كيف أساعد أطفالي على حفظ القرآن الكريم؟

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

لا شكَّ أن هناك طُرقًا عدَّةً ومتنوِّعة لجعْل الأطفال يُقبِلون على حفْظ كتاب الله تعالى، إلا أنه يَجب الإشارة إلى أنَّ عامل الحبِّ والتَّحبيب والترغيب يَبقى العاملَ الأول والأساس الذي يُمكِن اعتِمادُه في هذا الباب، بعد الدعاء والتوكُّلِ على الله والافتِقارِ إليه - سبحانه - إضافةً إلى أنَّ الوالِدَين قُدوةٌ في المقام الأول للوصول إلى هذه الغاية، مع الصبْر والتحمُّل، والتَّكرارِ الرفيق، والمُتابَعةِ الراشِدة الحانِيَة، والأبُ والأمُّ سواء في هذا العمل، وإن كانت السيِّدة الأمُّ هي الأساسَ الأول في هذا العملِ العظيم عِند الله تعالى، وفيما يلي بعض التوجيهات المساعِدة:1- بركة استماع القرآن للحامِل:ذكَر عدد مِن العلماء في الولايات المتحدة أنَّ الجنين يتأثَّر بكل الحالات التي تكون عليها الأم مِن فَرَح وغضَبٍ، وسعادةٍ وكآبة، فإن هي كانت تَقرأ بصوت مُرتفِع، تأثَّر الجنين بما تقرأ، فكيف إذا كان الذي تقرؤه هو القرآن الكريم، أو كانت تُكثِر مِن سَماعه؟ فإن الراحة التي تَستشْعِرها الأم تعود على جنينها بالخير الكبير، وما يُحدِثه الله تعالى في غَيبه فهو أعظم، ويؤكِّد هذا فضيلةُ الشيخ الدكتور "محمد راتب النابلسي" في قوله : "إنَّ الأم الحامل التي تقرأ القرآن تَلِد طِفلاً مُتعلِّقًا بالقرآن"[1].
2- الاستماع للقرآن وقراءته أثناء فترة الرضاعة:ذكَر العُلماء أنَّ الرضيع يتأثر كثيرًا بالأشياء المحيطة به؛ حيث إنَّ حاسَّة السمْع تكون قد بدأت في استقبال ما يَصدُر نحوها، فيُخزِّن الرضيعُ تلك المفرداتِ، وإنْ لم يَقدِر على توظيفها في هذه الفترة - أيْ فترة الرَّضاعة - فإنه يُوظِّفها فيما بعد، وإذا وفِّقَت المُرضِع إلى الاستماع للقرآن في هذه الفترة، أو تقرؤه بصَوت مسموع، فلا شكَّ أن هذا يؤثِّر على الرَّضيع كثيرًا، ويُسهِّل عليه حفظَ القرآن - بإذن الله تعالى - لذا نرى المولى سبحانه يوصي الأمَّ بأن تُرضِع طِفلَها حولَين كاملَين، ويجعل هذا حقًّا من حقوق الطفل، كما نراه - عزَّ وجل - يَكفُل للأم في هذه الفترةِ الطعامَ والكساء هي ورضيعها، كما جاء في قوله سبحانه: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233].
3- قراءة القرآن أمام الأطفال:كم رأينا مِن طفْل صغير يُحاكي جلوس والدَيه، أو حركات الرُّكوع أو السجود، ومِن ثمَّ فالإكثار مِن قراءة القرآن أمام الأطفال يُحبِّبه إليهم، ويُحفِّزهم على حفْظِه فيما بعْد، إضافة إلى البَركة العظيمة التي يُنزِلها الله تعالى عِند التِّلاوة، فيعمُّ خيرها أهلَ البيت جميعًا، واجتماعُ الأسرة لقراءة القرآن أمرٌ مرغوب محبوب كثيرًا، وفضْله لا يُعد ولا يُحصى.
4- مِن أجمل الهدايا التي تقدَّم للأطفال المصاحف:جُبل الإنسان على حبِّ التملُّك، وطالَما رأينا الأطفال يَلتصِقون بلُعَبهم، ويَحفظونها في مكان معين، ويتعهَّدونها مرَّةً بعد مرَّة، فهذه الغريزة لا بدَّ أن نوظِّفها بشكْل إيجابيٍّ أكبر، ومِن ثمَّ؛ فإن إهداء المصاحف للأطفال في مناسبات مختلفة يجعلهم أكثرَ تعلُّقًا به؛ مما يَدفعهم للإقبال على حفْظ القرآن الكريم دون توتُّر.
5- الاحتفال حين يَختِم أطفالُنا القرآن قراءة:التَّحفيز والترغيب مُحبَّبٌ إلى النفس، وهو في نفْس الأطفال أشدُّ، فكلما وفَّق الله تعالى أطفالَنا لختْم أجزاء مِن القرآن، قدَّمنا له الهدية في حفْل صغير، وهو حدَثٌ لا يُنسَى في حياة الطفل، وفُرصَة يتمنَّى تَكرارها، و يَزيد مِن تعلُّقه بكتاب الله تعالى، إلى أن يصل إلى مرحلة المحبَّة الكُبرى، فالإقبال على الحفظ بحبٍّ وشغفٍ، ودون أوامِر أو تَعنيف.
6 - قصُّ ما ورَد في القرآن الكريم مِن قصص على مَسامع الأطفال:الحكي مُحبَّب إلى نفْس الطفل، وإذا وفِّق الأبوان إلى سرْد ما ورَد في القرآن مِن قصص بأسلوب سهْل ومُشوِّق، واستِخراج العِبر، بطريقة تُسهِّل على الطفل كلَّ ما يَسمعه، لنَختِم ذلك بقراءة النص القرآني التي وردت فيه هذه القصة، فإن ذلك يُسهِم في تعلُّق الطفل بالقرآن، وفي الرغبة في المزيد مِن سماع القصص القرآني؛ بل وحفْظه بكل يُسر، وكل هذا ينمي الرصيدَ اللُّغويَّ القرآني لدى الطفل.7 - المسابقات المحفِّزة على حفظ القرآن الكريم، خصوصًا قصار السور:تَنعقِد هذه المسابقات داخل فضاء المنزل بينه وبين إخوته، أو استدعاء أصدقائه إلى البيت مِن أجْل تشجيع الجميع على الحفْظ، أو استدعاء أبناء الجيران، ويُراعى في هذه الأسئلة أن تَتناسب وسنَّ الصغار؛ كأنْ نسأل الأطفال عن الحيوان الذي استعمَله أبرهة الحبشي في حربه ضد قُريش - أي: الفيل - أو نسأل عن كلمة تدل على السفر مِن سورة قُريش - أي: رحلة - وكذلك السؤال عن فصلَين مِن فصول السنة ذُكِرا في سورة قريش - أي: الشتاء والصيف - أو ذكْر كلمة تدلُّ على الرغْبة في الأكل - أي: الجوع - وكل ذلك بما يُناسِب سنَّ الأطفال ويَحثُّهم على حفْظ كتاب الله تعالى.
8 - نُعلِّم الأطفال في سنواتهم الأولى مِن خِلال القرآن الكريم:نُعلِّم الأطفال الكتابة والقراءة مِن آي القرآن الكريم، والحِساب مِن عدد الركعات، وعِلم الأحياء مما ورد في القرآن مِن ذكْر أصناف الحيوانات، والتاريخ مِن قصص الأمم السابقة، ومَظاهر الكون مما ورَد ذِكرُه في القرآن عن السماء والأرض، والأنهار، والبحار، وغير ذلك، وهذا كله يَزيد مِن تعلُّقهم بالقرآن الكريم.9- البحث عن كلمات القرآن بما يُوافِق سنَّ الأطفال:يَكون الطفل حريصًا في سنواته الأولى على تنْمِيَة رصيده اللغويِّ، ويُحاول أن يتعلم ما استطاع مِن المُفردات، ويُحاول تركيبها مع غيرها، وقد نَغنم هذه الفرصة في مساعدته على تنمية رصيده اللغوي مِن القرآن الكريم، خصوصًا قِصار السور، كأن نسأله عن كلمة قريش في أيِّ سورة توجد؟ وكلمتي التين والزَّيتون، وغيرها؛، مما يَدفعه لحفْظ هذه السور، والرغبة في مَعرِفة المفردات التي تحتويها.
10- نجعل القرآن يُصاحِب الأطفال في غُدوِّهم ورَواحِهم:مثْل أن نُهديَهم مُصحفًا مِن الحجم الصغير، ونُرغِّبهم في حمْلِه معهم، باعتباره مَصدر طمأنينة لهم، وبركة تُصاحِبهم في غُدوِّهم ورَواحِهم، وتَحفظُهم - بإذن الله تعالى - مِن الشرور، فيَزيد تعلُّقهم به، والرغبة في حفْظه في الصدور، مع تعليمهم آداب التعامل مع القرآن الكريم.