الشورى مبدأ من أهم مبادئ القيادة في القيادةالإسلامية؛ فقد أوضح القرآن الكريم ضرورة التزام القائد المسلم بالتشاور مع أهل المعرفة والعلم وكل من بإمكانهم تقديم المشورة الناصحة، فقال الله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الشورى: ٣٨].
وقال الله تعالى مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[آل عمران: ١٥٩].
المشاركة في صنع القرار وأهميتها:
لقد توصلت النظريات الإدارية في العصر الحديث إلى الأخذ بمبدأ المشاركة في صنع القرار، مع توسيع دائرة المشاركين كلما أمكن، وعدم تركيز القرار في يد فرد واحد، وقد ظهر هذا الاتجاه، وتأكدت نتيجة لعوامل من أهمها:
· نمو المنظمات و تضخم حجمها.
· الحقيقة المنطقية التي تؤكد بأن الفرد مهما توافرت له من قدرات ذاتية، فإنه يعجز عن الإحاطة بكل الظروف في كل الأوقات.
· ما لمسه الخبراء ووضح من أهمية المشاركة الفعالة بين الإدارة والموظفين في عملية اتخاذ القرار، خاصة فيما يتعلق بتلك القرارات التي تؤثر في المشاركين أو في أعمالهم، وما يحققه ذلك من مزايا عديدة مثل: ضمان تعاونهم والتزامهم.
· إن توسيع نطاق المشاركة قد يؤدي إلى إثراء القرارات؛ لأنها تصبح متأثرة بمعلومات وخبرات متنوعة، كما أن الإجراءات المتخذة تكون أكثر ملاءمة لمتطلبات الموقف الذي يتفاعل معه المشاركون، فضلاً عن ذلك فإن كل مشارك يصبح أكثر اهتماماً بالموقف، طالما أن القرارات والإجراءات المتخذة تتأثر به، وهذا يكسبه خبرات أكثر تزيد من كفاءته ونضجه.
أمثلة من واقع الشركات:
- جوائز تحفيزية:
فها هو أحد العاملين في منشآت (أموكو) بولاية تكساس الأمريكية يقدم مقترحاً رائعاً، استطاع أن يوفر للشركة مبلغ 18.800.000 دولار في غضون عامين، وأمام ذلك فإن الشركة تقوم بمكافأة المتقدمين بمقترحات فائزة، وذلك بمنحهم شهادات تقديرية أمام زملائهم في العمل أثناء استراحة الغداء، وهي تعلن عن ذلك من خلال نظام العرض التليفزيوني داخل المنشأة وفي الصحف.
كما أنها تدفع بهم إلى مسابقات موظف الشهر، أو موظف العام، ويعتز الموظفون الفائزون بهداياهم التي غالباً ما تكون مجموعة لأدوات المكتب أو إجازة لمدة أسبوع، يقدمها لهم المدير في حفل عشاء يضم أعضاء المؤسسة بأسرها.
- ثلاث دولارات لكل فكرة:
أما مجموعة (جاريت ريسورسيس)، وهي شركة للتدريب والاستشارة بولاية نيومكسيكو الأمريكية، فتطلب من موظفي الصف الأول لديها التقدم بمقترحات لتوفير النفقات، طبقاً لما يقول (ميلت جاريت) المدير التنفيذي بالشركة.
يقوم الموظفون بدورهم بكتابة ردود أفعالهم على بطاقة مقاسها 5×3 بوصة، ويحصلون على ثلاثة دولارات في مقابل كل فكرة، إذا تم تنفيذ الفكرة يحصل الموظفون على 25 دولاراً إضافية نقداً، أو يحصلون على 10% من المدخرات اعتماداً على أيهما أكبر.
كيف السبيل؟
ولكي تؤتي المشاركة في اتخاذ القرارات ثمارها المرجوة فانه ينبغي على الإدارة مراعاة عدة اعتبارات منها:
1.مراعاة الوقت المتاح:
قد يكون الوقت المتاح للمديرين والرؤساء لاتخاذ قرارات معينة قصيراً أو محدوداً، كما في حالة القرارات ذات الصفة العاجلة الملحة في هذه الحالات، فإن الفوائد التي تترتب على المشاركة قد تؤدي في نفس الوقت إلى تعطيل بعض الأهداف الأخرى، التي قد تكون أكثر أهمية، وعلى المديرين والرؤساء أن يوازنوا بين هذا وذاك على وجه السرعة.
2.مراعاة العامل الاقتصادي:
المشاركةفي اتخاذ القرارات داخل المنظمات عملية مكلفة اقتصاديّاً من حيث الوقت والجهد والإعداد اللازم لها، وعلى المديرين والرؤساء أن يراعوا ألا تكون التكلفة عالية؛ حتى لا تزيد على قيمة المزايا التي تترتب على المشاركة في اتخاذ القرارات.
3.المسافة بين الرؤساء والمرؤوسين:
ينبغي ألا يكون إعطاء الفرصة للمرؤوسين للمشاركة في عملية اتخاذ القرارات مع الرؤساء مصيدة لإيقاع المرؤوسين في أخطاء تؤثر عليهم أو على مستقبلهم الوظيفي بالمنظمة، ومن ناحية أخرى ينبغي ألا تكون تلك المشاركة على حساب سلطة الرؤساء ومكانتهم داخل المنظمة.
4.سريّة القرارات:
كثيراً ما يتطلب العمل في بعض المنظمات عدم تسرب المعلومات منها إلى الخارج، وفي مثل هذه الحالات ينبغي ألا يؤدي إعطاء فرصة المشاركة في صنع واتخاذ القرارات إلى تسرب المعلومات عن طريق المرؤوسين الذين ساهموا في صنع القرارات.
أسلوب الإدارة بالأهداف قائم على مشاركة الآراء:أه
يعرف هذا الأسلوب بأنه عملية المشاركة بين الرئيس ومساعديه في تحديد الأهداف، وعليه فإن أسلوب الإدارة بالأهداف يقوم على فرضينهما:
1. أن الأهداف يجب أن تبدأ من المستوى الأعلى للمنظمة، وتمر هبوطاً في جميع المستويات حتى تصل إلى المستوى الأدنــى.
2. من خلال عملية المشاركة، يصبح المرؤوسون أكثر ارتباطاً وتمسكاً بالأهداف .
خطوات الإدارة بالأهداف:
تتكون الإدارة بالأهداف من خطوات منظمة متسلسلة، يقوم بها الرؤساء والمرؤوسين في كافة المستويات الإدارية وفق ما يلي:
1.يطلب الرئيس من المرؤوس أن يضع في ورقة مكتوبة تصوراً لما يلي:
§ الأهداف العملية والشخصية التي يرى ضرورة تحقيقها ويعتقد في إمكانية بلوغها في الفترة الزمنية المقبلة، والتي عادة ما تكون سنة.
§ البدائل المختلفة للوصول إلى هذه الأهداف، أي الطرق و الأساليب التي يمكن إتباعها لتحقيق الأهداف الموضوعة.
§ الصعوبات أو المشكلات التي يتوقع أن تعترض سبيل تحقيق هذه الأهداف.
§ الحلول المختلفة لمواجهة هذه العقبات و التغلب عليها.
§ المعايير التي يمكن استخدامها لقياس النتائج بعد تحقيقها، وتقييم مدى الكفاءة والفعالية في تحقيق هذه النتائج.
2.يقوم الرئيس و المرؤوس بوضع ومناقشة الخطة المبدئية التي من خلالها سيتم إنجاز الأهداف المتفق عليها, وللرئيس أن يعدل في محتوى الخطة فيضيف عليها أو يحذف منها, و قد يطلب من المرؤوس أن يعيد كتابة التصور من جديد بعد إدخال التعديلات التي اتفق عليها.
3.يقوم كل من الطرفين بأداء دوره، فيبدأ المرؤوس بالتنفيذ حسب البرنامج المتفق عليه, ويقوم الرئيس بأداء واجباته وتقديم التسهيلات والمساعدات المطلوبة، ويجري المدير متابعة مستمرة للوقوف على سير العمل والنتائج المرحلية التي يتم تحقيقها، ومقابلة هذه النتائج للجدول الزمني المحدد في برنامج العمل أولاً بأول، ويتنبه لأيَّة مشكلات تعترض التنفيذ، فيتعاون مع المرؤوس لحلها قبل استفحالها.
4.يجتمع الرئيس و المرؤوس مرة أخرى بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة لبلوغ النتائج المطلوبة، ويقوم الطرفان بتقويم الأداء بناء على المقاييس التي اتفقا عليها عند وضع الخطة، وينصبُّ التقويم على استعراض النتائج المحققة ومقارنتها بالأهداف الموضوعة، وبحث الفروق أو الأخطاء إن وجدت وفحص أسبابها وعلاجها وبحث طرق تفاديها مستقبلاً.
ويقوم الطرفان أيضاً بناء على نتائج التقويم بوضع خطة جديدة , وبدائل بلوغها, والمشكلات المتوقعة, ومداخل حلها, ومعايير القياس, بالإضافة إلى خطوات محددة للتحسين والتطوير، تستفيد من نقاط القوة وتتفادى نقاط الضعف في الأداء السابق.