عندما نصل إلى طريق مسدود في حياتنا الزوجية يعني أننا في بداية دخولنا لعالم الجمود بين الزوجين، وقد تكون البداية أنك ترغب في الخروج من المنزل وهي لا ترغب في ذلك لأنها "بيتوتية" أو العكس، أو أنها ترغب في إنجاب الأطفال وهو لا يرغب في ذلك، أو أنها تريد تغيير أثاث المنزل وهو في المقابل لا يريد ذلك، أو أنه لا يستطيع بسبب الوضع الاقتصادي، وهكذا كلما طرح أحد الزوجين موضوعا جديدًا وصلت الأمور إلى طريق مسدود، لا حلول للمشكلة ولا أنصاف الحلول ولا شيء من التنازل، بل رفع للصوت وتجاهل للطرف الآخر.

هذا الجمود يؤدي إلى ابتعاد كل واحد عن الآخر وانشغال كل طرف عن الطرف الآخر، فنجد الرجل يدخل إلى المنزل فيتناول وجبة العشاء أو الغداء ويشغل نفسه بالهاتف أو الحاسب..الخ ويستمر باشغال نفسه لساعات طويلة، وكلما توجهت الزوجة للحديث معه يتعذر بأنه مشغول وأن الأعمال كثيرة، تقول إحدى الزوجات في أيام الخطوبة من كثرة كلامه كنت أضع يدي على إذني وأقول "بسك كلام" أما الآن فأنتظر منه جملة أو كلمة يقولها. وفي المقابل نجد أن الزوجة تشغل نفسها أيضًا بأطفالها أو بأعمال المنزل وغير ذلك، قكلما دخل الزوج للمنزل لا يجدها أو لا يستطيع الكلام معها.

ولا يقف الجمود إلى هذا الوضع بل يوصلنا إلى طريق مسدود ومرض ليس له حل، وقد يؤدي إلى الطلاق العاطفي في المستقبل فلا توجد أي علاقة عاطفية بينهما، ولا يشعر أحدهم بالحب أو القرب وتقل العلاقات العاطفية أو تكون عملية عابرة أو تأدية واجب.. وينشغل كل طرف بأخطاء الطرف الآخر حتى يصلان إلى النوم في غرف مستقلة عن بعضهما البعض وتكون الحياة عبارة عن ضيق واكتئاب.

السؤال الذي يطرح نفسه؛ كيف يعرف الزوجان أنهما معرضان لهذه الحالة من الجمود أم لا؟ وكيف يتم التخلص من هذه الحالة؟
في الحقيقة إن أغلب الأسر معرضة لأن تقع في حالة من الجمود بسبب رئيسي وهو عدم خلو أي منزل من مشاكل ونقاط اختلاف بين الزوجين، وهناك من يصر على رأيه ويعاند ويكابر فيقعان في الجمود، ولكن هناك من يتحاور ويناقش ويتنازل فلا يصل الأمر إلى حالة الجمود.
والتخلص من حالة الجمود يتم بمراحل مهمة، وهي:

1 — وجود قناعة لدى كلا الطرفين أنهما يريدان الوصول إلى حل للموضوع، وعندما نقول وجود قناعة للوصول إلى حل، فالفكرة تتمحور حول النظرة المستقبلية التي لابد أن يكون عليها وضع الأسرة. مجرد أن نرفع رؤسنا إلى الأعلى ونتخيل المستقبل الذي نرغب (أو الذي لا نرغب) أن نصل إليه هنا نجد القناعة الداخلية أن علينا حل جميع المشاكل التي بيننا.

2 — الحوار المستمر، أن ننتقل من حالة الجمود إلى الحوار وبدون شروط، نجلس مع بعضنا ونتحاور، قد نختلف وقد نرجع إلى نقطة البداية ويضيع الوقت، وقد نغضب ونحتاج إلى وقت للهدوء، ولكن يجب علينا أن حاول مرة أخرى، يجب علينا أن نعود للحوار مرة أخرى.

3 — تحديد المشكلة، على كل طرف أن يحدد ما هي المشكلة المسببة لحالة الجمود، وأن يطرح نظرته للطرف الآخر بكل وضوح ولا اعتراض أو مقاطعة، وأن يحدد مطالبه وأهدافه، على سبيل المثال؛ أريد زيادة من ميزانية الأسرة. أريد ساعات من العاطفة لكلينا. أريد تغيير الأثاث. ابننا ضعيف في دراسته ويحتاج إلى اهتمام. أمي مريضة أريد أن أكون بجانبها.. الخ. إن تحديد المشكلة والهدف أمر مهم للانتقال من حالة لإنجاح الحوار. ففي كثير من الأحيان نجد أنفسنا في وسط حوار ساخن ويكثر الكلام ويرتفع الصوت، بينما لا يوجد خلاف بين الطرفين على الهدف! ولكن الأسلوب الخاطئ في طرح الموضوع أدى إلى عدم تقبل كل طرف للآخر.

4 — الاستماع للآخر، أن ننصت للطرف الآخر لنعرف سبب تمسكه برأيه. عندما نتحاور كل واحد يريد أن يدافع عن رأيه ويضع الحجج والأدلة لإفحام الآخر! لكن هل توقفنا قليلا وتأملنا في سبب رفض الطرف الآخر، فقد يكون السبب مقنعا قد يكون السبب ومؤثراً على الأسرة بأكملها.

قد يكون عدم شعور كلا الطرفين بأحلام الطرف الآخر. ففي وسط هذا الحياة المتداخلة والمعقدة نجد كلا الزوجين يريد أن يحقق النجاح سواء في حياتهما الزوجية أو العملية، ولكلا الطرفين أهداف خاصة يريد تحقيقها، فعدم معرفة كل طرف لأهداف وأحلام الطرف الآخر قد يكون سببا في الجمود أو عدم الاهتمام بالرأي الآخر. فمن المهم أن نعرف ما هو حلم كلا الطرفين وماذا نريد لمستقبلنا؟ والسؤال الأهم ماذا أستطيع أن أقدمه للطرف الآخر حتى يحقق حلمه ويكون الحلم حلما واحدا. إن الانتقال من اللاحوار إلى الحوار يعتبر نقطة مهمة في التخلص من حالة الجمود الأسري ولا يمكن أن ننتقل من هذه الحالة إلا بوجود رؤية مستقبلية مشرقة للأسرة.