ثمرات الأوراق (2)
الأدب
بسم الله الرحمن الرحيم :
قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الحجرات
وقال رسول الله : " من حسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يَعنِيهِ "
والأدب هو : رياضةُ النفوسِ ومحاسنُ الأخلاق وقيل الأدب عند أهل الشرع : الورع ، وعند أهل الحكمة : صيانةُ النفسِ .
وقيل : هو الكلام الجميل الذي يترك في نفسِ سامِعِهِ أو قارئِهِ أثرًا قويًّا يحملُهُ على استعادتِهِ والاستزادةِ منه والميلِ إلى محاكاتِهِ .
سئل الحسنُ البصري – رحمه الله تعالى – عن أنفعِ الأدبِ فقال : " التفقهُ في الدينِ ، والزهدُ في الدنيا والمعرِفَةُ بما لله عليك "
وقيل : الأدبُ حياةُ القلبِ ولا مصيبةَ أعظمَ من الجهلِ . وأنشدَ الشاعر :
عِيُّ الشريفِ يَشِينُ مَنصِبُهُ وتَرى الوضيعَ يَزِينُهُ أدبُه
وسمع بعضُ الحكماء رجلاً يقول : إني غريب ، فقال : الغريب من لا أدبَ له . وكان يقال : من قعدَ به حسبُهُ نهضَ بهِ أدبُهُ .
قال الشاعر صالح عبدُ القدوسِ :
قد يبلغُ الأدبُ الأطفالَ في صغرٍ وليس ينفعهم من بعده أدبُ
إن الغصونَ إذا قومتها اعتدلت ولا يلينُ إذا قومته الخشب
لكلِّ شيءٍ زينةٌ في الورى وزينةُ المرءِ تمام الأدب
قد يشرفُ المرءُ بأدآبهِ فينا وإن كان وضيعَ النسبِ
وقال عبدُ اللهِ بنُ المباركِ – رحمه الله – " من تهاونَ بالأدبِ عُوقِبَ بحرمانِ السننِ ، ومن تهاونَ بالسننِ عُوقِبَ بحرمانِ الفرائضِ ، ومن تهاونَ بالفرائضِ عُوقِبَ بحرمانِ المعرفَةِ ". وقال : " نحن إلى قليلٍ من الأدبِ أحوجُ منَّا إلى كثيرٍ من العلم ".
ومما يؤثر عن الخليفة هارون الرشيد أنه تقابل مع الكسائي أحد القراء العشرة و الأديب المشهور في بعض الطرق ، فوقف وتخفَّى في السؤال عن حاله .
فقال له الكسائي : أنا بخير يا أمير المؤمنين ، ولو لم أجد من ثمرة الأدب إلا ما وهب الله تعالى لي من وقوف أمير المؤمنين ، وسؤاله عني ، لكان ذلك كافيًا محتسبًا .
يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى - : " وأدبُ المرءِ عُنوانُ سعادتِهِ وفلاحِهِ . وقلةُ أدبِهِ عُنوانُ شقاوتِهِ وبوارِهِ ، فما استُجلِبَ خيرُ الدنيا والآخرةِ بمثلِ الأدبِ ولا استُجلِبَ حرمانُها بمثلِ قِلةِ الأدبِ" .
قال بعضهم : " الزمِ الأدبَ ظاهرًا وباطنًا ؛ فما أساءَ أحدٌ في الظاهرِ إلا عُوقِبَ ظاهرًا ، وما أساء أحدٌ الأدبَ باطنًا إلا عُوقِبَ باطنًا ".
وقيل : " الأدبُ في العملِ علامةُ قَبولِ العمل ".
المفضلات