تعد دولة الإمارات من أنجح الدول العربية في تنظيم واستضافة المؤتمرات، وهذا مؤشر جيد على حسن استثمار الموارد والامكانات التي وفرتها الدولة في صناعة لها وزنها الثقيل في العالم اليوم، وهي صناعة المؤتمرات. وكم كانت سعادتي كبيرة باتصال من صديق عزيز عليّ من إحدى دول الخليج الذي قدم إلى الإمارات من الولايات المتحدة الأميركية كي يشارك في أحد المؤتمرات العلمية المتخصصة، والذي نظم قبل فترة قريبة في إحدى إمارات الدولة. وكعادتنا اجتمعنا مع عدد من المشاركين في المؤتمر على عشاء للتسامر وتنشيط ذاكرة العلاقات التي تجمعنا، وفي أثناء العشاء سألتهم عن رأيهم في المؤتمر، وهنا كانت الصدمة الكبيرة.
لقد أثنى زملائي جميعا على حسن تنظيم المؤتمر، وما توفره الدولة من بنية تحتية عالمية لاستضافة المؤتمرات العالمية، وقال أحدهم: لا يختلف المؤتمر كثيراً عن المؤتمرات التي نشارك فيها في الدول المتقدمة إن لم يكن أفضل منها من حيث التجهيزات والإمكانات المتاحة ولكن، وهنا كانت الصدمة عندما سأل أحدهم أين هم علماء الإمارات ؟ فقلت له: ماذا تقصد؟ فأجاب بكل صراحة: نحن هنا منذ ثلاثة أيام، ولم نر أحداً يلقي محاضرة من أبناء الإمارات. فقلت له: ربما لا يوجد من أهل الإمارات من هو متخصص في أعمال هذا المؤتمر. ضحك الجميع وقالوا لي: عندكم في جامعة الإمارات زملاء لنا في التخصص معروفون على مستوى العالم. هنا اعتدلت في الجلسة من الفرح، وقلت لهم كيف تعرفون هذا الأمر؟ قال أحدهم لقد شاركت في بلدي في دورة متخصصة نظمتها الجمعية العلمية المتخصصة في الولايات المتحدة، وكان من يمثل هذه الجمعية المتخصصة مواطن من أهل الإمارات تعاقدت معه أميركا كي نتعلم منه هذا التخصص، وقد استغربنا أنه لم يدع للمشاركة في مؤتمر يعقد في وطنه! فقلت لهم: وهل هناك من سبب واضح لهذا التجاهل؟ وهنا كان الجواب الذي لم أتصوره، حيث كان ردهم كالتالي: اللجنة العلمية للمؤتمر كل أعضائها وافدون يمثلون الأغلبية من المقيمين في الإمارات، وهؤلاء وجهوا دعوات للمشاركين من بلدهم كي يكونوا ضيوف شرف لهذا المؤتمر، الذي لم يقدموا فيه أمراً جديدا لا نعرفه نحن أهل الاختصاص، وقد استغربنا من جلسات تعقد لا نخرج منها بفائدة تذكر. وهنا علق أحدهم لو سألني أحد عن رغبتي في المشاركة بهذا المؤتمر في دورته القادمة، فإن جوابي سيكون بالرفض لقلة الفائدة العلمية من هذا المؤتمر. وهنا أكتفي بهذا القدر من الحديث الذي جرى بيني وبين ضيوف بلدي الكرام، ولكن أود مشاركتكم بعض الأفكار التي دارت في خاطري.
من الأمور التي نفخر بها نحن أهل الإمارات قدرتنا على الوصول للعالمية في أمور كثيرة منها عملية تنظيم المؤتمرات التي نستورد لها كافة الامكانات المادية كي نرقى للعالمية من حيث البنية التحتية للمؤتمرات، ولكن هذا الفخر لن يطول كثيراً ما لم نتمكن من إقحام أهل الاختصاص من أهل الإمارات في اللجان التحضيرية للمؤتمرات، نعم من أبناء الإمارات اليوم من أنفقت عليهم الدولة كثيرا وتم ابتعاثهم إلى أرقى الجامعات، وأصبحوا نجوماً معروفين في تخصصهم على الصعيد العالمي، فما المانع من ترؤسهم لجان الإعداد العلمية لهذه المؤتمرات، أو حتى أن يكونوا أعضاء لفرز واختيار الجهات وأهل الاختصاص المشاركين في مثل هذه المؤتمرات، لأن الوافد مهما كان موقعه من الإعراب فإنه يحن لأبناء وطنه كي يقدمهم للعالم من خلال هذه المؤتمرات، وهنا يضيع أبناء الوطن في صراع علمي، لأن بيئة العلم الموضوعية لها اشتراطاتها التي استطاع أهل الإمارات تحقيقها باعتراف أهل العلم في العالم بهم فكيف لا يعترف بهم من قبل البعض في دولتهم .
التقدم الذي وصلت إليه الإمارات لن يتواصل ما لم يقف أبناء الوطن من ورائه، وهنا لا ننكر دور خبراء العلم من العالم كله، ولكن لا ينبغي تحت أي ظرف إهمال الكفاءات المواطنة.
المصدر : جريدة الأتحاد 4/6/2009
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?