مقدمة من: د . عبد الواحد بن خالد الحميد\ أمين عام مجلس القوى العاملة
إلى: ندوة الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440هـ
(2020 م)
التي تنظمها وزارة التخطيط
خلال الفترة *(*13-17)شعبان 1423هـ الموافق (19ـ23) أكتوبر 2002م
سياسات العمل والسعودة وتحديات القرن الواحد والعشرين
جاء في المقدمة:إن ندوة " الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440هـ" التي تنظمها وزارة التخطيط ، وتشارك فيها نخبة من الخبراء والعلماء على المستوى الوطني والدولي تعمق الحوار العلمي الهادف في المملكة العربية السعودية في ظل عالم متغير ، كما تمثل قاعدة أساسية للتخطيط المستقبلي للاقتصاد الوطني السعودي ، وتأتي انسجاما مع ما أرسته أهداف واستراتيجيات خطط التنمية الوطنية المتعاقبة .
وعندما تخصص الندوة ضمن فعالياتها محوراً عن التنمية البشرية فهي بذلك لا تغفل أهمية التكامل والارتباط بين رأس المال المادي ورأس المال البشري باعتبار أن عمليات التنمية تتألف عادة من هذين العنصرين الأساسيين اللذين يمتزجان امتزاجا كاملا في تنمية المجتمع تنمية شاملة .
وغني عن القول أن العنصر البشري يعتبر أهم عناصر الإنتاج ، بل هو قوة الإنتاج الرئيسية، وأنه ليس غاية التنمية ومقصدها فحسب ، بل هو أداتها الرئيسية أيضا ، كما أنه العنصر الأساسي والجوهري في ترجمة خطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية إلى مشاريع هادفة وإنجازات ملموسة . ومن هنا جاء الاهتمام بتنمية الموارد البشرية ووضع سياسات تخطيط القوى العاملة وصولا إلى الأداء الفعال والخلاق وضمانا لإحداث التكامل الصحيح بين الموارد المادية والبشرية في ظل اقتصاد حر له رؤية مستقبلية واعدة .
وفي هذا السياق أيضا فإنه بات من المؤكد أن تحقيق التنمية الاقتصادية لم يعد يتوقف على ما يتوافر للبلد من عناصر الإنتاج ، بل أيضاً على المستوى العلمي والمهارات الفنية للقوى العاملة التي تمكنها من استيعاب تطورات التقدم الحديث في الإنتاج وملاحقته . فقد ثبت أن التقدم المهاري والتقني الذي يعتمد على الجهد الإنساني في البحث العلمي والابتكار، والمبادرة إلى التطوير ، والإبداع كان السبب في تزايد الإنتاجية ، ومن ثم تمكين المجتمعات التي أتقنت هذا الجانب من امتلاك زمام المبادرة في تحقيق التنمية الاقتصادية على أسس قويمة. وتشير تجارب الكثير من الدول المتقدمة في هذا المجال إلى أن جزءً يسيراً من دخلها القومي يعود إلى التزايد الكمي في الموارد البشرية ، أما الباقي فيعود إلى نوعية الموارد البشرية بعامة ، والقوى العاملة بخاصة التي ساهم التعليم والتدريب والبحث العلمي في تحسينها.
إن القوى العاملة الوطنية المتعلمة والمتدربة والمؤهلة باستطاعتها أن تؤدي دورها في مجال التنمية الاقتصادية المعاصرة في المملكة ، وتحد في الوقت نفسه من العمالة الوافدة وصولا إلى بلوغ الاستخدام الكامل والأمثل لقوة العمل الوطنية في إطار المحاور الأساسية لعملية تنمية الموارد البشرية المتمثلة في بناء القدرات ، واستخدام هذه القدرات ، وتحقيق الإنتاجية الاقتصادية العالية . وبالطبع فان تخطيط القوى العاملة يشارك بشكل أو بآخر في هذه المحاور الثلاثة وبشكل أعمق في المحور الثالث .
إن الاعتماد على العمالة الوافدة من أسواق عمل خارجية لتحقيق الموازنات الهيكلية في محددات عنصر العمل في عملية التنمية الاقتصادية تبدو واضحة في الدول العربية الخليجية بعامة والمملكة العربية السعودية بخاصة .. حيث تكاتفت الزيادة الحادة والمفاجئة في حاجتها للعمالة ـ نتيجة لاتباعها أسلوب التخطيط الشامل ـ مع المحددات الديموجرافية والاجتماعية والمؤسسية ( ذات العلاقة بالأعراف والتقاليد والنظم ) فيها إلى مولد تجربة جديدة تختلف عما هو منظور في أسواق العمل التقليدية . وهذه التجربة قد نطلق عليها أسم " التنمية الاقتصادية مع عروض محدودة للعمالة " وذلك على غرار نظرية آرثر لويس الشهيرة " التنمية الاقتصادية مع عروض غير محدودة للعمالة " [1]. ويجب ألا تفهم هذه التسمية على أنها رأى علمي مضاد لنظرية لويس ، فالإشارة هنا على سبيل المقارنة فقط .
المفضلات