عضو جديد
- معدل تقييم المستوى
- 0
صــرخـة الولـــــــــــــيد
وصل إلي أول كشك وطلب جميع أعداد الصحيفة الثقافية الأسبوعية ، ووضع الكمية في سيارته وأسرع إلي محل أخر للصحف وطلب نفس الطلب وتحصل علي عدد من الصحيفة ووضعها بسرعة في سيارته ، وأنتقل إلي غيره وتحصل علي كمية أخري ووضعها في السيارة ، وهو يلهث من الإثارة والإحساس بأنه يقوم بعمل تاريخي في حياته . إنه يسعي بأن يتحصل علي أكبر كمية ممكنة من هذا العدد فهو بالنسبة إليه الباب الواسع نحو الشهرة والانتشار ، ففي هذا العدد سينشر له أول مقال بعنوان ( صرخة الوليد ) وسيكتب أسمه بالخط العريض تحت مقاله ، فهذا الإنتاج البذرة الأولي وقد سهر أكثر من أسبوع وهو يجمع الكلمات وينمق العبارات ويمزق الصفحات ويتعثر في البداية ليحاول من جديد .
كان عمل مضني لميلاد المقال بل الوليد ليطلق صرخاته الأولي علي بساط الإبداع بهذه الصحيفة الثقافية التي تهتم بالأقلام الشابة ، ولقد أرسل المقال منذ أكثر من شهر وأتصل بهم أكثر من حروف المقال ليستفسر عن المقال وما هو مصيره وهل أصبح من ضمن مواد الصحيفة ، وقد وعدوه في نهاية الأمر بأن هذا العدد سيتميز بوجود مقاله علي صفحاته .
فمع بزوغ شمس هذا اليوم وهو يتنقل من مكان لأخر ليجمع أعداد الصحيفة من أغلب المحلات والأكشاك ويكدسها بسيارته وهو يغالب بقوة أن يتصفح الصحيفة وأن تتنزه عيناه بين سطور مقاله ، بل ترك هذه اللحظات التاريخية ، عند وصوله لمنزله بغنيمته من هذه الأعداد الرهيبة من الصحيفة والتي أدخرها ليوزعها علي أصدقائه وأهله وأحبائه وعلي كل من شكك في قدراته الأدبية وعل جيرانه وزملائه في العمل .
وبهذا يكون قد وضع قدمه علي أول سلم الشهرة والرقي ليصبح مشعل من مشاعل المعرفة والثقافة ، وتتناقل وكالات الأنباء والصحف والمجلات والفضائيات أخباره وأعماله ويشار إليه بالبنان ، وتصبح أعماله مطلوبة وتتلهف عليها أكبر الصحف والمؤسسات الإعلامية وتلهث علي أن تتشرف بأن تكون كتاباته تتصدر مطبوعاتها ، وتتنافس المطابع أن تطبع كتبه وقصصه وأرائه وتصبح أفكاره قبلة المفكرين والأدباء .
ولكن في خضم الشهرة لن يحرم الجيل الجديد من أن يتعلم وأن يكون له المرشد وأن يوضح له ما عناه من كفاح مرير من أجل أن يكون في القمة وما يكابده الأن من جهد ومؤامرات وتصادم ليحتفظ بهذه المكانة علي قمة الأدباء والمفكرين ، إنها معاناة لا يشعر بها إلا كل من كد وجد ونال الأحباطات والعزوف والنكران ، ولكن يأبي العطاء النابع من أديب شامخ وبمداد يزخر بالروعة والإبهار إلا أن يسطر أجمل وأروع المقالات والكتابات ليبهر العالم بقوة الإنتاج وغزارة الإبداع .
ما أجمل أن نتنشق عبير النجاح ونتلذذ برحيق الشهرة ونحن نشاهد بين أيدينا براعم مقالاتنا وهي تتفتح لتفوح معها روعة العطاء ورياحين الإبداع وتبهر بجمالها وتناسق عباراتها العيون . لتلهث بين السطور لتجمع أجمل الباقات من حدائق كلماتنا الزاخرة بالحياة .
واستفاق من رحلة أحلام اليقظة أمام باب بيتهم ، فنزل من سيارته وجمع جميع الأعداد ودخل مسرعاً إلي غرفته ووضع كنزه علي الطاولة ، وجلس وأمسك بأحد الأعداد وهو يتصفحه بلهفة وأعينه تتسارع للبحث عن مقاله ، حتى وصل لاستراحة الأقلام الشابة ووجد عنوان مقاله يتصدر الصفحة ( صرخة الوليد ) ففرحت عيناه وتدرجت لأسفل العنوان لتلتهم أسطر المقال ، وفجاءة ذهل ما هذا الحبر الأسود الذي يشوه أغلب الصفحة بالكامل نظراً لخطأ في الطباعة وأخذ يبحث عن أي سطر من مقاله أو حرف من أسمه أخذ كالمجنون يطلع علي الصحف الأخرى فلم يجد سوي مداد يغطي الصحيفة ويجرف معه أحلامه الوردية في الشهرة والمجد ، لقد صمت الوليد عن الصراخ بل قد مــات الوليد قبل أن يولد .
من تأليفي .. أنتظر الرد
المفضلات