المسـيح
المسيح كلمة يونانية تعني الممسوح وهي ترجمة لكلمة ” مسيا ” العبرية . والصيغة العربية هي يشوع أي المخلص . وكان الرجاء المسيحاني في العهد القديم قد تنامى على مر تاريخ العبرانيين وفحواه ان الله سوف يرسل ذات يوم مسيًا ، ملكاً عظيماً يثبت ملكه الأبدي على الكون كله . وعندما جاء يسوع وسمع العبرانيون تعاليمه وشاهدوا معجزاته تساءلوا : ألعل هذا هو المسيح .

تفادى يسوع اطلاق لقب المسيح على نفسه لئلا يفهم الشعب ذلك بمعنى سياسي . فلم تذكر الاناجيل ان يسوع صرَح بأنه المسيح الا مرة واحدة فقط وذلك لامرأة خاطئة قرب بئر . ولما سأله بطرس ، وكان أقرب تلاميذه اليه ، أأنت المسيح قال يسوع نعم ولكنه طلب الى تلاميذه ألا يعلنوا ذلك . ولما إشتد الضغط عليه أثناء محاكمته سأله رئيس الكهنة : ” أأنت المسيح إبن المبارك ” أجاب يسوع صراحة ” انا هو ” . فثارت ثائرة رئيس الكهنة واعتبر كلام المسيح تجديفاً ، أي إهانة لله ، وطلب من المجلس اليهودي تجريمه فحكم على المسيح بالموت صلباً .

يبيِن العهد الجديد بوضوح أن المسيحيين الاولين اعتبروا ان يسوع هو المسيح . وقال بطرس يوم الخمسين : ” فليعلم يقيناً جميع بني اسرائيل أن الله جعل يسوع ، هذا الذي صلبتموه انتم، رباً ومسيحاً ” .

ولد يسوع في مزود في بيت لحم بفلسطين . وتقول الاناجيل إن الله ارسل الملاك جبرائيل الى مريم العذراء في الناصرة ليبلغها انها اختيرت لتكون اماً للمسيح الموعود . وأبلغ يوسف خطيبها في حلم ان عليهما ، هو ومريم ، ان يدعى المولود يسوع لأنه المخلص من الخطايا . ولما صعد يوسف ومريم الى بيت لحم ليتسجلا في إحصاء كان جاريًا على عهد هيرودس ملك المملكة اليهودية ، ولد يسوع . ولما خشي هيرودس ان يكون يسوع منافساً له ، دبر ان يقتله . لكن الله اوحى الى مريم ويوسف بأن يهربا الى مصر . وبعد موت هيرودس رجعت الاسرة الى الناصرة حيث نشأ يسوع . ولما بلغ الثلاثين تعمد على يد يوحنا المعمدان في نهر الاردن واختار 12 تلميذاً ليكونوا مرافقيه وشركائه في الحياة والدعوة والخدمة . وعلى مدى ثلاث سنوات بشر يسوع الناس وعلمهم وصنع المعجزات . لكن اليهود ، وخاصة الزعماء ، خافوا من قوة يسوع وتعاليمه فعزموا على قتله .

قَبِل احد تلاميذ المسيح المدعو يهوذا رشوة وساعد الاعداء في القبض على يسوع ليلاً في بستان قرب اورشليم القدس . وقبل ان يطلع الفجر كانت محكمة يهودية قد حكمت عليه بالموت . وكان على الوالي الروماني بيلاطس ان يصدق على حكم الاعدام قبل تنفيذه فتردد لأنه لم يجد ان يسوع يستحق الموت لأي ذنب ، لكنه خشي ان يحدث شغب إن هو أطلقه . وهكذا صلب المسيح ثم دفن سراً في قبر احد اتباعه المدعو يوسف الرامي .

في فجر اليوم الثالث بعد موت المسيح جاءت نسوة الى القبر فوجدنه فارغاً واخبرهن ملاك ان يسوع عاد حياً . وخلال الاربعين يوماً التي أعقبت قيامته رآه تلاميذه وكثيرون آخرون من اتباعه . عندئذ تحقق لهم انه رجع الى السماء صاعداً من على جبل الزيتون بالقدس . وأخبر ملاك التلاميذ بأن يسوع سيعود ذات يوم .

اما ما جاء في القرآن في ال عمران حول ولادة المسيح :
إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (47)” .. وفي موت المسيح جاء في القرآن : ”إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ”..