السلام عليكم ورحمة الله و بركاته الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على رسوله محمد وعلى آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين يقول الله تعالى (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) سورة الذاريات-الآية 50 قال ابن القيم:وأما الفرار منه إليه ففرار أوليائه. فيفرون مما سوى الله إلى الله. و هذا الفرار يعني ترك أسباب سخطه إلى أسباب مرضاته، والفرار من عقوبته إلى معافاته، ومنه إليه، كما جاء ذلك في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك " أخرجه الترمذي. فالفرار إلى الله تعالى أي الرجوع إليه والتوبة الصادقة الشاملة مما يكرهه الله إلى ما يحبه، من الكفر به إلى الإيمانومن الجهل إلى العلم، ومن الظلم إلى العدل، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الغفلة إلى الذكر، ومن الانحراف عن صراطه المستقيم إلى الاستقامة عليه ... قال ابن عباس: فروا منه إليه بالعمل بطاعته وبالتوبة من ذنوبكم أي اهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته و ثوابه بالإيمان به ، واتباع أمره ، والعمل بطاعته و فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن . وقال ذو النون المصري : ففروا من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الشكر . فالجهل بالحق مهلكة للخلق، فيفرون من الجهل إلى العلم، وهو العلم بالحق والعمل بموجبه. ويفرون من الكسل إلى الجد ،وهو صدق العمل وإخلاصه ، والبعد عن شوائب الفتور، ووعود التسويف والتهاون ، قال تعالى ( خذوا ما آتيناكم بقوة ) ، وقال تعالى ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) إن الفرار إلى الله يقتضي منا أن نقبل على كتاب الله - عز وجل – بالتلاوة والتدبر و النظر في معانيه و العمل بأحكامه، فنفر إلى الله بالدعاء و قيام الليل و صيام التطوع و إخراج الصدقات، نفر إلى الله بفعل ما أمرنا به و اجتناب نواهيه... نفر إلى الله بتوحيده و السعي إلى مرضاته و جنته هربا من سخطه و عقوبته. يقول الإمام ابن القيم " وله في كل وقت هجرتان : هجرة إلى الله بالطلب و المحبة و العبودية والتوكل و التسليم والتفويض والخوف و الرجاء و الإقبال عليه وصدق اللجوء و الافتقار إليه، وهجرة إلى رسوله في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة بحيث تكون موافقة لشرعه".