ربما ضجَّت بين جنبيك أمنيةٌ ما، أخفيتها على مَضَض، إلا أن شعاعها المنساب بين جوانحك يرغمك على التحديق في بسالتها طويلاً، وهي تَعْبر واثقةً بين كُتَل الظلام دون خوف أو وَجَل، إنها تفرض نفسها على يومك، وتشغل الحيِّز الأكبر مِن تفكيرك وذهنك، إنها هدف سامٍ، يريد أن يكونَ شيئًا ملموسًا، بالرغم من صُعوبة الظروف، واستحالة الواقع.

أهنئك؛ لأنَّك وضعتَ قدمَك على الطريق الموصِّل للهدف، فأول الإنجاز حلم.

أهنئك؛ لأنَّك صَمَمْتَ أُذنيكَ ضد أراجيف المحبطين، وتهكُّمات المثبِّطين، أولئك القانعون دون زاد، والخائفون دون مُبَرِّر.

هل رفعتَ أمنيتك على أكفِّ الرجاء؟ هل بللتها بدموع الدعاء؟

إذًا؛ أبْشر، وأمِّل

فلن تعدمَ الإجابة من ربٍّ كريم قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].

فقط ألحَّ بضراعة، وإن باعدتْ أمنياتك الأيامُ والسنون، اقتربْ أكثر، اسْجُد واقْتربْ، ادعُ ساجدًا، وتوسَّل باكيًا، ولا تقنط.

ارفع شعار الرِّضا عن القضاء، وسَلِّم الأمرَ كله لمقدره، وستوافيك حتمًا حيث تكون، في لحظة تناسب حالك، وبتدبير حكيم لا تدرك مداه.

ذَلِّل الصُّعوبات ببذْل الأسباب، ثم اقطع رجاءك منها، فهذا هو التوكُّل، فإذا عزمْتَ فامتطي راحلة الواصلين قبلك، حيث كان الصبر مطية لا تكبو:

إِنِّي رَأَيْتُ وَفِي الأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الأَثَرِ
وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي أَمْرٍ يُؤَمِّلُهُ وَاسْتَصْحَبَ الصَّبْرَ إِلاَّ فَازَ بِالظَّفَرِ



اشرع نوافذ الأمل في كلِّ لحظة، وانتظر الغد الأجمل، فهذا هو الفأل، اطرق السبُل الموصِّلة، حتى وإن لم تخطُ عليها قدمٌ، وإن كانت موحشة، عندها ستقهر المستحيل، وستكتشف أن المخاوف ما هي إلاَّ أوهام اليائسين، وأن مراحل الكفاح بكلِّ صعوبتها لهي ألذُّ منَ الخنوع والاستسلام للهزيمة، وأنَّ التجربة التي خلفتها لسواك نافذة لحلم أعذب، وبذرة يانعة تنتظر زارعًا آخر، يملك حلمًا آخر.