لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- بحق نبي الرحمة! فمع كثرة المشاغل التي أثقلت كاهله, من تعليم وغزو ودعوة. لم تمرّ به حادثة-فيما قرأت- وفيها صبي صغير إلا و تبدر منه بادرة تدل على رحمته من مسح للرأس ,والدعاء له, والتقبيل!! حتى عرف الصحابة محبته لهذا الأمر؛ فكانوا كما قالت عائشة: "كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنّكهم" رواه البخاري.


فمن الآثار المشهورة:
* أن أم محمد بن حاطب أتت به النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت : "هذا محمد بن حاطب أول من سُمّي بك! فمسح على رأسه، ودعا له بالبركة" رواة مسلم *وقال جابر بن سمرة كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يمر بنا فيمسح خدودنا، فمسح خدي فكان الخد الذي مسحه أحسن!


*
قال عمرو بن حريث: انطلق بي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا غلام فدعا لي بالبركة ومسح رأسي وخطّ لي داراً بالمدينة بقوس.


*




وقال غضيف بن الحارث: كنت صبياً أرمى نخل الأنصار, فأتوا بي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح رأسي وقال: كُل ما سقط, ولا ترمِ نخلهم.


*




وهذا عبد الله بن بسر قال: أكل رسول الله عندنا حيساً, ثم التفت إليّ وأنا غلام فمسح على رأسي، وقال: يعيش هذا الغلام قرناً


*




عمرو بن أخطب مسح رأسه وقال: اللهم جمّله فبلغ مئة سنة


*




قال يوسف بن عبد الله بن سلام: سمّاني رسول الله يوسف وأقعدني على حجره ومسح على رأسي.


*




ابن عباس قال: مسح النبي -صلى الله عليه و سلم- رأسي ودعا لي بالحكمة.


*




عن زهرة بن معبد عن جّده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- وذهبت به أمه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، بايعه! فقال:هو صغير! فمسح رأسه ودعا له, وكان إذا خرج إلى السوق يلقاه ابن عمر وابن الزبير فيقولان: أشركنا؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد دعا لك بالبركة, فيشركهم! رواه البخاري (1144)


*




جحدم بن فضالة: مسح رأسه وقال: اللهم بارك في جحدم


*




بشير بن عقربة الجهني قال :أتى أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من هذا معك يا عقربة ؟ فقال: ابني بحير! قال: ادنُ فدنوت حتى قعدت عن يمينه فمسح على رأسي بيده قال: ما اسمك؟ قلت: بحير! قال: لا, ولكنّ اسمك بشير..


*




بشير بن قيس بن كلدة قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه ابنه رحيم وهما مقرونان في سلسلة في يمين كانت عليه فقال: يا بشر اقطعها فليست عليك يمين؛ فقطعها وأسلم, ومسح وجهه, ودعا له بخير


*




بشر بن معاوية البكاء قدم مع أبيه، وهو ابن مائة سنة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح رأس بشر ودعا له, وأعطاه أعنزاً، ودعا له بالبركة فتصيب السنة بني البكاء, ولا تصيب آل معاوية.




اقتداء الصحابة
فهذه أم سلمة أوتيت بصبي صغير فمسحت رأسه وبرّكت عليه.
* وعن فاطمة بنت سعد قالت: ربما أجلسني أبو هريرة في حجره,فيمسح على رأسي ويدعو لي بالبركة.
*




قال عبادة بن الوليد خرجت مع أبي, وأنا غلام شاب فلقينا شيخاً، فأقبل على أبي وقال: ابنك هذا؟ قال: نعم فمسح على رأسي، وقال: بارك الله فيك.


*****
أما ما ورد من دعائه لهم: فعن عمرو بن حريث قال: مرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بعبد الله بن جعفر وهو يلعب بالتراب, فقال: اللهم بارك له في تجارته.
*




وعن أنس قال: دعا لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : ا للهم أكثر ماله وولده وأطل حياته, فو الله أكثر مالي حتى إن كرماً لي لتحمل في السنة مرتين, وولد لصلبي مئة وستة.


*




وهذا ابن عباس قال: دخل رسول الله المخرج وخرج فإذا تور مغطى, قال: من صنع هذا ؟ فقلت: أنا! فقال: اللهم علّمه تأويل القرآن. فانظر إلى نباهته على صغر سنه في خدمته للكبار, حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قبض وهو ابن عشر سنين.


فهذا هو التراث الإسلامي الحقّ, الذي يدعو إلى الرحمة واللين في تربية النشء, ويدعو إلى التواصل مع الصغار عن طريق مسح الرأس والتودّد لهم بالدعاء, ولا مجال ألبتّة بعد هذا لِلمز الدين ووصمه بالقسوة وعدم الرحمة ...فيا ليت قومي يعلمون!!