لكل نبي من الأنبياء الذين أرسلهم الله حواريون وأنصار ينصرونه ويتلقون منه العلم ويبلغونه للناس جميعاً، فينشرون نور الله على كل العباد في كل البلاد، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً حواريون يحبونه وينصرونه، يحبونه أكثر من أولادهم وآبائهم بل أكثر من أنفسهم، ومن هؤلاء الزبير بن العوام.


يقول عنه أبو جعفر أحمد الشهير بالمحب الطبري في كتابه “الرياض النضرة في مناقب العشرة”: “هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى، وأمه صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أسلم وهو ابن ثماني سنين وهاجر وهو ابن ثماني عشرة سنة وكان عمه يعلقه في حصير ويدخن عليه بالنار، وهو يقول: ارجع إلى الكفر فيقول الزبير لا أكفر أبداً”.


هاجر الزبير الهجرتين إلى الحبشة الأولى والثانية ثم هاجر إلى المدينة حيث مقر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندما هاجر إلى المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبدالله بن مسعود.


كان الزبير أول من سل سيفاً في سبيل الله فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير.


قال عنه صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري “إن لكل نبي حوارياً وحواريي الزبير” وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب للتشاور على اختيار خليفة منهم، وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض.


شجاعة وورع



حضر الزبير جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما شارك يوم اليرموك وكانت شجاعته مضرب الأمثال، ويذكر له يوم أحد أنه قتل طلحة العبدري. وذلك أن طلحة العبدري حامل لواء المشركين يوم أحد، دعا إلى المبارزة فأحجم الناس وخرج إليه الزبير فوثب على جمله حتى صار معه ثم أسقطه على الأرض وذبحه بسيفه، وقتل نوفل المخزومي يوم الخندق وذلك أن نوفل المخزومي طلب المبارزة فخرج إليه الزبير فضربه بسيفه فشقه نصفين. وقال له أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم اليرموك ألا تشد فنشد معك؟ فقال: إني إن شددت كذبتم فقالوا لا نفعل فحمل عليهم حتى شق صفوف الروم فجاوزهم وما معه أحد ثم رجع مقبلاً فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر.


شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة فقال: “طلحة والزبير جاران في الجنة”، وتنبأ له رسول الله وبشره بالشهادة فقال عنه “من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على الأرض فلينظر إلى الزبير”.


اتصف الزبير بالورع وذلك لما رواه البخاري عن عبدالله بن الزبير قال قلت للزبير ما يمنعك أن تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه أصحابه؟ قال: أما والله لم أفارقه منذ أسلمت ولكني سمعته يقول “من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار” فلا أحب أن أحدث عنه. وأما عن كرمه وجوده فحدث ولا حرج فقد كان جواداً كريماً، فعن أم درة قالت: بعث الزبير إلى عائشة بغرارتين تبلغ ثمانين ومائة ألف درهم.


وعن كعب قال: “كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل منه إلى بيته درهم واحد، كان يتصدق بذلك كله، وقال فكان يتصدق بقسمه كل ليلة، ويقوم إلى منزله ليس معه منه شيء”.