المضارة في الوصية:

من قواعد الشريعة أنه لا ضرر ولا ضرار ومن الأمثلة على ذلك الإضرار بالورثة الشرعيين أو ببعضهم ومن يفعل ذلك فهو مهدد بقوله صلى الله عليه وسلم: " من ضار أضر الله به ومن شاق شق الله عليه " رواه الإمام أحمد 3/453 انظر صحيح الجامع 6348. ومن صور المضارة في الوصية حرمان أحد الورثة من حقه الشرعي أو أن يوصي لوارث بخلاف ما جعلته له الشريعة أو أن يوصي بأكثر من الثلث.
وفي الأماكن التي لايخضع فيها الناس لسلطان القضاء الشرعي يتعذر على صاحب الحق أن يأخذ حقه الذي أعطاه الله له بسبب المحاكم الوضعية التي تحكم بخلاف الشريعة وتأمر بإنفاذ الوصية الجائرة المسجلة عند المحامي فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.
اللعب بالنرد:-
تحتوي كثير من الألعاب المنتشرة والمستعملة بين الناس على أمور من المحرمات ومن ذلك النرد (المعروف بالزهر) الذي يتم به الانتقال والتحريك في عدد كثير من الألعاب كالطاولة وغيرها وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النرد الذي يفتح أبواب المقامرة والميسر فقال: " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه " رواه مسلم 4/1770. وعن أبي موسى رضي الله عنه مرفوعا: " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " رواه الإمام أحمد 4/394 وهو في صحيح الجامع 6505.
لعن المؤمن ولعن من لا يستحق اللعن:-
لا يملك كثير من الناس ألسنتهم إذا ما غضبوا فيسارعون باللعن فيلعنون البشر والدواب والجمادات والأيام والساعات بل وربما لعنوا أنفسهم وأولادهم ولعن الزوج زوجته والعكس وهذا أمر جد خطير فعن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه مرفوعا: "....، ومن لعن مؤمنا فهو كقتله " رواه البخاري انظر فتح الباري 10/465 ولأن اللعن يكثر من النساء فقد بين عليه الصلاة والسلام أنه من أسباب دخولهن النار وكذلك فإن اللعانين لا يكونون شفعاء يوم القيامة وأخطر منه أن اللعنة ترجع على صاحبها إن تلفظ بها ظلما فيكون قد دعا على نفسه بالطرد والإبعاد من رحمة الله.
النياحة:-
من المنكرات العظيمة ما تقوم به بعض النساء من رفع الصوت بالصياح وندب الميت ولطم الوجه وكذلك شق الثوب وحلق الشعر أو شده وتقطيعه وكل ذلك يدل على عدم الرضا بالقضاء وعدم الصبر على المصيبة وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور " رواه ابن ماجة 1/505 وهو في صحيح الجامع 5068. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية " رواه البخاري انظر الفتح 3/163. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " رواه مسلم رقم 934
ضرب الوجه والوسم في الوجه:-
عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه. رواه مسلم 3/1673
أما ضرب الوجه فإن عددا من الآباء والمدرسين يعمدون إليه في معاقبة الأولاد حينما يضربون الوجه بالكف ونحوه وكذا يفعله بعض الناس مع خدمهم وهذا مع ما فيه من إهانة الوجه الذي كرم الله به الإنسان فإنه قد يؤدي أيضا إلى فقد بعض الحواس المهمة المجتمعة في الوجه فيحصل الندم وقد يطلب القصاص.
أما وسم الدواب في الوجه وهو وضع علامة مميزة يعرف بها صاحب كل دابة دابته أو ترد عليه إذا ضلت فهو حرام وفيه تشويه وتعذيب ولو احتج بعض الناس بأنه عرف قبيلتهم وعلامتها المميزة فيمكن أن يجعل الوسم في مكان آخر غير الوجه.
هجر المسلم فوق ثلاثة أيام دون سبب شرعي:-
من خطوات الشيطان إحداث القطيعة بين المسلمين وكثيرون أولئك الذين يتبعون خطوات الشيطان فيهجرون إخوانهم المسلمين لأسباب غير شرعية إما لخلاف مادي أو موقف سخيف وتستمر القطيعة دهرا وقد يحلف أن لا يكلمه وينذر أن لا يدخل بيته وإذا رآه في طريق أعرض عنه وإذا لقيه في مجلس صافح من قبله ومن بعده وتخطاه وهذا من أسباب الوهن في المجتمع الإسلامي ولذلك كان الحكم الشرعي حاسما والوعيد شديدا فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار " رواه أبو داود 5/215 وهو في صحيح الجامع 7635.
وعن أبي خراش الأسلمي رضي الله عنه مرفوعا: " من هجر أخاه سنة فهو بسفك دمه " رواه البخاري في الأدب المفرد حديث رقم 406 وهو في صحيح الجامع 6557.
ويكفي من سيئات القطيعة بين المسلمين الحرمان من مغفرة الله عز وجل فعن أبي هريرة مرفوعا: " تعرض أعمال الناس في كل جمعة مرتين، يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا بينه وبين أخيه شحناء فيقال: اتركوا أو أركوا (يعني أخروا) هذين حتى يفيئا " رواه مسلم 4/1988.
ومن تاب إلى الله من المتخاصمين فعليه أن يعود إلى صاحبه ويلقاه بالسلام فإن فعل وأبى صاحبه فقد برئت ذمة العائد وبقيت التبعة على من أبى، عن أبي أيوب مرفوعا: " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " رواه البخاري فتح الباري 10/492.
أما إن وجد سبب شرعي للهجر كترك صلاة أو إصرار على فاحشة فإن كان الهجر يفيد المخطئ ويعيده إلى صوابه أو يشعره بخطئه صار الهجر واجبا، وأما إن كان لا يزيد المذنب إلا إعراضا ولا ينتج إلا عتوا ونفورا وعنادا وازديادا في الإثم فعند ذلك لا يسوغ الهجر لأنه لا تتحقق به المصلحة الشرعية بل تزيد المفسدة فيكون من الصواب الاستمرار في الإحسان والنصح والتذكير.
وختاما هذا ما تيسر جمعه من المحرمات المنتشرة [والموضوع طويل وقد رأيت إتماما للفائدة أن أفرد فصلا خاصا بجملة من المنهيات الواردة في الكتاب والسنة مجموع بعضها إلى بعض ستكون في رسالة مستقلة إن شاء الله] نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى أن يقسم لنا من خشيته ما يحول بيننا وبين معاصيه ومن طاعته ما يبلغنا به جنته وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وأن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه وأن يتقبل توبتنا ويغسل حوبتنا إنه سميع مجيب وصلى وسلم على النبي الأمي محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين