من هم الأشخاص الذين يتمتعون بأكبر قدر من الاحترام في المجتمع؟ أليسوا هم أولئك الذين يتمسكون بقيمهم تمسكا شديدا ,ولا يكتفون بالإعلان عنها فحسب, بل يعيشون بموجبها؟ إننا جميعا نحترم أولئك الذين يقفون دفاعا عما هم مقتنعون به حتى وان كنا لا نوافقهم على أفكارهم فيما هو صحيح أو خاطئ, إذ هنالك قوة كامنة لدى الأشخاص الذين يتبعون حياة تتوافق فيها أفعالهم مع فلسفتهم في الحياة نجد هذه السمة النادرة لدى البشر عند أولئك الذين يتصفون بالاستقامة, ومثل هؤلاء الذين نلمس لديهم توافقا في حياتهم مع مبادئهم يملكون قدرة هائلة على التأثير في الناس، لنأخذ مثلا مذيع الأخبار الأمريكي المعروف وولتر كرونكايت فلقد كان هذا المذيع المرموق هو الذي تولى إذاعة الأخبار الصاعقة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث, مثل اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي ونزول رائد الفضاء الأمريكي نيل آرمسترونج على سطح القمر.

وقد أصبح وولتر كرونكايت بذلك عضوا في كل عائلة أمريكية, وكنا نثق في آرائه ضمنيا. في بداية حرب فيتنام كان ينقل الأخبار عن هذه الحرب بالأسلوب نفسه الذي اتبعته وسائل الإعلام الأمريكية حينذاك, إذ كان يذيع أخبار التورط الأمريكي في هذه الحرب طبقا للنظرة التي كانت تعتبر حينذاك موضوعية من وجهة النظر الأمريكية.

غير أنه غير وجهة نظره بعد أن زار فيتنام, وقد أملت عليه قيمه في النزاهة والصدق, سواء أوافقه عليها أمريكيون آخرون أو لم يوافقوه, أن يعبر عن استيائه من هذه الحرب. ولابد لي من القول بأن تأثيره على الآخرين كان القشة الأخيرة التي قسمت ظهر البعير ودفعت الكثيرين من أبناء الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة إلى البدء بالتساؤل حول شرعية تلك الحرب لأول مرة في حياتهم، وبذا لم يعد من يتساءلون عن شرعية هذه الحرب مجرد عدد قليل من الطلاب الراديكاليين بل كذلك (العم وولتر) كما كان يسمى حينذاك.

لقد كان النزاع حول مسألة فيتنام في حقيقته صراعا حول القيم في الثقافة الأمريكية وكانت الحرب حول ما هو الصواب وما هو الخطأ هي المعركة الدائرة في الولايات المتحدة في الوقت الذي كان فيه الجنود الأمريكيون يخوضون الحرب في فيتنام دون أن يعرف الكثيرون منهم لماذا يخوضون هذه الحرب. وتجدر الإشارة إلى أن التناقض في قيم قادتنا في الولايات المتحدة كان أحد أكبر أسباب الألم في ثقافتنا كأمريكيين, ولا شك أن ووترجيت تركت جرحا لدى الكثيرين من الأمريكيين, وان كانت بلادنا قد استطاعت الاستمرار في النمو بفضل أولئك الأفراد الذين يتقدمون الصفوف بين آونة وأخرى ليظهروا ما يمكن للإنسان أن يفعل. من هؤلاء بوب جيلدوف الذي ركز انتباه العالم على المجاعة في إفريقيا, أو إد روبرتس الذي جند القوى السياسية الضرورية لتغيير نوعية حياة أولئك الذين يعانون من إعاقات جسدية.










المرجع: أيقظ قواك الخفية
اسم الكاتب: انتوني روبنز
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 369-370
كلمات مفتاحية: قيم – وجهات نظر الآخرين – التأثير – التواصل – صراع القيم – تناقض القيم
أرسل بواسطة: بهاء الشيخ علي
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=252