هذه الضروريات الخمس جاءت الشريعة بالمحافظة عليها، وإلا فإنّ الناس في أكثر شؤونهم أحرار في شريعة الإسلام.


من أوجه الحرية التي كفلها الإسلام للإنسان أنه حر في تصرفاته المالية؛ لكن بشرط أن يكون مرشدا في ما فيه صلاحه، أما إذا أراد أن يُفسد ماله بما يعود عليه بالضرر، فإنه يحجر عليه، وثَم باب معروف في الفقه اسمه: باب الحجر، معروف، حتى الرجل الكبير يتصرف عنده مثلا مائة ألف ريال بدل أن يحفظها لنفسه ولأولاده، ويحسن تصرفه فيها فإنه يبذرها كيف شاء، ثم يبقى هو عالة على غيره، فهذا إذا احتجّ أهل المصلحة -أولاده أو احتجَّ أقرباؤه- على تصرفاته فإنه يُحجر عليه في ماله. كذلك اليتيم الصغير إذا ورث فإنه لا يقال: إنه ورث مالا كثيرا فإنه يمكن منه، ذو ثماني سنين، أو عشر سنين من شراء سيارة على شهوته، أو يريد أن يسافر على شهوته أو أن يفعل في ماله كيف يشاء، ليس كذلك؛ بل جعلت الشريعةُ عليه ولاية، والولي يفعل في مال اليتيم ما هو الأصلح، وقد قال جل وعلا في حال هؤلاء: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾[النساء:6]، والرُّشد هو معرفة التصرف والصلاح في المال.


إذن فثَم حرية كبيرة في المال، أنه يتملَّك الإنسان ما شاء من المباحات، أنه يتصرف في ماله كيف يشاء يلبس يعطي يقرض يتملك يسافر به إذا كان في حدود رشده وما فيه مصلحته ومصلحة من يعول. أما إذا خالف ذلك فان الحرية هنا تنقص.


لماذا حُبست الحرية مع أن له الحق في أن يتصرف في ماله؟! لأنه لو أعطي هذا الحق أن يتصرف في ماله كيف شاء، لصار الضرر على نفسه والمرء إذا أراد أن يضر نفسه فإنه واجب على الجميع أن يراعوا مصلحته، لماذا؟ لأن المسلمين في شريعة الإسلام أخوة، فالمؤمنون أخوة يسعى بذمتهم أدناهم، يتكافلون ويتناصحون، فليس للمرء أن يفعل في أمواله ما يشاء، بما يضره في دنياه أو في آخرته.


إذن فالحرية المالية مكفولة، ومنع الإنسان من تصرفه بماله كما ترون من تطبيقها مثلا في مجتمعنا قليل جدا أن يحجر على المرء تصرفاته المالية نادر، والأكثر أن يتصرف في المال كيف يشاء إذا كان في حدود ما أذنت به الشريعة.


مثال آخر من الحريات الحرية التي تسمى الحرية السياسية، والحرية السياسية هذه لفظ ورد ومورس في الغرب، ويريدون به الانتخابات الديمقراطية، والانتخابات الديمقراطية تارة تكون عادلة وتارة تكون بتأثير؛ لأن من الذي ينتخب؟ الناس، وأنتم ترون الآن الدول المتقدمة التي تمارس هذه الانتخابات بسعة ترون أنها يؤثر في الانتخابات هذه بالدعايات، فصاحب المال هو الذي يكون أكثر دعاية ويستطيع أن يقنع الناس، فإنه يكسب الأمر، وقد لا يكون الأصلح فعلا؛ لكن الناس انتخبوه لظنهم أنه هو الأصلح، وهم يُخدعون، والناس جميعا لأنهم لا يعلمون مصالحهم، ولا يعرفون من يختارون، الناس إدراكاتهم مختلفة، بل إن أكثر الناس ليسوا من ذوي العقول الواعية، وليسوا ممن يعرف مصالح العباد ويعرف مصالحهم الدنيوية، ومصالح الأمة الخاصة، ومصالح الأمة العامة، أكثر الناس لا يدركون هذا.


ولهذا دخل التأثير في نتائج هذه الانتخابات، وكان ممن يؤثر في الانتخابات بالمال الجهات اليهودية والصهيونية التي تمتلك من المال ما يفوق الوصف، فتؤثر في الانتخابات هنا وهناك، حتى يأتي من يؤيدهم إذا نجحوا في ذلك.


المقصود أن الحرية السياسية التي هي وجود الانتخابات وجود البرلمان لا تخدم دائما صالح الأمة في تلك البلاد.


أما في الشريعة الإسلامية أما في تاريخ الإسلام، وفي تطبيق الإسلام في عهد خلفائه الراشدين فإنه جُعل أمر الولاية لأهل الحل والعقد، ما جُعل للناس جميعا، يستوي في اختيار الوالي وفي اختيار فالإمام وانتخاب الأصلح واختيار من يصلح لهذه الأمور، لم الشريعة تجعل الناس سواسية في هذا، يستوي أجهل الناس مع أعقل الناس، يستوي الذي لا يعرف أحكام الشريعة مع العالم في اختيار الوالي، هذا له صوت، وهذا له صوت، هذا لم تأت به الشريعة، ولو كانت المساواة بهذا الفعل لكان هذا من المساوئ، بل جعلت الشريعة الأمر إلى أهل الحل والعقد، ولهذا أبو بكر رضي الله عنه نصّ على عمر، وعمر رضي الله عنه جعل الوِلاية في أهل الشورى، وهذا موضوع يطول.


إذن فالحريات السياسية التي يزعمون، والبرلمانات والانتخاب على هذا النحو الموجود، هم لم يطبقوه في كل مكان أولا، وأيضا ليست المصلحة حتى في بلادهم إلا في إرضاء الناس، أما المصلحة الفعلية فقد تولى من الرؤساء ومن يلي أمور البلاد الغربية من ليس أصلح الموجود، لكن الناس هكذا أرادوا.


ومما يتصل أيضا بموضوع الحريات السياسية على حسب مصطلح القوم أنهم يريدون بالحريات السياسية أن لأي فئة من الناس تكوين حزب، وهذا الحزب ينشأ في الناس وينشط ويؤثر في السياسة العامة بحسب توجهات الحزب، لهذا وُجد في الدول الغربية والدول الشرقية أحزاب متضاربة، هذا حزب ديمقراطي، وهذا حزب جمهوري، وهذا حزب اشتراكي في بعض الدول، وهذا حزب للعمال، إلى آخره.


وهذه تتنافس، فإذا انتصر الحزب في شيء ما نفذ أغراضه وفكرته وآراءه السياسية والوجودية والقضائية، نفذها في الناس جميعا، ولذلك تجد أن انتصار حزب على حزب لما تكونت الحريات التي يسمونها السياسية ليس فيه رضا الناس؛ بل تجد أن أصحاب الحزب يبقون راضين، وأما غيرهم فلا يودون أن هذا الحزب انتصر، ويذمون أفعاله، ويذمون آراءه فإذا تمكن الحريات السياسية على حسب ما وضع عندهم جعل هناك منافسات بين أحزاب سياسية قد لا تقود البلد إلى فكرة واحدة، وإلى مصلحة واحدة، وقد لا تقود الناس إلى الرضا بتصرفات الدولة جميعا، لهذا يصير هناك فيه ضرار، ينتصر حزب بحكم الحرية السياسية والديمقراطية ثم لا يقبل به.


وأمامكم تجارب عظيمة في ذلك، لما انتصرت بعض الأحزاب الإسلامية في الجزائر وفي تركيا، لم ترض الدولة بذلك، لأن الحكم عسكري، وهم يريدون ديمقراطية، وحقوق إنسان، لكن إذا انتصر الإسلاميون فإن هذا غير مقبول، ولهذا حتى حقوق الإنسان والأمم المتحدة، وحتى الدول الغربية لم تمارس حقوق الإنسان بحسب ما أعلن، بل تخلفوا عن كثير منها في المبادئ التي نادوا بها.


والكلام يطول في ذكر مخالفات الدول الغربية والأمم المتحدة والكفرة بأنواعهم والمنافقين لما تزعموه من حقوق الإنسان في الحريات السياسية.


أما الشريعة فجاءت بشيء أعظم من هذا الباب، بشيء أعظم من كل التجارب التي مرت بالبشرية، وهو مبدأ النصيحة، والتعبد لله جل وعلا بنصيحة ولاة الأمر، ونصيحة ولاة الأمر فرض شرعي، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: «الـدَّينُ النَصـِيحـَةُ، الـدَّينُ النَصـِيحـَةُ، الـدَّينُ النَصـِيحـَةُ »، قلنا: لِمـنْ يا رسول الله؟ قـال «لله،وَلِكِتَابِهِ، وَلِـرَسولِـهِ، وَلأَئِـمَّةِ المْسْـلِـمِـينَ، وَعَـامَّتـِهِم» أئمة المسلمين نصيحتهم واجبة، ولا خير فيهم إذا لم يسمعوا النصيحة، ولا خير في المؤمنين أيضا إذا لم يقولوا النصيحة، لكن كيف تصل هذه النصيحة؟ وقنوات وصول هذه النصيحة غالبا ما كانت في زمن الإسلام الأول كانت عن طريق أهل الحل والعقد وأهل الشورى الذين يستطيعون أن يعرفوا ما يناسب مما لا يناسب في هذا الباب.


الحرية التي أيضا نادت بها تلك المبادئ ولا يجوز أن يقال بها في الإسلام: حرية الدين، وحرية الحقوق الانسان


أما حرية الدين فهم يقولون للإنسان أن يختار أي دين شاء؛ يعني إذا كان تديُّناً في نفسه، مَا لَه تعد على الآخرين أو ممارسات متعدية، فله أن يختار أي دين شاء، أما دين الله جل وعلا الذي أنزله سبحانه وتعالى على رسوله وهو الإسلام، فهو الدين الحق، ولذلك من اختار الإسلام دينا، وصار مسلما، فإنه لو أراد أن يقول: أنا حر أختار غير هذا الدين، فإنه لا ُقَرُّ عليه لماذا؟ لأنه أصبح كالمجنون الذي لا يعرف مصلحته، فمصلحته إنما هي في دين الإسلام، في الدنيا وفي الآخرة، ولو سُمح له بالانتقال لسمحنا له أن يكون من أهل النار، ولذلك فإنه من ارتد عن دينه فإنه يقتل، «من بدَّل دينه فاقتلوه» كما صح عن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، يعني أي مسلم اختار غير دين الإسلام فانه يجب قتله، ومن يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه.


أما غير المسلم فإنه يختار الدين الذي يشاء لا نُكْرِه الناس على أن يكونوا مؤمنين، واحد يقول أنا نصراني، ما نقول لازم أن تكون مسلما، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ اليهود على ديانتهم وأقرَّ النصارى على ديانتهم ولكن دعاهم وأمرهم ونهاهم، ولما جاء الجهاد خُيِّرُوا بين ثلاث خصال، بين أن يجاهدوا، أو أن يدفعوا الجزية ويقروا على ما هم عليه، إلى آخر ذلك.


إذن فالحرية الدينية مكفولة؛ لكن بشرط أن لا يكون تم انتقال من الإسلام إلى غيره، لأنَّ الإسلام هو الدين الحق، والشريعة جاءت بحفظ مصالح الناس، وتغيير هذا الدين يدل على أن من اختار ذلك فإنه غير راشد.


من الحريات أيضا التي ذُكرت -وهي ممنوعة في الإسلام، يعني على إطلاقها- التي هي حرية التفكير، وحرية التعبير عن الرأي، وهذا يقولون: كل إنسان حر من حقوقه أن يكون حرا في أن يُبدي ما شاء، أي فكرة يريد أن يبديها، وأي رأي يريد أن ينشره أن يقول به، فإنه لا يحاسب عليه.


وأما في الشريعة فهذا غير صحيح، فلم تعط الشريعة لأحد أن يقول كيف ما شاء، وذلك أنّ الناس مختلفون في استعداداتهم، والشريعة جاءت بتعبيد الناس لربهم جلا وعلا.


والناس في الإدراك ليسوا سواء، فإذا مُكِّنَ الناس من الشبهة في إلقائها فربما كان ضعيف الإيمان؛ من ليس عالما غير مؤهل لرد شبهة الشيطان، ولهذا عمر رضي الله عنه لما أتى صبيغ بن عسل إلى المدينة، وصار يدور على الناس ببعض الأسئلة التي فيها ذكر متشابهات من القرآن، ما الذاريات ذروا، وما الحاملات وقرا؟ ما المراد بكذا، أتاه عمر رضي الله عنه وعلاه بالدِّرَّة، الدِّرة بالكسر –ليست دُرَّة- دِّرَّة اسم للعصا، أي ضربه بالدرة، وقال له: أنت تقول كذا وكذا وتفشي في الناس ذلك، قال: نعم، شيء أجده في رأسي، يعني ليش تمنعني؟ فعلاه بالدرة عمر رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين، ذهب الذي كنت أجد. يعني عافاني الله وفهمت، ولم يعد عندي شبهة، فنفاه عمر رضي الله عنه وأوصى بأن لا يخالط الناس حتى لا يؤثر عليهم، لماذا؟ الشريعة، بُعثت الرسل لماذا؟ لتعبيد الناس لربهم جل وعلا، فإذا واحد يطلع ينشر ما شاء، ويفسد دين الناس، فهذا مضاد لأصل بعثة الرسل، فبعثة نبينا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ دين الإسلام لتعبيد الناس لربهم جل وعلا بتحقيق حقائق الإسلام بالدَّيْنُونَة لله جل وعلا رب العالمين. إذا أتى أحد يريد أن ينقض هذا الأصل، أو أن يحفر من تحت حتى يسقط البناء فيجب أن يوقَف عنده حتى ولو بإثارة الشبهات فيجب أن يضرب على يده، فليس عندنا في الإسلام حرية مطلقة في التعبير بالرأي، فهناك أشياء تعبر فيها عن رأيك، ما لم تكن قادحة في القرآن، ما لم تكن قادحة في السنة، ما لم تكن قادحة في أصول الإسلام، أما إذا أتى إيراد الأفكار بما يطعن في الدين، أو يذهب هيبته، أو يبعد الناس عن التعبد لله رب العالمين، فهذا مناقض لأصل البعثة التي هي تعبيد الناس لرب العالمين.


ومما ينبَّه عليه ما ذكرته لك من أننا جميعا لسنا في استعداداتنا سواء، وجملة الناس عاطفيون، ليسوا ببرهانيين، ليسوا بنخبة يقيمون يقيّمون الأمور بالدليل والبرهان والمصالح والمفاسد ويذهب يحلل، أكثر الناس عاطفيون يأخذون الكلام الذي يؤثر، وأحيانا القاضي قد ما يكون هناك حجة ويكون أحد الخصمين ألحن بحجته من بعض، فيقضي على نحو ما يسمع، كما ثبت في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال في ما معنى الحديث: يأتيني الآتي فيكون ألحن بحجته من الآخر، فأقضي له، وإنما أقضي على نحو ما أسمع، فأي ما امرئ قضيت له من حق أخيه شيئا، فإنما هو قطعة من النار، فليأخذ، أو ليدع. أو كما قال عليه الصلاة والسلام.


فإذن فتح باب حرية الرأي بما يؤثر على الناس في دينهم، هذا يذهب الديانة، ويضعف الإسلام ويذهب آثار البعثة، واقتناع الناس بدين الله رب العالمين.


وأنتم ترون الآن في الدول التي فُتح المجال فيها للآراء على اختلاف أنواعها كيف أن الناس أخذوا يتأثرون بكثير من الأفكار، وذهب كثير منهم عن دينهم، نسأل الله السلامة والعافية.


إذن أكثر الناس عاطفيون يأخذون الكلام، والله هذه فكرة صحيحة، هذا منطق هذا معقول، لكن ما يعرف وجهة النظر الأخرى، ولا شك أن ثم واجبا على العلماء أن يبينوا فساد قول كل صاحب مقالة فاسدة، لحماية الدين، والردّ عن دين محمد عليه الصلاة والسلام لكن قد ما يتاح دائما، فلو قيل بحرية الرأي مطلقا لصار ذلك سببا لإفساد عقائد الناس، أو ديانتهم، لأن الناس ليسوا في مستوى رد الشبه.


فإذن نقول: إنّ الديانة –شريعة الإسلام- جاءت بحفظ حقوق الإنسان، سواء أكان هذا الإنسان والدا أو ولدا، زوجا أو زوجة، إمامًا أو رعية، قاضيا أو مقضيا عليه، واليا أو مولى، أميرا أو مأمورا، حراً أو عبدا، ذكرا أو أنثى، جاءت الشريعة بحفظ هذه الحقوق، وتبين ذلك واضحا من المحاضرات التي مضت، والتي ستأتي أنواع ما كفلته الشريعة لأنواع الإنسان من الحقوق، كحق حق الوالدين –أظن فيه محاضرة حقوق الوالدين مضت-، وحق الأولاد، وحق الزوج وحق الزوجة، وحق المسلم على المسلم، وحق الكافر، الكافر له حق أيضا، إذا كان كافر بجواره فله حق الجيرة، كما أن المعاهد له حق المعاهدة حق الاستئمان فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا طبخ مرقة في بيته أرسل لجارهم اليهودي منها، لمصلحة شرعية.


فإذن الشريعة كفلت الحقوق: الحقوق المالية، وحقوق الجوار، والحريات، لكن بما يخدم المصلحة التي جاءت الشريعة بتحقيقها.


والشريعة لم تأت للدنيا كما هي مبادئ الكفار، وإنما أتت للدنيا والآخرة، ففيها صلاح المعاش وصلاح المعاد، وصلاح الدنيا، وصلاح الآخرة.


هذه جمل يسيرة فيها ذكر أصل هذا الموضوع المهم، وهو موضوع حقوق الإنسان.


وطبعا كما ترون بل كما سمعتم لا يفي بهذا المقام، أن ما ذكرته لك لا يفي بهذا المقام، ولا يمكن أن يغطي كل جوانبه، لكن يفتح لك بابا إلى فهم هذه الكلمة التي يكثر تردادها.


ولابد من اليقين من أن أي بلد تعظم فيه الشريعة، وتعلو فيه الشريعة، وتطبق فيه شريعة الإسلام، فإنه يكون هو الأحفظ على حقوق الإنسان وكلما ضعف تطبيق الشريعة في بلد، فهو الضعف في تحقيق حقوق الإنسان.


لهذا حقوق الإنسان الشرعية مرتبطة في تحقيقها بتحقيق الشريعة في حياة الناس، إذا حققت الحقوق القضائية الحقوق المالية، العدل بين الناس، رد المظالم والحريات التي أذنت بها الشريعة فهذا يعني أن الناس أخذوا حقوقهم، وأن الإنسان في هذه الدار أخذ حقه.


ومعلوم أن أكمل تطبيق لحقوق الإنسان هو عصر النبي عليه الصلاة والسلام وعصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم.


وفي كل دولة من دول الإسلام التي مضت الأموية، والعباسية إلى زماننا الحاضر، كلما كان تطبيق الشريعة أكثر وأعظم كلما كان حفظ حق الإنسان أعظم وأكثر.


هذه لمحات موجزة قصيرة في هذا الخضم الواسع.


أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من الدعاة إلى دينه، ومن المصابرين الصابرين، وأن يجعلنا من أنصار شريعته، ومن حملة العلم ومحصليه، ومن الذابين عن سنة سيد المرسلين وشريعة رب العالمين، أنه سبحانه جواد كريم.


أسأل الله جل وعلا أن يغفر لي ولكم ذنوبنا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا، في امرنا، وكن لنا يا ربنا ولا تكن علينا، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا.


اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر و*****ق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.


اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من أتباع الحق، ومن القائمين به، ومن الذابين عن دينه.


اللهم وفقنا لما فيه رضاك وجنبنا ما تسخطه وتأبى يا أكرم الأكرمين.


اللهم وفق علماء المسلمين لرد كيد الكائدين، ولنصرة الدين، اللهم ألهمهم رشدا في أقوالهم، وفي أعمالهم، واجزهم خيرا.


اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، واجعلنا وإياهم من المتعاونين على البر والتقوى، وهيئ اللهم لهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير، وتحثهم عليه، وباعد بينهم وبين بطانة السوء التي تأمرهم بالشر وتحثهم عليه، إنك أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين.


وصلى الله وسلم وبارك على النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.