46. ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى، ألا رُب معرض عن سبيل رشده، قد آن أوان شق لحده، ألا رُب ساع في جمع حطامه، قد دنا تشتيت عظامه، ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته، قد آن خراب ذاته.

47. يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس، وتنبه للسعود فإلى كم نحس، واحفظ بقية العمر، فقد بعت الماضي بالبخس.

48. عينك مطلقة في الحرام، ولسانك منبسط في الآثام، ولأقدامك على الذنوب إقدام، والكل مثبت في الديوان.

49. كانوا يتقون الشرك والمعاصي، ويجتمعون على الأمر بالخير والتواصي، ويحذرون يوم الأخذ بالأقدام والنواصي، فاجتهد في لحاقهم أيها العاصي، قبل أن تبغتك المنون.

50. أذبلوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام، وأنصبوا لما انتصبوا الأجساد يخافون المعاد بالقيام، وحفظوا الألسنة عما لا يعني عن فضول الكلام، وأناخوا على باب الرجا في الدجى إذا سجى الظلام، فأنشبوا مخاليب طمعهم في العفو، فإذا الأظافير ظافرة.

51. يا مقيمين سترحلون، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون، يا مستقرين ما تتركون، أراكم متوطنين تأمنون المنون!!!

52. وعظ أعرابي ابنه فقال: "أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت، ومن لم يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات، والجنة والنار أمامك".

53. يا له من يوم لا كالأيام، تيقظ فيه من غفل ونام، ويحزن كل من فرح بالآثام، وتيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام، واعجباً لضحك نفس البكاء أولى بها.

54. إن النفس إذا أُطمعت طمعت، وإذا أُقنعت باليسير قنعت، فإذا أردت صلاحها فاحبس لسانها عن فضول كلامها، وغُض طرفها عن محرم نظراتها، وكُف كفها عن مؤذي شهواتها، إن شئت أن تسعى لها في نجاتها.

55. علامة الاستدراج: العمى عن عيوب النفس، ما ملكها عبد إلا عز، وما ملكت عبداً غلا ذل.

56. ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة، فيجزى العبد على الكلمة قالها في الخير، والنظرة نظرها في الشر، فيا من زاده من الخير طفيف، احذر ميزان عدل لا يحيف.

57. سمع سليمان بن عبد الملك صوت الرعد فانزعج، فقال له عمر بن عبد العزيز: "يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه؟".

58. يا من أجدبت أرض قلبه، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً، فيه رعود وتخويف، وبروق وخشية، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى ويُنبت.

59. قال بعض السلف: "إذا نطقت فاذكر من يسمع، وإذا نظرت فاذكر من يرى، و إذا عزمت فاذكر من يعلم".
60. قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه: "أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشيء؟"، قالوا: "لا"، قال: "فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل".

61. كلامك مكتوب، وقولك محسوب، وأنت يا هذا مطلوب، ولك ذنوب و ما تتوب، وشمس الحياة قد أخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب.