18. أين ندمك على ذنوبك؟، أين حسرتك على عيوبك؟، إلى متى تؤذي بالذنب نفسك، وتضيع يومك تضييعك أمسك، لا مع الصادقين لك قدم، ولا مع التائبين لك ندم، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة، وأجريت في السحر دموعاً سائلة.

19. تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً، وارع أصلاً أثمر فرعاً، واذكر لطفهما بك وطيب المرعى أولاً وأخيرا، فتصدق عنهما إن كانا ميتين، واستغفر لهما واقض عنهما الدين.

20. من لك إذا الم الألم، وسكن الصوت وتمكن الندم، ووقع الفوت، وأقبل لأخذ الروح ملك الموت، ونزلت منزلاً ليس بمسكون، فيا أسفاً لك كيف تكون، وأهوال القبر لا تطاق.


21. كأن القلوب ليست منا، وكان الحديث يُعنى به غيرنا، كم من وعيد يخرق الآذانا كأنما يُعنى به سوانا أصمّنا الإهمال بل أعمانا.

22. يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل، وحزنها في غد طويل، ما دام المؤمن في نور التقوى، فهو يبصر طريق الهدى، فإذا أطبق ظلام الهوى عدم النور.

23. انتبه الحسن ليلة فبكى، فضج أهل الدار بالبكاء فسألوه عن حاله فقال: "ذكرت ذنباً فبكيت"... يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء.

24. يا من عمله بالنفاق مغشوش، تتزين للناس كما يُزين المنقوش، إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش، وكيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش.

25. ألك عمل إذا وضع في الميزان زان؟... عملك قشر لا لب، واللب يُثقل الكفة لا القشر.

26. رحم الله أعظمًا نصبت في الطاعة وانتصبت، جن عليها الليل فلما تمكن وثبت، وكلما تذكرت جهنم رهبت وهربت، وكلما تذكرت ذنوبها ناحت عليها وندبت.

27. يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة، ولا رق أملك من الشهوة، ولا مصيبة كموت القلب، ولا نذير أبلغ من الشيب.

28. إلى كم أعمالك كلها قباح، أين الجد إلى كم مزاح، كثر الفساد فأين الصلاح، ستفارق الأرواح الأجساد إما في غدو و إما في رواح، وسيخلو البلى بالوجوه الصباح، أفي هذا شك أم الأمر مزاح.

29. فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة، وليطرق بالأسحار باب الإجابة، فما صدق صادق فرُد، ولا أتى الباب مخلص فصُد، وكيف يُرد من استُدعي؟، وإنما الشأن في صدق التوبة.

30. إخواني: الأيام مطايا بيدها أزمة ركبانها، تنزل بهم حيث شاءت، فبينا هم على غواربها ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها.

31. النظر النظر إلى العواقب، فإن اللبيب لها يراقب، أين تعب من صام الهواجر؟، وأين لذة العاصي الفاجر؟، فكأن لم يتعب من صابر اللذات، و كان لم يلتذ من نال الشهوات.

32. حبس بعض السلاطين رجلاً زماناً طويلا ثم أخرجه فقال له: كيف وجدت محبسك؟، قال: ما مضى من نعيمك يوم إلا و مضى من بؤسي يوم، حتى يجمعنا يوم.

33. جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، فوا عجباً ممن لم ير محسناً سوى الله عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه.

34. احذر نفار النعم فما كل شارد بمردود، إذا وصلت إليك أطرافها فلا تُنفر أقصاها بقلة لشكر.
35. اجتمعت كلمة إلى نظرة على خاطر قبيح و فكرة، في كتاب يًحصي حتى الذرة، والعصاة عن المعاصي في سكرة، فجنوا من جِنى ما جنوا، ثمار ما قد غرسوه.

36. يا هذا... ماء العين في الأرض حياة الزرع، و ماء العين على الخد حياة القلب.

37. يا طالب الجنة... بذنب واحد أُخرج أبوك منها، أتطمع في دخولها بذنوب لم تتب عنها!!... إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته، وتذهب بالمعاصي أوقاته، لخليق أن تجري دائماً دموعه، وحقيق أن يقل في الدجى هجوعه .

38. أعقل الناس محسن خائف، وأحمق الناس مسيء آمن.

39. لا يطمعن البطال في منازل الأبطال، إن لذة الراحة لا تنال بالراحة، من زرع حصد ومن جد وجد، فالمال لا يحصل إلا بالتعب، والعلم لا يُدرك إلا بالنصب، واسم الجواد لا يناله بخيل، ولقب الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب طويل.

40. كاتبوا بالدموع فجائهم ألطف جواب، اجتمعت أحزان السر على القلب فأوقد حوله الأسف وكان الدمع صاحب الخبر


41. كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله، وحياته على موته.

42. إخواني: الدنيا في إدبار، وأهلها منها في استكثار، والزارع فيها غير التقى لا يحصد إلا الندم.

43. ويحك... أنت في القب محصور إلى أن ينفخ في الصور، ثم راكب أو مجرور، حزين أو مسرور، مطلق أو مأسور، فما هذا اللهو والغرور!!

44. بأي عين تراني يا من بارزني وعصاني، بأي وجه تلقاني، يا من نسي عظمة شاني، خاب المحجوبون عني، وهلك المبعدون مني.

45. يا هذا زاحم باجتهادك المتقين، وسر في سرب أهل اليقين، هل القوم إلا رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم، وما نياس لك من ذلك.