7. نقض العهد مع الله عزوجل علامة بارزة من علامات النفاق الموجب للنار ان لم يتاب منه قبل الموت توبة صادقة نصوحاً

لقوله تعالى في سورة التوبة 75- 77

وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ولنكونن من الصالحين *فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ

هذه الآيات الكريمات نزلت في احد المنافقين الذي عاهد الله عزوجل لئن اغناه الله من فضله ليتصدّق وليكون من الصالحين, فأعطاه الله عزوجل من تعيمه ثمّ نقض العهد مع الله وبخل وما وفّى عهده مع الله, وان كانت هذه الآيات نزلت فيه فهي عامة لكل من يعمل عمله الى يوم القيامة, ذلك حقّ الله وعهده وميثاقه أحقّ أن يوفى خاصةً اذا تعلق الأمر بالبخل في الانفاق في دفع الصدقات المستحقة عليه, حتى أنه مال الزكاة رفض أن يدفعه عندما أرسيل اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا طالبه بدفع الزكاة, فحكم الله عليه بالنفاق الى يوم القيامة, ومات على النفاق بعد أن كانت لا تفوته تكبيرة الاحرام خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

8. كل من يتقاعس عن الجهاد في سيبيل الله سواءً بالمال أوبالنفس دون عذر فهو منافق

لقوله تعالى في سورة التوبة 81

فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يُجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.

وان كانت هذه الآية الكريمة نزلت بعد غزوة تبوك الا أنها عامة الى يوم القيامة, وتشمل كل من يتقاعس عن الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله وهو قادر على ذلك ولا يمنعه عذر.

9. النهي عن الصلاة على المنافقين ان ماتوا

لقوله تعالى في سورة التوبة 83

ولا تُصلِّ على أحدٍ منهمْ ماتَ أبداً ولا تقمْ على قبرِهِ , انهم كفروا بالله ورسوله, وماتوا وهم فاسقون

وان كانت هذه الآية نزلت في ابن سلول رأس الشرك والنفاق , الا أنّ هذا حكمٌ عامٌ على كل من عُرفَ نفاقه الى يوم القيامة.

10. . عطاء الله عزوجل للمنافق والكافر ليس نعمة, وانما استدراج

لقوله تعالى في سورة التوبة 85



فلا تُعجبكَ أموالهُمْ ولا أولادهُمْ انما يُريدُ الله ليُعذبهُمْ بها في الحياة الدنيا وتزهقَ أنفسهُمْ وهُمْ كافرون




فالله تبارك وتعالى لا ينظر الى صور عباده ولا الى اجسامهم وانما ينظر الى قلوبهم ذلك ان التقوى محلها القلب, والمال ليس مال العباد وانما مال الله تعالى لذا وجب على من يملك المال ان ينفق في سبيل الله ما استطاع الى ذلك سبيلا.

11. كل من يبني مسجدا ليغيظ به اخوانه المسلمين ويشتت به شملهم فهو منافق

كما في قوله تعالى في سورة التوبة 107

والذين اتخذوا مسجداً ضِراراً وكُفراً وتفريقاً بين المؤمنين وارصاداً لمنْ حاربَ اللهَ ورسولَهُ من قبل, وليحلفُّنَ انْ أردْنَ الا الحسنى , والله يشهدُ انهمْ لكاذبون

وبهذه الآية الكريمة نكون قد أتينا على معظم آيات سورة التوبة والتي نزلت في المنافقين نفاق العقيدة الموجب للخلود في النار, نسالك اللهم أن لا تكتبنا منهم وان ترحمنا برحمتك انك على كل شيء قدير.

النوع الثاني من النفاق يُطلقُ عليه نفاق السلوك

وهذا النفاق هو النفاق السائد في أيامنا هذه وبشكل منقطع النظير, وهو على ثلاث أو أربع شعب, حيث في هذا النوع من النفاق روايتين صحيحتين عن النبي صلى الله عليه وسلم’ , احدهما برواية البخاري ومسلم وأحمد رحمهم الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

آيةُ المنــــافقِ ثلاثةً وانْ صلى وصــأمَ وادّعى أنه مسلم , اذا حدّث كذب, واذا وعدَ أخلف, واذا أؤتمن خان.

وهناك حديثٌ آخر رواه البخاري ومسلم رحمهما الله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

أربعُ مَنْ كُنَّ فيه كان منافقا خالصاً, ومن كان فيه خصلة منها كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها (أي يتوب منها توبةً نصوحاً):

اذا حدّث كذب, واذا وعد أخلف, واذا أؤتمن خان , واذا خاصم فجر.

وهذه الصفات الثلاث او الاربع ان اجتمعت في سلوك ابن أدم اهلكته وحولته من مسلم الى منافق والعياذ بالله وان صلى وصام وادعى انه مسلم, ذلك أن الكذب يهدي الى الفجور والفجور يهدي الى النار, وما سمي مسيلماً كذابً الا لأنه فجر بكفره, ولا يوجد في الاسلام كذباً اسودا أو كذبا أبيضاً, فالكذب في دين الله عزوجل كله كذب, ومن يتعود الكذب فقد تجرد من الايمان كما في الحديث: المؤمن لا يكذب

وكان احد الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم قد تعرّض من اصحابه الى سؤال قالوا له: صفْ لنا أبيك, فقال في ابيه كلمة لخصّت حياة ابوه كله ليعطي عنه انطباع المؤمن الحق فقال: ما كذب ابي قط.

فالكذب حرام، ولا يرخص فيه إلا لضرورة أو حاجة، ويجب أن يكون ذلك في أضيق الحدود،بحيث لا توجد وسيلة أخرى مشروعة تحقق الغرض.

وقد صح في الحديث جواز الكذب لتحقيق مصلحة أو دفع مضرةلما روىالبخاري ومسلمرحمهما الله من حديثأمكلثومبنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس فيُنَمِّي خيرا أو يقول خيرا ,ولم أسمعه يُرخص في شيءٍ ممّا يقول الناسإلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأةزوجها

والنوع الثالث من النفاق هو الرياء, والرياء هو مراءاة الناس بالعمل, واي عمل لأجل الناس فلا ثواب له لأنّ العمل المتقبل يحتاج الى اخلاص مطلق لله عزوجل.

نسأله تعالى أن يجعلنا برحمته من المؤمنين الصادقين المخلصين والمرضي عنهم في الدنيا والآخرة, ومن وجد في نفسه خصلة من خصال النفاق فليبادر الى التوبة منها توبة نصوحا لا يعود اليها ابدا, والتوبة النصوح نوعان: النوع الأول من التوبة تتعلق بحق الله عزوجل وشروطها ثلاث: الاقلاع عن الذنب, والندم على ما فعل, وعدم العودة للذنب الذي تاب منه

والنوع الثاني من التوبة يتعلق بحق العباد وهو أربعة شروط, الثلاثة السابقة اضافة لاعادة حق العباد من دَيْنٍ وحقٍّ مسلوب, وقذفٍ بالزنا, وغيبة ونميمة , وما الى ذلك من سلوكيات مشينة تفسد بين المسلمين.

وإذا مات الإنسان وعليه دين لغيره وجب أن يقوم ورثته بسداد الدين قبل توزيع التركة كما في قوله تعالى في آية المواريث النساء 114

من بعد وصية يوصي بها او ديْن

هذا اذا كان للميث ميراث ما يفي به سد الدين, فان لم يوجد فليس على الورثة من شيء, وان كان الأولى على الورثة سداد دينه حتى تنزل عليه الرحمة فروحه لا تزال محبوسة عنه حتى يُسدُّ الدين, ويمكن لأهله أن يتصدقوا بسداد دينه عنه حتى يرحمه الله, واذا كان الميت قد نوى قبل موته بأن يسد ديونه ومات قبل أن يوفي فالله عزوجل يوفي عنه, وان لم ينوي ومات قبل أن يوفي فعلى الورثة الوفاء عنه لما رواه الامام البخاري رحمه الله أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال

من أخذ أموال الناس يريد آداءها ادّى الله عنه, ومن أخذها يريد اتلافها أتلفه الله.

وروي الامام مسلم رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين
فيسأل: هل ترك لدينه قضاء؟ فان حدث أنه ترك وفاء صلى عليه, والا قال: صلوا على صاحبكم, فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم, فمن توفي وعليه دين فعليّ قضاؤه, ومن ترك مالا فهو لورثته.