السعادة في الحياة مطلب دائم نسعى إليه جميعا، لكن إذا كنت تعتقدين أن البشر من حولك يمكن أن يمنحوك هذه السعادة فأنت حتما خاطئة.

فالسعادة صناعة ذاتية قوامها الإيجابية في التفكير والتعامل، المزيد من التفاصيل نتابعها سويا فكوني معنا..


الذين يتبعون السلبية في تفكيرهم دائما ما يفكرون في العوائق والمتاعب كلما راودتهم الفكرة لعمل ما،

فإذا أراد صاحب هذا التفكير تعلم مهارة معينة سريعا ما يقفز إلى ذهنه ضيق الوقت والتعب الذي سيلاقيه والأموال التي يتكبدها ورحلة البحث عن مدرب جيد،

ونتيجة لذلك يقلع عن الفكرة ويحكم عليها بالإعدام قبل أن تولد أصلا، هؤلاء حياتهم ماهي إلا سلسلة من الهموم وحلقات من العذاب والأحزان،

لأن تفكيرهم دائما يكون موجها ومبرمجا على المتاعب والتي تصيبهم بالاكتئاب والقلق على مدار الوقت،

وكما نلاحظ أنهم يتوقفون عن السعي لتحقيق الأهداف في الحياة لخوفهم من الفشل ورغبتهم الحثيثة على أن يكون في منطقة يعتقدون أنها آمنة وبعيدة عن المتاعب.



وفي الحقيقة يعيش هؤلاء حياة مفعمة بالألم والتوترات النفسية التي تعجل بوصولهم إلى الشيخوخة وهم في أوج شبابهم،

وعلى النقيض من ذلك نجد أصحاب التفكير الإيجابي مقبلين دائما على خوض غمار التجارب الجديدة واضعين نصب أعينهم الفوائد والثمار التي سوف يتم جنيها في البداية،

العقل تمت برمجته على الجوانب المفيدة والمثمرة في أي موضوع، فإذا فكر هذا الشخص في تعلم مهارة حياتية جديدة ينظر إلى دور هذه المهارة وأثرها في صقل شخصيته،

كما يتدبر في أهميتها لإعداده كي يكون شخصية مقبولة ومؤثرة في المجتمع، هو هنا لا يتجاهل العوائق والمشكلات ولكنه اعتاد على ابتكار الحلول وعمل الجداول المنظمة لعمله،

لا يحرم نفسه من الفرصة لمجرد وجود بعض العوائق والمطبات التي تؤخره مؤقتا عن بلوغ الهدف، ولكي نستحضر التجربة نضرب مثالا بشخص تم فصله من عمله،

فأصحاب التفكير السلبي ينظرون إلى هذا الموقف على أنه كارثة تتوقف على أثرها حياته، تملؤه الهموم ويمتلئ عقله بمتاعب والتزامات الحياة.



أما صاحب التفكير الإيجابي ينظر إليها على أنها فرصة للتحرر من قيود وعيوب العمل القديمة محاولا تطوير ذاته باحثا عن سبب فصله من العمل كي يتجنب ذلك مستقبلا،

لا شك أن الفرق هنا هو الفارق بين حياة كئيبة مملة تغلفها الهموم والمتاعب وحياة أخرى مفعمة بالأمل والسعادة وبالتالي هي فرصة لقوة التركيز وتحقيق النجاح ولا تتوقف الفوائد الإيجابية على الجانب النفسي فحسب،

ولكن وجد أن التفكير السلبي يؤثر على الصحة العامة، ففي العديد من الدراسات اكتشف الباحثون أن أصحاب التفكير السلبي عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والضغط والسكري وضعف الذاكرة وأيضا ظهور الأعراض المبكرة للشيخوخة.



لذا فالإيجابية تعتبر منهجا للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية أيضا، وعن الجانب الجمالي كذلك تشير الأبحاث إلى أن الإيجابية في الحياة تزيد من جمال وإشراق البشرة وتحافظ على صحة الشعر وقوته، كما يظهر أثرها جليا في لمعان العينين وارتسام الابتسامة على الوجه والتي تزيده تألقا.


تفكيرك هو بداية واقعك فكوني إيجابية


التفكير هو اللبنة الأولى والأساس للواقع الذي نعيشه، فإذا ما تحلينا بالتفكير الإيجابي البناء سوف يتم ترجمة ذلك لاحقا إلى واقع ينبض بالإيجابية تتحقق على إثره أهدافنا، أما إذا اعتمل فكرك بالأمور السلبية الهدامة فسوف يكون واقعك مظلما بالكآبة والقلق النفسي، إذا السعادة الحقيقية منبعها التفكير الإيجاي والذي لا يمتلكه معظمنا، فكيف تكونين إيجابية التفكير كي تضمني لنفسك مقعدا وسط السعداء؟ الإجابة تعثرين عليها هنا في هذه النقاط.



جهزي البيئة من حولك:

من أنجح الطرق لتعلم عادة جديدة أو حتى لكسر عادة قديمة تمهيد وتجهيز الوسط أو البيئة التي نعيش فيها، البيئة هنا تشمل الأشخاص الذين نتعامل معهم والأماكن التي نذهب إليها باستمرار والبرامج التي نشاهدها أو نستمع إليها والملابس التي نرتديها، فمثلا لابد من الجلوس مع أولئك الأشخاص الذين يتميزون بالإيجابية في التفكير والبعد عن أولئك الذين ينظرون إلى الحياة بنوع من التشاؤم والسلبية، لأننا حتما سوف نتأثر بهم دون أن نشعر، اقرئي أيضا في الموضوعات التي تعزز من روح الإيجابية لديك، ونفس الأمر ينطبق على البرامج التي ينبغي عليك مشاهدتها ولا تنصتي إلى آراء المحبطين، لأنهم سيهدمون كل خطوة تتقدم بك إلى الأمام.



خطوات صغيرة:

ابدئي التفكير بإيجابية عن ضرورة اتباعك لخطوات صغيرة أولا، لا تكلفي نفسك فوق طاقتها حتى لا تصابي بالملل مما يضمن لك الاستمرار في تعلم هذه الطريقة المفيدة في التفكير، وسوف يمنحك ذلك الفرصة للتركيز أكثر على بناء هذه العادة بدلا من التفكير في نتائج ما تقومين به، وهنا يضرب علماء النفس المثال بشخص يمتلك أسنان رديئة إذا قمنا بحثه أو دفعه لاستخدام الخيط لتنظيف أسنانه كاملة، في البداية ربما يفعل ذلك في يومه الأول لكنه سوف يتذكر الألم الذي يشعر به في فمه ومن ثم يتوقف عن هذه العادة، الأفضل في هذه الحالة أن نقول له إنه يتعين عليك استخدام الخيط لتنظيف سنه واحدة في اليوم الأول، هنا لا يمكن أن يعترض فالأمر في غاية السهولة ليس به أي صعوبة، لن يتعلل في المرات القادمة بضيق الوقت أو الملل أو التعب بل سيجد نفسه تلقائيا ينتقل لتنظيف بقية الأسنان بصورة اعتيادية، وهذا هو الهدف الذي يسعى إليه علماء النفس لممارسة العادة الجيدة ولا يهم كثرة القيام بها، المهم أن تصبح جزءا من الروتين اليومي، نفس الأمر بالنسبة للتفكير الإيجابي لابد وأن يبدأ صغيرا.



راقبي اللحظات الإيجابية اليومية:

ركزي جيدا على اللحظات الإيجابية التي تمرين بها يوميا، فهذه الطريقة تعتبر من الوسائل الناجحة لزيادة قدرتك على التفكير الإيجابي، ومن ضمن الطرق التي يتبعها أطباء النفس لعلاج الاكتئاب أو التشاؤم أن يطلب من المريض كتابة الخبرات والتجارب السعيدة التي مرت في حياته والتي كان قادرا هو نفسه على القيام بها، يحدث ذلك لأن صفة السلبية في التفكير لا تتسم في العقل الظاهر ولكن موطنها هو العقل الباطن، فعندما نبعث إليه برسالة أن حياتنا مليئة بالإيجابيات يفهم هو أننا بالفعل قادرون على تحقيق المزيد من الإنجازات بغض النظر عما يمكن أن نلاقيه من متاعب وعوائق.


راقبي مفرداتك:

وهي نقطة ذات أهمية قصوى نغفل عنها جميعا، فالعقل الباطن لا يفهم الكلمات السلبية فمثلا عندما نسمع عبارة «لا تدخن» فهو يقرأ فقط كلمة تدخن «لا تلمس هذا الشيء» هو يقرأ العبارة تلمس هذا الشيء،

العقل الظاهر فقط هو الذي يميز ويقرأ الإيجابي والسلبي من المفردات وهذه النقطة في غاية الأهمية لاسيما عند التعامل مع الأطفال لأنهم لم يعتادوا على استخدام الوعي أو العقل الظاهر،

ومن ثم فمعظم فهمهم يتم عن طريق العقل الباطن ولذلك لا تتعجبي عندما تقولين لطفلتك عن طعام أو شراب معين «ليس مفيدا» ثم تأكله لأن عقلها الباطن لم يقرأ إلا كلمة مفيدا فقط، مطلوب منا ألا نستخدم مع الأطفال عبارات النفي مطلقا،

فالصحيح إعادة صياغة الجملة بكلمات مثبتة فمثلا العبارة السابقة «ليس مفيدا» تقال للطفل رديء أو سيئ أو «مضر» أما بالنسبة للكبار فبدلا من أن تخاطبي نفسك لن أكون بدينة، يمكنك القول سوف أحافظ على رشاقتي لن أتكاسل اليوم،

هي نفسها سوف أجتهد اليوم وأخيرا لابد وأن تعلمي أن مشاكل الحياة لن تنتهي، وكل شخص يعيش وسطنا يحمل على كاهله أعباء ربما تكون أضعاف ما لديك من الهموم والمتاعب،

لكن ليس من المنطق أن نقف عند كل مشكلة تقابلنا أو نتركها تهدم الحياة التي نعيشها، فكري بإيجابية في الحلول بدلا من التنقيب عن مزيد من العوائق التي تزيد من تعقيد وظلمة الحياة.





__________________________________________________