فتح مكة





وكان الزبير صاحب راية في انتصار من أعظم انتصارات رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإطلاق وأهمها للإسلام والمسلمين، فقد كان صاحب راية في فتح مكة سنة ثمان من الهجرة في رمضان كما قال ابن هشام في “السيرة النبوية”. وكان الزبير على المجنبة اليسرى فقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه إلى أربع فرق وعلى كل فرقة قائدها ومعه رايته فجعل الزبير بن العوام على الجناح الأيسر وأمره أن يدخل مكة من شمالها، وجعل خالد على الميمنة وأمره أن يدخل مكة من أسفلها وجعل سعد بن عبادة على المدينة ثم أخذ الراية منه وأعطاها لعلي بن أبي طالب فدخلها من جانبها الغربي، وأما أبو عبيدة بن الجراح فجعله رسول الله على المهاجرين وسار فيهم ليدخلوا مكة من أعلاها في حذاء جبل هند ودخل رسول الله مكة دون قتال، فكان من أعظم انتصارات المسلمين والذي تم من دون قتال ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ونادى مناديه من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، وكان هذا الفتح أعظم الفتوحات للرسول صلى الله عليه وسلم.


شهيد الغدر


توفي رسول الله وهو راض عن الزبير، وصحب الزبير الصديق في خلافته فكان يأتمر بأمره وينتهي بنهيه ويعينه في بعض شأنه وشأن رعيته ولما آلت الخلافة إلى عمر كان له سيفاً على أعدائه حتى آلت الخلافة إلى عثمان فكان نعم المعين له في شؤونها على اتساعها، فلما آلت الخلافة إلى عليّ ودبت الفتنة بين المسلمين خرج هو وطلحة لقتاله فذكره عليّ بقول رسول الله له: “يا زبير لتقاتلن علياً وأنت له ظالم” فعاد الزبير ورجع عن قتال عليّ.


ثم انصرف إلى المدينة فتبعه عبدالله بن جرموز فأدركه بواد يقال له وادي السباع وهو نائم في القائلة فهجم عليه فقتله وقطع رأسه وذهب بها إلى علي فلما انتهى إليه استأذن عليه ظناً منه أنه لو علم سيفرح بذلك وتكون له حظوة عنده، فقال علي رضي الله عنه لما رأى سيف الزبير: “إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم”.


وقال علي فيما قال: لا تأذنوا له وبشروه بالنار فلقد سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار”.


رحم الله الزبير ورضي الله عنه وأرضاه فقد كان سيفاً مسلولاً على أئمة الكفر والضلال وكان خير من رمى بسهم وطعن برمح وخير رجل وهب نفسه وماله لله عز وجل.