ثالثًا: قانون الجاذبية:
القانون الثالث من القوانين النفسية وله بعضُ صلة بالقانون الثاني: هو قانون الجاذبية.


يقول هذا القانون:
"الإنسان كالمغناطيس، يجذِبُ إليه الأشخاص الذين ينسجِمون مع طريقة تفكيرِه، فإذا أراد أن يغيِّرَ الظروفَ المحيطة به، فليُغيِّر طريقةَ تفكيره".


فالمتفائل يجذِبُ إليه الأشخاصَ الذين يُعِينونه على تحقيق ما يصبو إليه، والمتشائم عكسه، وهذا ليس اكتشافًا جديدًا، فمنذ القديم قيل: إنَّ الطيورَ على أشكالها تقعُ، وقيل: وشِبه الشيء منجذبٌ إليه.


رابعًا: قانون الأفكار (قانون التعويض):
إن العقلَ الواعي يستطيع أن يحتضنَ فكرة واحدة فقط في وقت واحد، سواءٌ أكانت هذه الفكرة سلبية أم إيجابية؛ لذلك يجب علينا أن نطرُد أي فكرة سلبية تسكُنُ وعينا، ونضع عوضًا عنها فكرة إيجابية، إذا أردنا أن نكوِّن مواقفَ إيجابية في حياتنا، فعلينا أن نفكرَ باستمرار في الأشياء والأحداث والمواقفِ الإيجابية، ونبتعد عن كل ما هو سلبي.


إن العقل كالحديقة، إما أن تنموَ فيها الأزهار الجميلة، وإما الأعشاب الضارة، لكننا ما لم نزرَعْ عن قصد واختيار الأفكار النافعة في عقولنا، فإن الأفكار السلبية الضارة ستنمو فيها؛ فالحشائش والأعشاب الضارة تنمو وحدها، ولا تحتاج إلى عناية ورعاية لتشِبَّ وتكبر، وكذلك المخاوف والأفكار الضارة تغزو العقلَ وتنمو فيه، ما لم نقُمْ عن وعيٍ وعمد بزراعة الأفكار الإيجابيَّة النافعة بدلاً منها.


إن الفكرةَ الإيجابية إذا دخلت وعيَ المرء تطرُدُ الفكرة السلبية التي تقابلها، والعقل لا يقبَلُ الفراغ، إذا لم نملأه بالأفكار التي تفتح أمامنا آفاقَ التقدُّم والانطلاق، فسوف يمتلئ بالأفكار المؤذِية التي تحُول بيننا وبين النمو والتقدُّم، وإلى هذا تشير الحِكمة القائلة: إذا لم تشغَلْ نفسَك بما ينفعُك شغَلَتْك بما يؤذِيك.


ومما يحسُنُ إيراده في هذا المقام كلامٌ نفيس للإمام ابن القيم[4] رحمه الله، يقول:
"وقد خلَق الله سبحانه النفسَ شبيهة الرحى الدائرة التي لا تسكُن، ولا بد لها من شيءٍ تطحَنُه، فإن وُضِع فيها حبٌّ طحنَتْه، وإن وُضِع فيها تراب أو حصًى طحنته؛ فالأفكارُ والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلةِ الحَبِّ الذي يوضع في الرَّحى، ولا تبقى تلك الرَّحى معطلة قط، بل لا بد لها من شيء يوضَع فيها؛ فمن الناس من تطحَنُ رحاه حبًّا يخرجُ دقيقًا ينفَعُ به نفسه وغيره، وأكثرهم يطحن رملاً وحصًى وتِبنًا ونحو ذلك، فإذا جاء وقتُ العَجْن والخبز تبيَّن له حقيقة طحينه".


خامسًا: قانون التكرار:
إن قدرتَنا العملية كالقدرةِ على لعب التنس، أو الطباعة على الآلة الكاتبة، أو السباحة - مثلاً - تبدأ بتعلُّم المهارةِ المطلوبة، ثم التدرُّب عليها، وتكرارها حتى تُصبِح عادة.


كذلك الأمرُ بالنسبة للعادات العقلية، فإذا أردنا إحلالَ عادة عقلية إيجابية محلَّ أخرى سلبية، فعلينا أن نفكرَ بها مراتٍ حتى تصبحَ عادة عندنا.


إن الناجحين لا يفكِّرون عندما ينهَضون من أَسِرَّتِهم في الصباح أنهم سيكونون إيجابيين، لقد أصبَح التفكيرُ الإيجابي عادة عندهم..، لقد تعوَّدوا على التفاؤل، وعلى توقُّع الأفضل في كلِّ موقف حياتيٍّ يمر بهم، إنهم يفعَلون هذا بشكل تلقائي دون أن يفكِّروا فيه؛ لأنه أصبَح عادة عندهم.


إن مستقبلَنا يعتمد بعد الله على العاداتِ العقلية الصحيحة التي كوَّناها عن عمدٍ ووعي، وصدَق من قال: "كوِّن لنفسك عاداتٍ صحيحة، ثم أسلِمْ لها قيادَك".