها. لكن هذا لا يعني الانشقاق عن الآخرين بأي حال من الأحوال. فإنك إذا استمتعت بطريقتك التي تتعامل بها مع الآخرين, ولم تعق هذه الطرقة تحقيقك لأهدافك فإنه يمكنك حينئذٍ أن تزداد تمسكاً بها ولا تحاول تغييرها. إن الاتكالية/التبعية السيكولوجية تعني على الجانب الآخر أنك تعيش في إطار علاقات لا تتيح لك أي قدر من حرية الاختيار, وتجبرك على أن تكون على صورة معينة لا تريدها كما تعني استياءك من الطريقة التي ينبغي أن تكون من خلالها مسئولاً عن نفسك وعن تصرفاتك. هذا هو مضمون التبعية السيكولوجية وأساسها. وهذا يماثل إلى حد كبير سلوك البحث عن الاستحسان الذي ناقشناه في الصف الثالث. إذا كنت تريد علاقة من نوع معين فهذا أمر لا بأس به. لكن إذا كنت تحتاج بشدة إلى هذه العلاقة أو أن هذه العلاقة كانت مفروضة عليك وتشعر بالاستياء نتيجة لذلك فإنك حينئذ تعاني من قهر الذات. وبذلك يتضح أن الاضطراب أو الحاجة الشديدة هي المشكلة, وليست العلاقة نفسها. فالاضطراب يُولد الشعور بالذنب والاتكالية, في حين أن الاختيار يعزز مشاعر الحب والاستقلالية. ليس هناك أي نوع من الاختيار في علاقة تقوم على أساس التبعية السيكولوجية لشخص آخر, وسوف يترتب على ذلك نوع من اسُخط واضطراب المشاعر في أي علاقة من هذا القبيل.
إن الاستقلال السيكولوجي عن الآخرين يتضمن عدم الحاجة إلى الآخرين. لاحظ أنني لم أقل عدم الرغبة في الآخرين, ولكنني قلت عدم الحاجة إليهم. ففي اللحظة التي تصبح فيها في حاجة إلى الآخرين, تصبح فيها عبداً تحركه الأهواء. إذا تركك الشخص الذي أنت محتاج إليه أو غير رأيه أو مات فسيكون مآلك إلى الجمود أو التداعي أو حتى الموت.
المجتمع يعلمنا أن نتكل سيكولوجياً على مجموعة معينة من الناس كالأبوين وغيرهما. وطالما أنك تشعر بأنك مضطر إلى القيام بشيء لأنه هو المنتظر منك في إطار علاقة معينة, وطالما أن قيامك به يصنع نوعاً من الاستياء أو يولد عدم قيامك به نوعاً من الشعور بالذنب, يمكنك أن تعتبر نفسك من بين هؤلاء الذين ينبغي عليهم بذل الكثير للتخلص من موطن الضعف هذا.
ويبدأ سلوك الاتكالية في النشوة داخل في نطاق الأسرة ومن خلال الطريقة التي كان يتعامل بها الألوان معك وأنت طفل, ويظهر في الطريقة التي تتعامل بها مع أطفالك اليوم. كم عدد الجمل التي تدعو إلى الاتكال السيكولوجي وتحملها في عقلك إلى اليوم؟ وكم منها تفرض على أولادك؟
المفضلات