شعر ل أبو فراس الحمداني


أراكَ عصيَّ الدَّمْعِ شيمَتُكَ الصَّبْرُ = أما لِلْهَوى نَهْيٌ عليكَ و لا أمْرُ؟
بَلى، أنا مُشْتاقٌ وعنديَ لَوْعَةٌ = ولكنَّ مِثْلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ!






أوصيك بالحزن ولا أوصيك بالجلد = جل المصاب عن التعنيف والفند
إنى أجلك أن تكفى بتعزية = عن خير مفتقد ياخير مفتقد






صاحبٌ لمَّـا أساءَ = أتبعَ الـدَّلوَ الرشاءَ
ربَّ داءٍ لا أرى منــ = ــهُ سوى الصبرِ شفاءَ






كانَ قضيباً لهُ انثناءُ = و كانَ بدراً لهُ ضياءُ
فَزَادَهُ رَبُّهُ عِذَاراً = تَمّ بِهِ الحُسْنُ وَالبَهَاءُ






أيَا سَيّداً عَمّني جُودُهُ، = بِفَضْلِكَ نِلْتُ السَّنَى وَالسَّنَاءَ
و كمْ قد أتيتكَ من ليلة = ٍ! فنلتُ الغنى وسمعتُ الغناءَ






أقَنَاعَة ً، مِنْ بَعدِ طُولِ جَفاءِ، = بدنوِّ طيفٍ منْ حبيبِ ناءِ!
بأبي وأمي شادنٌ قلنا لهُ = : نَفْدِيكَ بِالأمّاتِ وَالآباءِ






أما يردعُ الموتُ أهلَ النهى = وَيَمْنَعُ عَنْ غَيّهِ مَنْ غَوَى !
أمَا عَالِمٌ، عَارِفٌ بالزّمانِ = يروحُ ويغدو قصيرَ الخطا






كأنما تساقطُ الثلجِ = ـجِ بِعَيْنَيْ مَنْ رَأى
أوراقُ وردٍ أبضٍ = وَالنّاسُ في شَاذكُلَى






أتَزْعُمُ أنّكَ خِدْنُ الوَفَاءِ = وَقد حجبَ التُّرْبُ من قد حَجَبْ
فإنْ كنتَ تصدقُ فيما تقولُ = فمتُ قبلَ موتكَ معْ منْ تحبْ






أَسَيْفُ الهُدَى ، وَقَرِيعَ العَرَبْ = علامَ الجفاءُ * وفيمَ الغضبْ***؟
وَمَا بَالُ كُتْبِكَ قد أصْبَحَتْ = تنكبني معَ هذي النكبْ






للهِ بردٌ مـا أشــ = ـدَّ ومنظرٌ ما كانَ أعجبْ
جَاءَ الغُلامُ بِنَارِهِ = حمراءَ في جمرٍ تلهبْ






تُقِرّ دُمُوعي بِشَوْقي إلَيْكَ = و يشهدُ قلبي بطولِ الكربْ
وإني لَمُجْتَهِدٌ في الجُحُودِ = ، وَلَكِنّ نَفْسِيَ تَأبَى الكَذِبْ






و ما أنسَ لا أنسَ يومَ المغارِ = محجبة ً لفظتها الحجبْ
دَعَاكَ ذَوُوهَا بِسُوءِ الفِعَالِ = لِمَا لا تَشَاءُ، وَمَا لا تُحِبّ






الشّعرُ دِيوانُ العَرَبْ، = أبداً ، وعنوانُ النسبْ
لَمْ أعْدُ فِيهِ مَفَاخِري = و مديحَ آبائي النجبْ






لنْ للزمانِ ، وإنْ صعبْ = وَإذَا تَبَاعَدَ فَاقْتَرِبْ
لا تَكْذِبَنْ، مَنْ غَالَبَ الـ = أيامَ كانَ لها الغلبْ






ألا إنّمَا الدّنْيَا مَطِيّة ُ رَاكِبٍ = عَلا رَاكِبُوها ظَهْرَ أعوَجَ أحدَبَا
شموسٌ متى أعطتكَ طوعاً زمامها = فكُنْ للأذى مِنْ عَقّهَا مُتَرَقِّبَا






منْ كانَ أنفقَ في نصرِ الهدى نشباً = فأنتَ أنفقتَ فيه النفسَ والنشبا
يُذكي أخوكَ شِهَابَ الحرْبِ مُعتمداً = فَيَسْتَضِيءُ، وَيَغشَى جَدُّكَ اللّهَبَا






أتَزْعُمُ، يا ضخمَ اللّغَادِيدِ، أنّنَا = وَنحن أُسودُ الحرْبِ لا نَعرِفُ الحرْبَا
فويلكَ ؛ منْ للحربِ إنْ لمْ نكنْ لها = ؟ ومنْ ذا الذي يمسي ويضحي لها تربا؟






نُدِلّ عَلى مَوَالِينَا وَنَجْفُو = و نعتبهمْ وإنَّ لنا الذنوبا
بِأقْوَالٍ يُجَانِبْنَ المَعَاني = و ألسنة ٍ يخالفنَ القلوبا






أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا = و نارُ ضلوعهِ إلا التهابا
و منْ حقِّ الطلولِ عليَّ ألا = أُغِبَّ مِنَ الدّموعِ لهَا سَحابَا






أتَعجَبُ أنْ مَلَكنَا الأرْضَ قَسْراً = وَأنْ تُمْسِي وَسَائِدَنَا الرّقَابُ؟!
و تربطُ في مجالسنا المذاكي = و تبركُ بين أرجلنا الركابُ؟






احذرْ مقاربة َ اللئامِ ! *فإنهُ = ينبيكَ ، عنهمْ في الأمورِ ، مجربُ
قومٌ ، إذا أيسرتَ ، كانوا إخوة = ً و إذا تربتَ ، تفرقوا وتجنبوا






قَنَاتي عَلى مَا تَعْهَدَانِ صَلِيبَة = ٌ، وعودي ، على ما تعلمانِ صليبُ
صبورٌ على طيِ الزمانِ ونشرهِ = ؛ و إنْ ظهرتْ للدهرِ في ندوبُ






أقرُّ لهُ بالذنبِ ؛ والذنبُ ذنبهُ = وَيَزْعُمُ أنّي ظَالِمٌ، فَأتُوبُ
وَيَقْصِدُني بالهَجْرِ عِلْماً بِأنّهُ = إليَّ ، على ما كانَ منهُ ، حبيبُ






أسَاءَ فَزَادَتْهُ الإسَاءَة ُ حُظْوَة = ً، حَبِيبٌ، عَلى مَا كَانَ مِنهُ، حَبِيبُ
يعدُّ عليَّ العاذلونَ ذنوبهُ = وَمِنْ أينَ للوَجْهِ المَلِيحِ ذُنُوبُ؟






أبِيتُ كَأني لِلصَّبَابَة ِ صَاحِبُ، = و للنومِ مذْ بانَ الخليطُ ، مجانبُ
وَمَا أدّعِي أنّ الخُطُوبَ تُخِيفُني = لَقَدْ خَبّرَتْني بِالفِرَاقِ النّوَاعِبُ






أرَاني وَقَوْمي فَرّقَتْنَا مَذَاهِبُ، = و إنْ جمعتنا في الأصولِ المناسبُ
فأقْصَاهُمُ أقْصَاهُمُ مِنْ مَسَاءتي، = وَأقْرَبُهُمْ مِمّا كَرِهْتُ الأقَارِبُ






إنّ في الأسْرِ لَصَبّاً = دمعهُ في الخدِِّ صبُّ
هُوَ في الرّومِ مُقِيمٌ، = ولهُ في الشامِ قلبُ






زماني كلهُ غضبٌ وعتبُ = و أنتَ عليَّ والأيامُ إلبُ
وَعَيْشُ العالَمِينَ لَدَيْكَ سَهْلٌ، = و عيشي وحدهُ بفناكَ صعبُ






لَقَدْ عَلِمَتْ قَيْسُ بنُ عَيلانَ أنّنا = بنا يدركُ الثأرُ الذي قلَّ طالبهْ
وَأنّا نَزَعْنَا المُلْكَ مِن عُقْرِ دَارِهِ = و ننتهكُ القرمَ الممنعَ جانبهْ