نص الوصفة للتذكير
عليكبعروق الاخلاصوورق الصبر وعصير التواضع ، ضع هذا كله فى اناء التقوى وصب عليه ماءالخشية وأوقد عليه بنار الحزن وصفه بمصفاة المراقبة ، وتناوله بكف الصدق وأشربه منكأس الاستغفار وتمضمض بالورع وابعد عن الحرص والطمع ، تشفَ من مرضك باذن الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيد الاستغفار ان تقول:
من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة... ومن قالها من الليل وهو موقنا بها , فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة. ومعنى موقنا بها: أي مؤمنا بها, مطمئنا بها, متيقنا بها
وبأنّ الله وحده غافر الذنب وقابل التوب, شديد العقاب ذي الطول, لا اله الا هو اليه المصير.
ما هو الاستغفار؟
الاستغفار هو طلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له على ذنب أو ذنوب ارتكبها العبد في حق الله عزوجل, أوحق العباد , وهو عبارة عن كلمات يلهج بها القلب قبل أن يلفظها اللسان, ولعلّ قوله صلى الله عليه وسلم موقنا بها لا يحيد عن هذا المعنى قيد أنملة, فأالله تعالى لا يقبل من قلب غافل عن ذكر الله ولا من قلب لاه لا يستحضر عظمة الخالق تبارك وتعالى في قلبه, وهذه الذنوب أو المعاصي منها ما هي كبيرة ومناه ما هي صغيرة ومنها ما هي لمم, وقد ضمن الله عزوجل في كتابه الكريم لمن اجتنب الكبائر أن يكفّر عنه صغائر الذنوب كما في قوله تعالى في سورة النساء 31: ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه يكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما, فقد تكفل المولى تبارك وتعالى بهذا النص القرآني الواضح والصريح لمن اجتنب الكبائر أن يدخله الجنة, تماما كقوله تعالى في سورة الشورى 37: الذين يجتنبون كبائر الاثم والفاوحش الا اللمم, انّ ربك واسع المفغرة... وكما في قوله عليه الصلاة والسلام: الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر, وهو تماما كقوله تعالى: انّ الحسنات يذهبن السيئات.. والحسنات هنا: كنابة عن الصلوات الخمس.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان يستغفر الله تعالى في اليوم أكثر من مائة مرّة وهو المعصوم المغفور له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر, فما فاعلين نحن ومعظمنا لا يعمل بهذه الفضيلة الا بعد الصلوات أو في المناسبات الا من رحمه الله؟
ومن يدري لعلّ استغفاره عليه الصلاة والسلام هذا كل يوم ليؤكد لنا أنّ الاستغفار عبادة منفصلة بحد ذاتها تشعر العبد بأنه لا غنى له عن خالقه عزوجل ولا عن حاجته لمغفرته في كل حين, نظرا لكثرة الزلل الذي نتعرض له من ليل أو نهار, حتى وان كان هذا الزلل فيما بيننا وبين انفسنا كما في قوله عزوجل في آية ختم بها سورة البقرة: وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه. يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء.
الاستغفار هو الرجوع الى الله تعالى عما كان عليه العبد من المعصية أو البعد عن الله عزوجل ولو بلحظة غفلة من لحظات الغفلة التي تعترينا وتحوطنا من رؤوسنا الى أسفل أقدامنا, والرجوع عنها بتوبة نصوح واعادة الحق لصاحبه ان كان هناك حقا لآدمي, واتباع الحق والانقياد له والامتثثال لأمر الله من قريب, فالله عزوجل يتوب على عباده الصادقين متابا, فيمحو السيئات ويستبدلها حسنات كما ورد في الحديث أنذ العبد عندما يقف بين يدي اله يوم القيامة ويقرأ كتابه بنفسه يقول يا رب: هناك ذنوبا أذنبتها في الدنيا ولم أرها مكتوبة هنا؟ فيقول له المولى تبارك وتعالى لقد غفرتها لك واستبدلتها لك حسنات.... ولو أننا نتعامل مع الله تبارك وتعالى وبصدق بعشر العشر من معاملته لنا تبارك وتعالى ما أغمض لنا جفن ونحن نبتهل له تبارك وتعالى شكرا وحمدا, ولكن الله تعالى الأعلم بعباده قال: انّ الانسان لظلوم كفار, اي قليل الشكر والحمد على سعة النعم الي ينعم بها الله بها علينا نحن العباد الظالمي أنفسنا كثيرا.
ان التوبة والانابة والاستغفار والرجوع الى الله بصدق وصفاء نفس وندم بذل وانكسار لعظمة الله تبارك وتعالى من شأنه أن يفتح علينا أبواب الرزق من مال وبنين وسقيا ماء وانبات للأرض التي نتقوّت منها.
هل تريد من الله عزوجل أن:
* يمنحك قوة في الجسم أو صحة في البدن, أو السلامة من آفات الدنيا وعاهاتها وأمراضها وأدرانها؟
* يدفع عنا كوارث الطبيعة وأعاصيرها وزلازلها وبراكينها ويقينا من المحن والبلايا والمصائب؟
* يرزقك الذرية الصالحة والمال الحلال والرزق الواسع الكريم؟
*أ يكفرعنا سيئاتنا ويرفع لنا درجاتنا؟ وهل؟ وهل؟ وهل؟
اذن عليك بالاكثار من الاستغفار والمداومة عليه ليلا ونهارا , اجهارا واسرارا واعلانا, وعلى أية حال وان كنا أصحاء, وفمن يستغفر الله ويسأله الاجابة في أوقات الشدة والمحن عليه أن يستغفره في أوقات الرخاء ليستجيب له عند الشدة, يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله الكريم:
* وماكان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان ليعذبهم وهم يستغفرون (الأنفال)
* وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين (البقرة 58)
* فاعلم أنّه لا اله الا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات (محمد 19)
* استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (نوح 12)
* كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون (الذاريات 18)
* قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله انّ الله يغفر الذنوب جميعا, انه هو التواب الرحيم ( الزمر 53).
الاستغفار دواء لابدّ لنا من تجرعه كل وقت وكل حين, وهو ليس كدواء المرض الدنيوي والذي بمجرّد ماما اذهب عنا العلة توقفنا عنه تناوله, أو لا نلجأ اليه الا عندما نحتاجه, وانما دواء للقلوب الصدئة التي ابتليت بها القوب حتى تكدست عليه ورانت به, ولا يجلو هذه القلوب الصدئة الا كثرة الاستغفار.
والاستغفار يقين واطمئنان, وليست كلمات يرددها اللسان ونحن قائمين على المعصية, بل هي كلمات مستقرها القلب قبل اللسان, واللسان ما هو الا وسيلة لاظهارها , ودليل أن القلب مستودعها أنه يمكننا أن نتوب ونندم من قلوبنا دون أن نحرك ألسنتنا بكلمات الاستغفار, وكما قال الله تعالى على لسان عبده نوح عليه الصلاة والسلام: ثم اني دعوتهم جهارا* ثم اني أعلنت لهم وأسررت لهم اسرارا* فقلت لهم استغفروا ربكم انه كان غفارا...
ألف سنة الا خمسين سنة, ونوح عليه الصلاة والسلام يدعو قومه بلا كلل أو ملل امتثلا لأمر الله وابتغاء لطاعته عزوجل, لم يدع وسيلة من وسائل الدعوة الا واستخدمها معهم , وكلما دعاهم ليقتربوا من الحق فروا وحادوا عنه, ولكيلا يسمعوا دعوته سدّوا آذانهم عنه, ونفس الأمر حدث مع سائلر الأنبياء والمرسلين صالوات ربي وسلامه عليهم أجمعين, وكان آخر الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه, وذلك عندما دعا كفار قريش كما في قوله عزوجل: وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرىن والغوا فيه لعلكم تغلبون.
أحاديث تحثنا على الاستغفار
والى جانب سيد الاستغفار, هناك الكثير الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحثنا على المداومة على الاستغفار, طلبا لسعادتنا, والله تبارك وتعالى هو الغني عن عباده جميعا.
· فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: والله اني لأستغفر الله وأتوب اليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.
· وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من استغفر للمؤمنين والؤمنات كتب له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة.
· وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنزل الله أمانين لأمتي: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم, وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون... فاذا مضيت تركت فيهم الاستغفار الى يوم القيامة.
· وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال, قال النبي صلى الله عليه وسلم:من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرّة , كان من الذين يستجاب لهم ويرزق بهم أهل الأرض.
· وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال, قال النبي صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ ضيق مخرجا, ومن كلّ همّ فرجا, ورزقه من حيث لا يحتسب.
· وعن البراء رضي الله عنه قال, قال النبي صلى الله عليه وسلم: من استغفر الله دبر كلّ صلاة ثلاث مرات فقال: أستغفر الله الذي لا اله الا هو الحيّ القيّوم وأتوب اليه... غفرت له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر.. وان كانت فرّ من الزحف.
· وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال, قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال حين يأوي الى فراشه: أستغفر الله الذي لا اله الا هو الحيّ القيّو وأتوب اليه ثلاث مرات.. غفر الله ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر.. زان كانت عدد ورق الشجر.. زان كانت عدد رمل عالج.. وان كانت عدد أيام الدنيا.
نعم فالله تعالى يرضى عن المستغفر الصادق باستغفاره, لأذ ذلك يعني الاعتراف بالمعصية والاقرار بالذنب, وحاله ذاك يكون كالمناجي ربه تبارك وتعالى:
الهي بك أستجير ومن يجير سواك ارحم ضعيفا يحنمي بحماك
يا ربّ قد أخطأت فاغفر زلتي أنت المجيب لكل من ناداك
وكأنه يقول: يا رب! لقد أخطأت وأسأت واذنبت وقصّرت في حقك, وتجاوزت حدودك كثيرا, وظلمت نفسي كثيرا, وغلبتني شقوتي, واطعت شيطاني, حتى قهرني وغرّتني نفسي الأمارة بالسوءبالأماني التي أعتمت عليّ سعة رحمتك التي وسعت كل شيء, فغفوت عن أوامرك وقولك الحق: انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر... وآثرت الصلاة في البيت تلبية لرغبة شيطاني الذي يأمرني بأن ابقى عند أهلي وأبنائي واصحابي وكل ما يلهيني عن عبادتك.
* لم نلتفت الى قولك الكريم وقولك الحق: يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله... ولا الى قولك الكريم وقولك الحق: انما أموالكم وأولادكم فتنة, ان من ازواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم,... ولا حتى الى قولك الكريم وقولك الحق: في بيوت أذن الله أن ترفع فيها اسمه, يسبح له في الغعدو والأصال* رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقامالصلاة...
* ولم نلتفت الى أحاديث نبيك صلى الله عليه وسلم مع أنك أمرتنا أن نطيعه ونأخذ بأوامره ونواهيه, لم نبتفت الى أنك لم ترخص لنا الصلاة في البيوت حتى وان كنا عميانا لا نبصر الطريق طالما نستطيع الوصول الى المساجد, حتى وان كنا في أحلك ساعات الشدة, حتى وان كنا نواجه عدوا شرسا لا يرحم ضعفنا ونحن نتذلل بين يديك, حتى وان كنا في ساحة الشرف , ساحة القتال, ساحة احتدام المعركة, ساعة لمعان السيوف , ساحة الوغى , وما فرضك علينا صلاة الخوف في سورة النساء آية 102 الا لتؤكد لنا أنّ صلاة الجماعة فرض عين وليست فرض كفاية كما يظنّ الكثير منا..
* ولم نلتفت الى حديث حبيبك ونبيك صلى الله عليه وسلم القائل: لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام..ثمّ آمر رجلا فيؤمّ الناس, ثمّ أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب الى قوم لا يشهدون الصلاة في الجماعة فأحرّق عليهم بيوتهم في النار.
* ولم نلتفت الى قولك الكريم وقولك الحق:يوم يكشف عن ساق, ويدعون الى السجود فلا يستطيعون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون الى السجود وهم سالمون.. أن السجود يعني الصلاة المكتوبة بالآذان والاقامة في المساجد.
* ولم نلتفت لقول نبيك صلى الله عليه وسلم القائل: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته, فان صلحت فقد أفلح وأنجح, وان فسدت فقد خاب مخسر, فان انتقص من الفريضة شيء يقول الله تعالى: انظروا هل لعبدي من تطوّع فيكمل به ما انتقص من الفريضة , ثم يكون سائر عمله كذلك.
* ولم نلتفت الى قولك الكريم وقولك الحق:وأقيموا الصلاةعلى أنها تأمرنا بترك أعمالنا ومورد رزقنا ونهرول الى طاعتك ونبحث عن صحبة تصلي في جماعة فنكون قد امتثلنا اليك والى أوامرك وطاعتك, كما في قولك الكريم:رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة.. بل اتخذنا الأمر سخريا واعتقدنا أنّ المهم أن نركع أربع ركعات كيفما كانوا, بخشوع أو بلا خشوع, بتدبر أو بلا تدبّر, تعاملنا معك وأنت الكريم كما نعامل أرباب العمل, تعاملنا معك كما خاطب نوح عليه الصلاة والسلام لقومه: مالكم لا ترجون لله وقارا* وقد خلقكم أطوارا..لم نعظمك حق عظمتك, ولم نخاف من بأسك ونقمتك, وأنت الذي خلقتنا من ماء مهين وحقير, من منيّ يمنى على السرير...
* ولم نلتفت الى نصائح نبيك صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته , رغم أمرك لنا بذلك ماآتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا, وقلنا هذه الآية نزلت على من عاصروه ولسنا معنيين بها, هكذا يا ربّ دائما تجدنا نبرّر أخطاءنا وننسبها الى ما هو ليس صوابا, فصلينا بسرعة وعجلة وكأنّ هناك من يلحقنا بعصاة, فلا درينا ان كنا سبحناك في ركوعنا وسجودنا أم دعوناك قبل تسليمنا؟ ولا ندري ان كنا صلينا ثلاثا أم أربعا فالدنيا والأولاد والزوجة والعمل أوزخارف الدنيا والوهن أخذنا؟ ولا ندري كم قبلت من صلاتنا, أقبلت منا ركوع أم سجود؟ أقبلت منا رفع من ركوع أم استراحة بين سجدتين؟ أقبلت منا تلاوة أم تشهدا؟ أقبلت منا تدبّرا أم خشوعا؟ أقبلت منا خشية أو بكوة؟ أقبلت منا طهارة أو وضواءا؟ أرفعت لنا دعاء أم مناجاة؟ لقد تهنا في متاهات الدنيا الفانية وما التفتنا الى قولك الكريم وقولك الحق: كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشيّة أو ضحاها... ولا الى قولك الكريم وقولك الحق: يوم يقسم المجرمون أنهم ما لبثوا الا ساعة.
المفضلات