سلوا عن الشوق من أهوى فإنهـم


سلوا عن الشوق من أهوى فإنهـم … أدنى إلى النفس من وهمي ومن نَفَسي

مازلت ـ مذ سكنوا قلبي ـ أصون لهم … لحظي وسمعي ونطقي إذ همو أنســي
حلُّوا الفؤاد فما أندى! ولو وطئوا … صـخـرا لجاد بماء منه مُـنْبـَجِـسِ
وفي الحشا نزلوا والوهم يجرحهم … فكيــف قرُّوا على أذكى من القبــس
لأنهضَنَّ إلى حشري بحبهمُ … لا بارك الله فيمن خانهم فَنَسِي


الأبيات أعلاه تنتمي من حيث الرؤية واللغة إلى الشعر الصوفيّ. يشكل الشعر الصوفي جزءًا متميزًا من شعر الرمز الديني المكتوب في اللغات العربية والفارسية والتركية. ويمكن فهمه من خلال ثنائية الرؤية واللغة.


فهو شعر يعبر عن رؤية داخلية تنبثق عن فهم ناظميه للآية الكريمة ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾ ق:16. وبناءً على هذا الفهم، جاءت قصائدهم محملة بالوجد والحنين إلى المزيد من القرب من الذات الإلهية وشخص الرسول عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم. كما أن نصوصهم الشعرية تُظهر الأطوار التي مرت بها رؤيتهم الصوفية. فمن مجرد حب للذات الإلهية تغلبُ عليه العفوية والبساطة، رغبة في الحلول والاتحاد بالذات الإلهية وانتهاءً بمفارقة الجمع بين الاتحاد والانفصام أو (الفناء والبقاء). وهي شطحات صوفية منحرفة عن منهج العقيدة الصحيحة.


أما على مستوى اللغة وبنية القصيدة، فإن الشعر الصوفي يعكس تجاوز الكلمة لمعناها المعجمي، ويُكْسِبها مدلولات جديدة تحتمل التأويل. ويظهر تسامي الشعراء المتصوفة بعنصر النسيب في القصيدة التقليدية إلى الغزل في الذات الإلهية.