الإمام مالك بن أنس (إمام دار الهجرة_ عالم المدينة)

وميزة الإمام مالك أنه استطاع تجميع الناس حوله وقد عاش مايقارب 92 سنة(93- 185 هجرية) وبدأ الفتوى بسن 17 عاما بعد أن شهد له 70 من كبار المفتين وقضى 70 عاما وعاصر 3 أجيال خلال عمله كمفتي وقد تنبأ الرسول(صلى)له بالإمامة.
عاش الإمام مالك في المدينة (مقر مولده) ولم يخرج منها إلا حاجا أو معتمرا ولم ينتقل إلى أي مكان آخر, وكان يلقي درسه في المسجد النبوي مابين منبر النبي (صلى) ومنزله عليه الصلاة والسلام وهذه المنطقة هى الروضة (وهى من رياض الجنة) وقد كان يلقي درسين أحدهما خاص لتلاميذه والآخر لعامة الناس ونظرا لكثرةعدد الناس الذين يحضرون من جميع الأقطار كون الإمام مالك فريق عمل ينظم دخول المجموعات بجنسياتها كما يحضر كبار الخلفاء أمثال الأمين والمأمون والهادي وهارون الرشيد وغيرهم كثير.
ومن مواقفه المميزةهو عندما طلب منه الرشيد أن يأتي إليه لكي يلقي أبنائه العلم فأرسل إليه بخطاب ختمه بعبارة: العلم يؤتى ولايأتي وكان شرطه اللايتخطى أبنائه الرقاب وأن يجلسوا حيث انتهى بهم المجلس.بالإضافة إلى موقف آخر مع نفس الخليفة عندما حضر درس من دروس الإمام مالك وجلس على كرسي فلاحظ الإمام ذلك فبدأ درسه بحديث النبي (صلى) عن التواضع ( الحديث القدسي القائل : من تواضع لي هكذا وجعل ينزل يده إلى الأرض ,رفعته هكذا وجعل يرفع يده إلى السماء) ففهم الخليفة الرشيد الرسالة وأزاح الكرسي وجلس على الأرض. وكان أيضا يلقي درسين درس في الفقه وآخر في الحديث وكان في يوم الحديث يتأخر قليلا ليتوضأ ويتعطر عند إلقاءه لأحاديث المصطفى (صلى) وكان عندما يحدث عنه (صلى) يبكي ويقول لعلي أجلس مكانه هذا فكان يجد أمر جلوسه في الروضة كثير عليه, ولم يسير في المدينة راكبا أبدا وكذا كان بشر الحافي وكان هناك رجل آخر إذا ذكر الرسول (صلى) يتغير لونه ويعتدل في جلسته.
إن طريقة تفكير الإمام مالك قائمة على مصلحة الناس والتيسير عليهم وكان يضع نفسه في موضع الآخر وبالتالي فإن جميع اختياراته قائمة على مصلحة الناس وكان يقول: حيث المصلحة تجد ا لشرع والأصل في الأشياء الإباحة إلا ماحرم بنص . ومن آيات القرآن الميسرة على الناس قوله تعالى: ( يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر) _ (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) . ومن شدة تعلق الإمام مالك بهذا الأمر كان يبدأ درسه بحديث النبي (صلى): المؤمن هين لين سهل. ومثال على تيسيره هو أنه في مسألة الوسواس في الوضوء أخبر الناس أن يحلفوا بالله كما يرون الشمس أنهم نقضوا وضوئهم فإن لم يستطيعوا فوضؤهم لم ينقض . ومن شدة حرصه على التيسير كان يمكث أسبوعا وأكثر في مسألة الناس الذين منهم من يأتي من بلده فقط لأجل هذه المسألة فيقول له : انتظر حتى يجد المصلحة في المسألة فيخبره بالفتوى.
وضم جميع آرائه في كتاب أسماه الموطأ : أي المذلل للآخرين وكان يبدأ بالحديث ثم أقوال الصحابة يليه أقوال التابعين ثم أقوال أهل المدينة وأخيرا رأي الإمام مالك الشخصي وهذا الكتاب يحوي 12000 حديثا.