تأثير الدهون :
قد لا يعرف الكثيرون أن مخ الإنسان يتكون من 60% من الدهون تقريبا.
الميلين مثلاً، وهو الغلاف الذى يحيط بمعظم ألياف أو محاور الخلايا العصبية فيعطيها الحماية ويسرع من انتقال النبضات العصبية- يتكون من 75% دهن. وقد كان الاعتقاد السائد قديما أن الدهون الغذائية ليس لها تأثير يذكر على تركيب المخ ووظيفته، ولكن الأبحاث الحديثة اثبتت أن الأحماض الدهنية تؤثر على المخ منذ الحياة الجنينية إلى الشباب والشيخوخة. وأن هناك أحماض دهنية أساسية EFA (لينوليك Linoleic وألفا-لينولينكa-Linolenic ) لا تستطيع أجسام الثدييات تصنيعها، ولذلك يجب تناولها عن طريق الغذاء لأنها تدخل فى تصنيع مركبات هامة أخرى. وقد ثبت أيضا أن حمضى الأراشيدونيك Arachidonic وDHEA من أهم الأحماض بالنسبة للمخ، وهما من الأحماض طويلة السلسلة المتعددة الغير مشبعة. ولحسن الحظ أنه يمكن تخليق هذين الحمضين فى الجسم بالاضافة إلى امكانية الحصول عليهما من الغذاء، وقد حظى الأخير (DHEA) باهتمام كبير فى الآونة الأخيرة لأن الأبحاث الحديثة أثبتت أن له تأثير كبير على الذاكرة وعلى الحالة النفسية والمزاجية. وعموما يجب عند التحدث عن الدهون والزيوت وتأثيرهما على وظيفة المخ مراعاة النقاط التالية:
1- كمية الدهون المستهلكة.
2- التوازن بين الأحماض الدهنية المشبعة، الغير مشبعة.
3- التوازن بين أنواع أوميجا3، أوميجا6 فالنسبة بينهما تتراوح بين 1:1 وتصل إلى 1:3.
4- تجنب الأحماض الدهنية من النوع ترانس Trans-Fatty Acids.
وعلى الرغم من أن المخ لا يمكنه استعمال الدهون أو الأحماض الدهنية الحرة مباشرة، إلا أنه يستطيع استعمال البيتاهيدروكسى بيوتريت B-hydroxybutyrate التى يتم تكوينها فى الكبد من الأحماض الدهنية، وهذه وسيلة هامة للغاية أثناء الصيام الطويل أو الجوع الشديد Starvation بعد أن يتم استنفاد جميع الجليكوجين المخزن فى الكبد.. فى هذه الحالة يسمح للمخ باستعمال الدهن المخزن فى الجسم كمصدر للطاقة.
زيت السمك مفيد للمخ :
الأسماك خاصة الزيتية منها مثل السالمون والماكريل والسردين تحتوى على كثير من الأحماض الدهنية الأساسية والأحماض من النوع أوميجا3 الضرورية لعمل المخ وتحتوى كذلك على الكولين فى الليسثين، وهذا يثبت أن نصيحة الأمهات القديمة "كلوا السمك فإنه مغذ للمخ" كان لها أساس علمى.
والدراسات الخاصة بطب المجتمعات أثبتت أن الإكثار من تناول الدهون تزيد من احتمالات الإصابة بمرض الزهايمر، بينما يؤدى الإكثار من تناول السمك إلى العكس. ورغم ذلك فلم يجزم العلماء بوجود علاقة سببية .. بمعنى أنه ليس شرط أن يؤدى زيادة استهلاك الدهون أو السمك إلى النتائج السابقة.
فى كتابه "The Omega-3 Connection" يعتقد أندرو ستول – أستاذ الطب النفسى فى جامعة هارفارد – أن زيت السمك الغنى بالأحماض الدهنية من النوع أوميجا3 ربما يساعد فى علاج عدد كبير من الاضطرابات النفسية، لأن المخ بحاجة إلى مشتقات هذه الأحماض كى يؤدى وظائفه على نحو ملائم. ورغم ذلك فقد قلل الأمريكيون استهلاكهم من هذه الزيوت خلال القرن الماضى واتجهوا نحو نظم غذائية تعتمد على الأغذية المعالجة. ويعتقد بعض الباحثين أن السبب فى ارتفاع معدلات الاصابة بأنواع الاكتئاب الرئيسية مثل الاكتئاب ثنائى الهوس واكتئاب ما بعد الوضع والميول الانتحارية ترجع إلى انخفاض معدل استهلاك الأسماك. ويعتقد دكتور جوزيف هيلين بأن مشتقات أوميجا3 تجعل من السهل على خلايا المخ أن تستقبل الإشارات المتعلقة بالمزاج وتتعامل معها. أما الدكتورة لورين مارينجل فتشبه المستقبلات الموجودة فى الخلايا بجرس الباب وأن أوميجا3 هى الزيت الذى يحرر هذا الجرس من الالتصاق بالباب ويجعله يستجيب للمسة الطارق.
الفوسفوليبيدات :
تحتوى الفوسفوليبيدات فى تركيبها على الفوسفات -كما هو واضح من الاسم- وأحماض دهنية وجليسرول ثم مجموعة كحولية (كولين أو ايثانول أمين) أو حمض أمينى (سيرين). وتستخدم أساساً فى بناء أغشية الخلايا, وأهم الفوسفوليبيدات بالنسبة لعمل المخ:
1- الليسثين lecithin : يحتوى على الكولين الذى يدخل فى تركيب الأستيل كولين (AcCh)- أكثر المرسلات العصبية نشاطا وفاعلية فى عمل المخ والذاكرة. وقد أثبتت الدراسات أن مرضى الزهايمر ينخفض لديهم مستوى AcCh فى المخ. وعلى الرغم من أن ال AcCh يتم تصنيعه فى نهايات الخلايا العصبية إلا أن الكولين نفسه لا يمكن تصنيعه هناك، بل يجب نقله من السائل المحيط بالخلايا ECF، وهذه هى الخطوة المحددة لتصنيع ال AcCh، وحينما يتم تكسير ال AcCh عند الشقوق العصبية فإنه يتم استرجاع 50% من الكولين الناتج إلى نهايات الأعصاب ليستخدم من جديد. فى إحدى الدراسات التى أجريت فى معهد MIT بأمريكا وجد أن الطلاب الذين تناولوا (3 جم) من الكولين يوميا تحسنت قدراتهم الذهنية مقارنة بزملائهم الذين لم يتناولوا الكولين. نفس النتيجة تم الحصول عليها فى دراسة أخرى عند إعطاء 80 جم من الليسثين يوميا. والليسثين يوجد فى كثير من المواد الغذائية مثل البيض والكبد ومنتجات الصويا والقمح والفول السودانى.
2- الفوسفاتيديل سيرين PS (Phosphatidyl Serine) : يشكل نسبة كبيرة من حجم النسيج العصبى، وقد وجد من التجارب الأولية أن اعطاءه لمرضى الزهايمر أدى إلى زيادة قدراتهم على تذكر الأسماء، وتذكر أماكن الأشياء، كما أدى إلى تحسن الحالة النفسية والعقلية لمرضى باركنسون، ولكنه لم يؤد إلى أى تحسن فى القدرة على التحكم فى العضلات، وعموما فهذه التجارب مازالت بحاجة إلى تأكيد.
تأثير الفيتامينات ومضادات الأكسدة:
- مجموعة فيتامين B المركب: رغم أهمية كل فيتامينات هذه المجموعة إلا أنه يمكن الإشارة إلى خمسة منها باعتبارها أكثر أهمية لصحة وسلامة الجهاز العصبى: الثيامين (B1)، الريبوفلافين (B2)، النياسين (B3)، البيرودكسين (B6)، والسيانوكوبولامين (B12) النقص فى إحدى هذه الفيتامينات يؤدى إلى تشوش الفكر وقلة التركيز والانتباه. وقد أضيف إليها مؤخراً حمض الفوليك (B9) لأن نقصه أثناء الحمل يسبب عيوب خلقية فى القناة العصبية للجنين. وقد أشارت الدراسات إلى أن المرأة تحتاج ما بين 400-800 ميكروجرام يومياً خلال الأسابيع الستة الأولى من الحمل لضمان النمو الكامل للقناة العصبية والنسيج الذى سيصبح المخ والعمود الفقرى، فقد لوحظ أن الجرعات الأقل تؤدى إلى صغر المخ Anancephaly الذى يسبب الموت بعد ساعات قليلة من الولادة وتشوه فقرات العمود الفقرى الذى يمكن أن يسبب أى شئ بدءاً من الشلل حتى مشاكل الأمعاء والمثانة طوال الحياة. والمشكلة أن معظم النساء لا يعلمن بحملهن إلا بعد انقضاء الأسابيع الستة الحاسمة ولذلك فإن خدمة الصحة العامة فى الولايات المتحدة تنصح جميع النساء فى سن الحمل والولادة بتناول 400 ميكروجرام من حمض الفوليك يومياً كحد أدنى. والأغذية الغنية بفيتامين B كثيرة، وتشمل اللبن ومنتجاته والكبد واللحوم الحمراء والمكسرات والموز والخضروات الورقية والبازلاء الخضراء وخميرة البيرة، ويمكنك أيضا أخذ جرعة متوسطة من أقراص الفيتامينات المحتوية على فيتامين B.
2- مضادات الأكسدة تحافظ على مخك من خطر الشوارد الحرة : يستهلك المخ أكسجين أكثر من أى نسيج آخر فى الجسم، وهذا يجعله عرضة لخطر الشوارد الحرة التى تهاجم الخلايا وتحطمها، مما يؤدى إلى الفقد التدريجى فى الذاكرة والتفكير بتقدم العمر.. وطبيعى أنه لو عرض على أى عاقل أن يختار مكان واحد فى الجسم يحميه من خطر الشوارد الحرة لاختار المخ بدون تردد أو تفكير، فالحياة بدون المخ والذاكرة لاتساوى شئ. ومن نعم الخالق عز وجل علينا أنه زود أجسامنا بمواد طبيعية تبطل هذه العمليات التأكسدية، بالإضافة إلى أن الغذاء يحتوى على كثير من الفيتامينات التى تقوم بهذه العملية، وتسمى بمضادات الأكسدة مثل فيتامينات C, E والبيتاكاروتين، وكثير من الكيماويات النباتية phytochemicals التى اكتشفت حديثاً فى الخضروات والفاكهة الملونة.
فاحرص دائماً على أن تجعلها فى قائمة غذاءك اليومى لكى تجعل دفاعاتك قوية ضد الأكسدة. وفى إحدى الدراسات التى أجراها المعهد القومى الأمريكى للشيخوخة وجد أن إعطاء مرضى الزهايمر من ذوى الحالات المتوسطة جرعة كبيرة من فيتامين E بلغت 2000 وحدة دولية يومياً لمدة سنتين أدت إلى عدم تدهور حالاتهم نتيجة المرض، وأصبحوا قادرين على الاعتناء بأنفسهم لفترة أطول (الاستحمام-اللبس- الوظائف الحياتية الأخرى) موازنة بأقرانهم الذين تناولوا البلاسيبو الخالى من الفيتامين. وقد نشرت هذه الدراسة فى مجلة New Eng. J. Med، وأحدثت ضجة إعلامية فى ذلك الوقت. وفى دراسة أخرى نشرت فى مجلة لانست البريطانية وجد A.Burns أن حوالى 60% من مرضى الزهايمر عندهم نقص فى فيتامينE.
مساعد الانزيم كيو10 (Co-enzyme Q10) مساعد أكسدة طبيعى ومهم لكل خلية من خلايا الجسم، يتم تخليقه فى الجسم ويوجد فى الطبيعة فى النبات والحيوان، لا يمكن لأجسامنا أن تعيش بدونه إذ أنه يلعب دوراً هاماً فى تحويل الغذاء إلى طاقة، وحينما تزداد احتياجاتنا من الطاقة تزداد احتياجاتنا من Co-Q10 خاصة بالنسبة للأعضاء التى تستهلك كثيراً من الطاقة مثل المخ والقلب. وقد وجد أنه يخفض من أعراض مرض الزهايمر، ربما بسبب قدرته على تحسين الدورة الدموية فى الدماغ وبالتالى يعمل على زيادة التركيز والتفكير السليم. ويعتبر السردين والماكريل واللحوم الحمراء والسبانخ أو الخضروات الورقية من أهم مصادره الطبيعية. وينصح الخبراء بتناول من 10-15 مجم يومياً من المكملات أو الأقراص إذا لم تحصل على كميات كافية من الغذاء.
العناصر المعدنية المهمة بالنسبة لعمل الذاكرة:
الحديد :
يقوم الحديد الموجود فى هيموجلوبين الدم بحمل الأكسجين إلى الأنسجة بما فيها المخ، وحينما ينخفض مستوى الحديد فى الدم يتبعه نقص فى كميات الأكسجين التى تصل إلى الأنسجة، الأمر الذى يؤدى إلى التعب وقلة الأداء وفقدان القوى العقلية والادراك. ورغم أن الفتيات قبل البلوغ يحتجن إلى 15 ملجم على الأقل من الحديد يومياً، إلا أن الغالبية لا يحصلن على أكثر من 10 ملجم يوميا. وهناك الكثير من الأغذية المرتفعة فى الحديد مثل اللحم الأحمر والمشمش المجفف والبقوليات الجافة المطبوخة مثل الفول والفاصوليا، والخضروات ذات الأوراق الغامقة مثل السبانخ. ومن المهم أيضا تناول عصير البرتقال الغنى بفيتامين C مع الأغذية الغنية بالحديد لأن ذلك يساعد على زيادة امتصاص الحديد.
2- الماغنسيوم : الشعور بالعصبية أو الاحباط ممكن أن يحدث بسبب نقص الماغنسيوم، وهذا العنصر متوفر فى الخضروات الورقية والمكسرات والحبوب. وإذا كنت تفضل تناول الأقراص فهى متوفرة فى حدود 250-450 مجم/يوم0
3- المنجنيز : هذا العنصر مع فيتامين B المركب يضمن جهاز عصبى سليم. وأهم مصادره الأفوكادو، المكسرات، الحبوب الكاملة، صفار البيض، السلاطة الخضراء والأناناس، وكذلك فى أقراص الفيتامينات والعناصر المعدنية المتعددة.
4- الفوسفور: يقوم بدور حيوى فى الجسم عامة وفى المخ بصفة خاصة ويتوافر فى الأسماك واللحوم والبيض والمنتجات اللبنية والحبوب.
5- اليود : مهم لنمو وتطور الجهاز العصبى حيث يدخل فى تركيب هرمون الغدة الدرقية (الثيروكسين) وقد وجد أن نقصه فى الأطفال يسبب التخلف العقلى والبلادة والكسل وتأخر النمو Cretinism أما فى الكبار فيسبب مرض ال Myxedema، وأهم أعراضه الكسل والخمول وحدوث أوديما أو تورم تحت الجلد وزيادة الوزن.
6- الزنك : يعمل بالتعاون مع فيتامين B المركب وأهم مصادره الحبوب الكاملة، المكسرات، وصفار البيض، الأغذية البحرية، واللحم والدواجن، واذا شعرت بأنك بحاجة إلى المزيد فتناول أقراص تحتوى على 10-25 مجم يومياً.
7- السلينيوم : يوجد بكميات ضئيلة فى الجسم وهو من مضادات الأكسدة التى تعمل بالتعاون مع فيتامينE ، ويوجد فى اللحوم والأسماك ونقصه نادر والاحتياجات اليومية تبلغ 55-70 ملجم.
يتبع
المفضلات