عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
أعمال تحيى بها القلوب :-
أعمال تحيى بها القلوب
من أعظمها الانكسار بين يدي الله في مكان لا يراك فيه احد ، هذا من أعظم ما يحيي القلوب ، الإنسان حياته البرزخية صورة مثلى لحياته في السرائر ، أو بتعبير أصح حياة السرائر صورة للحياة البرزخية ، الإنسان إذا كان في السريرة يسجد ويدعوا الله -جل وعلا- أو يقوم في مكان لا يراه فيه احد يذكر الله -جل وعلا- يُعظّم الله في ظلمة غرفة ، أو في ظلمة سفر ، أو في ظلمة جماعة ، أو في بيته ، أو بين أبنائه ، أو في أي مكان يُعظّم الله جداً في السرائر ويخشاه ويخافه ويرى في نفسه ، وذروف عين ودمع هذا غالباً مُنعّم في قبره ، أما الذي -نسأل الله العافية- في السرائر مسرف على نفسه فهذه صورة لحياته في قبره ، إن الإنسان يبحث عن طرائق عديدة لان تحيي قلبه ، من أعظمها عدم احتقار الناس ، وأكثر من يتأمل الناس يجد فيهم حفظه فقهاء منفقين لكن -والعياذ بالله- يجد في نفسه علواً على الغير ، هذا العلو قد هو لا يصرح به ، ويقول التواضع ويذكر أمثالاً وأشعاراً فيه لكن الحياة اليومية في مخالطة الناس يظهر منه ، يوجد إنسان قد يركب سيارة توافق ثراه فارهة جداً لكن قلبه منكسر ، ويوجد إنسان يمشي على قدميه وفي قلبه كبر والعتو ما الله -جل وعلا- به عليم ، ومن قُدِّرَ له أن يُكثر من السفر والترحال ومخالطة الناس سيرى أموراً عجباً في أحوال الناس والله لا تخطر له ببال ، أنا كنت ذات يوماً في فندق قبل أسبوعين في الرياض ، وفي الفندق احد الذين يحرسون الفنادق وهو يلبس بنطال ، ومصفف شعره ، وحليق اللحية ، لو قيل لك: تزكيه طرفة عين في هيئته؟ لا تزكيه ، فتأخرت في النزول لصلاة الفجر في ذلك اليوم في مصلى الفندق ، فلما نزلت وجدت بعض من نزل من أهل الفندق قد سبقني إلى الصلاة ولله الحمد وأقاموا الصلاة وصلوا وكان أكثرهم الذين نزلوا غير سعوديين ، فقدموا هذا لأنه سعودي فوالله كان يقرأ قراءة صحيحة ويغالي في البكاء ، ثم سلم فلولا إنك رأيت هذا بعينك لا تكاد تصدق ، فقد يكون ثمة عوائق حالت بينه وبين أن يصلح مظهره ، وما زال باقيا على إصلاح جوهره ، وثمة أُناس قد يعانون على إصلاح الظاهر ولم يعانوا بعد على إصلاح الباطن ، والله لما ذكر يوم القيامة قال: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾[الطارق : 9] ، فالمحك عند الله -جل وعلا- وحده سريرة الإنسان ولذلك الناس تبالغ في مدح زيد أو عمر ، فلان بكاء فلان واعظ فلان فقيه فلان تالي فلان قارئ فلان ... فلان خطيب فلان مُفوّه فلان يُرقق فلان ... فلان ولا يعلمون شيئاً عن سريرته ، وقد يوجد إنسان لم ير الناس يوما دمعته وهو إذا خلا بالله في ظلمات الليل اظهر لله الرقة والانكسار والخوف والوجل والحياء من الله في كل موطن ، فلا يمكن أن يستويان عند الله لكن المقصود كما قلت عن سفيان أن العدل صلاح السريرة والعلانية والإحسان أن تكون سريرة الإنسان خير من علانيته .
المفضلات