إقتربت العشر الأولى من ذي الحجة ماذا ستفعل فيها ياصاحب الهمة العالية ؟


1_ فضل العشر من ذي الحجة
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:ونحن أيها الإخوة: في هذه الأيام، والليلة هي الخامسة والعشرون من شهر ذي القعدة عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف نستقبل موسماً عظيماً ألا وهو العشر الأول من ذي الحجة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) يعني: أن العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة أحب إلى الله من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة؛ لأن الحديث عام (ما من أيام) وأيام نكرة في سياق النفي، مؤكدة بـ (من) ، فتفيد العموم القطعي أنه لا يوجد أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر. والقائل بهذا القول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشريعة الله وأعلم الخلق بالله وبما يحب الله، فلا تستغرب إذا سمعت من يقول: إن العمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان، لأن هذا له دليل من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا القول الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد منا أن نفهم أن العمل الصالح في هذه الأيام أحب إلى الله من غيرها، وإنما يريد أن نفهم ونعمل، نكثر العمل الصالح في أيام العشر الأول من ذي الحجة.




والعمل الصالح متنوع: قرآن، ذكر، تسبيح، تحميد، تكبير، أمر بالمعروف، نهي عن منكر، صلاة، صدقات، بر بالوالدين، صلة للأرحام، والأعمال الصالحة لا تحصى، إذا تصدقت بدرهم في هذه العشر وتصدقت بدرهم في عشر رمضان فأيهما أحب إلى الله؟ الصدقة في عشر ذي الحجة أحب إلى الله من الصدقة في عشر رمضان (قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟) والجهاد ذروة سنام الإسلام، قال: (ولا الجهاد في سبيل الله) إلا في صورة واحدة: (إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) . خرج بنفسه وماله الذي يجاهد عليه، كالفرس والرحل فقتل فلم يرجع بنفسه، وعقر جواده فلم يرجع بجواده، وأخذ ماله فلم يرجع بماله، هذا هو الذي يكون أفضل من العمل في العشر الأول من شهر ذي الحجة، وما عدا ذلك فالعمل الصالح فيها أحب الله من أي وقت كان.


اللقاء الشهري (10/2)
2_ ما يشرع من العمل في عشر ذي الحجة


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: فلنستعرض ما الذي يُشرع في هذه الأيام بخصوصه، فنقول: يشرع فيها ذكر، الله لقول الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج:28] والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة فيكثر فيها من الذكر ومن ذلك:
التكبير والتهليل والتحميد، تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.




تُكثر من هذا، تقوله في المساجد جهراً، وفي الأسواق والبيوت، وربما يكون ذكرك هذا في البيوت حرزاً لبيتك من الجن والشياطين؛ لأن الله وصف الشياطين والجن بأنهم: (خناس) يخنسون عند ذكر الله ويختفون ويبعدون.


الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.ى تذكر ذلك في كل وقت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه.ومن ذلك:


صيام هذه الأيام العشر ما عدا يوم العيد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومها كما روى ذلك الإمام أحمد وأصحاب السنن عن حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع صيامها) وهذا هو القول الراجح. وأما حديث عائشة رضي الله عنها الذي في مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم العشر) فإن العلماء قالوا: إذا تعارض عدلان ثقتان أحدهما مثبت والثاني نافٍ، يقدم المثبت؛ لأن معه زيادة علم. وقد يكون نفي عائشة رضي الله عنها نفي علم لا نفي واقع وبهذا يجمع بين الحديثين. ثم على فرض أن حديث حفصة غير محفوظ فإن الصيام من أفضل الأعمال فيدخل في قوله: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الله من هذه الأيام العشر) .


ومما يسن في هذه الأيام الرحيل إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة والحج، وهذا أفضل ما يعمل في هذه الأيام بخصوصه، بمعنى أن الأعمال الخاصة في هذه الأيام أفضلها السير إلى بيت الله لأداء العمرة والحج، فإن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله، سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم: (هل على النساء جهاد؟ قال صلى الله عليه وسلم: عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة) . ويشير إلى هذا قول الله عز وجل: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:195-196] . فعطف إتمام الحج والعمرة على الإنفاق في سبيل الله وهو يشعر بأن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله وعلى هذا فإنه يجدر بنا أن نتكلم ولو يسيراً على الحج والعمرة.


ومما يفعل في هذه الأيام العشر، في آخر يوم منها:


التقرب إلى الله بالأضاحي، وهذا يكون لمن لم يحج من المسلمين في بلادهم، أما الحجاج فالمشروع في حقهم الهدي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى في حجه ولم يضح، وضحى في المدينة في غير سنة حجه.


اللقاء الشهري (10/2)
3_ الجمع بين حديثي حفصة وعائشة في صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر ذي الحجة
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: روى النسائي في سننه عن أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع ثلاثا: صيام العشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة.وروى مسلم في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها - قولها: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائما في العشر قط » . وفي رواية: «لم يصم العشر قط » . وقد ذكر الشوكاني في الجزء الرابع ص( 324 )من نيل الأوطار: قول بعض العلماء في الجمع بين الحديثين: حديث حفصة وحديث عائشة، إلا أن الجمع غير مقنع، فلعل لدى سماحتكم جمعا مقنعا بين الحديثين؟


فأجاب بقوله: قد تأملت الحديث واتضح لي أن حديث حفصة فيه اضطراب، وحديث عائشة أصح منه. والجمع الذي ذكره الشوكاني فيه نظر، ويبعد جدا أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم العشر ويخفي ذلك على عائشة، مع كونه يدور عليها في ليلتين ويومين من كل تسعة أيام؛ لأن سودة وهبت يومها لعائشة، وأقر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك.


فكان لعائشة يومان وليلتان من كل تسع، ولكن عدم صومه - صلى الله عليه وسلم - العشر لا يدل على عدم أفضلية صيامها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تعرض له أمور تشغله عن الصوم.


وقد دل على فضل العمل الصالح في أيام العشر حديث ابن عباس المخرج في صحيح البخاري، وصومها من العمل الصالح.


فيتضح من ذلك استحباب صومها من حديث ابن عباس، وما جاء في معناه، وهذا يتأيد بحديث حفصة وإن كان فيه بعض الاضطراب.


ويكون الجمع بينهما على تقدير صحة حديث حفصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطلعت حفصة على ذلك وحفظته، ولم تطلع عليه عائشة، أو اطلعت عليه ونسيته. والله ولي التوفيق.


مجموع فتاوى ابن باز(15/418)
4_ صيغ التكبير
كان ابن عباس رضي الله عنه يكبرفيقول :الله أكبر ،الله أكبر ،الله أكبر ،لا إله إلا الله ،والله أكبر ،الله أكبر ،ولله الحمد.


قال الألباني صحيح في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل(125)


عن ابن مسعود رضى الله عنه: " أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر , الله أكبر , لا إله إلا الله , والله أكبر , الله أكبر , ولله الحمد ".


قال الألباني –رحمه الله -في الإرواء (3/125) أخرجه ابن أبى شيبة (2/2/2) وإسناده صحيح. ولكنه ذكره فى مكان آخر بالسند نفسه بتثليث التكبير , وكذلك رواه البيهقى (3/315) عن يحيى بن سعيد عن الحكم وهو ابن فروح أبو بكار عن عكرمة عن ابن عباس بتثليث التكبير.وسنده صحيح أيضا


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيد رافعا صوته بالتهليل والتكبير.


أخرجه البيهقى (3/279) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة( 171)


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:وينبغي أن يرفع الإنسان صوته بهذا الذكر في الأسواق والمساجد والبيوت ،ولا ترفع النساء أصواتهن بذلك.


مجموع فتاوى العثيمين(16/216)
5_ هل الزيادة في التكبير الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ثابت
سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: هل الزيادة في التكبير الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ثابت وصحيح؟


فأجاب بقوله: ثابت رواه مسلم في الصحيح .


مجموع فتاوى ابن باز(25/243)
6_ قص الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة هل يشمل أسرة المضحي
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: هل من السنة ترك قص الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة؟ وهل يشمل أسرة المضحي؟


فأجاب بقوله: ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: "ذا دخل العشر- يعني عشر ذي الحجة- وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره، ولا من ظفره شيئًا" ، وفي رواية:"ولا من بشرته شيئا" ، وهذا نهي، والأصل في النهي التحريم حتى يقوم دليل على أنه لغير التحريم، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان الذي يريد أن يضحي إذا دخل شهر ذي الحجة أن يأخذ شيئًا من شعره، أو بشرته، أو ظفره حتى يضحي، والمخاطب بذلك المضحي دون المضحي عنه، وعلى هذا فالعائلة لا يحرم عليهم ذلك، لأن العائلة مضحى عنهم وليسوا مضحين.


فإن قال قائل: ما الحكمة من ترك الأخذ في العشر؟


قلنا الجواب على ذلك من وجهين:


الوجه الأول: أن الحكمة هو نهي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء لحكمة وأن أمره بالشيء لحكمة، وهذا كاف لكل مؤمن، لقوله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .


وفي الحديث الصحيح عن عائشة- رضي الله عنها-: أن امرأة سألتها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: "كان يصيبنا ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة" ، وهذا الوجه هو الوجه الأسد، وهو الوجه الحازم


الذي لا يمكن الاعتراض عليه، وهو أن يقال في الأحكام الشرعية الحكمة فيها: أن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أمر بها.


أما الوجه الثاني: في النهي عن أخذ الشعر أو الظفر أو البشرة في هذه الأيام العشر، فلعله والله أعلم من أجل أن يكون للناس في الأمصار نوع من المشاركة مع المحرمين بالحج والعمرة في هذه الأيام، لأن المحرم بحج أو عمرة يشرع له تجنب الأخذ من الشعر والظفر، والله أعلم.